الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الطائفية، حاضنة فكرية للارهاب
حسين القطبي
2014 / 1 / 6الارهاب, الحرب والسلام
اعجب من بعض المحللين الذين يشيعون ان لا مشاعر طائفية لدى الشعب العراقي، ثم يتهمون المالكي بانه يلعب على الوتر الطائفي من اجل تحقيق مكاسب انتخابية!!
اي لا اعرف كيف يفسرون ان الطائفي، الذي يستغل "النفور والتضاد بين عناصر المجتمع العراقي" يحصد اكثر الاصوات ويستحوذ على الاغلبية الانتخابية، ثم يعارضون ان تكون هذه الاغلبية من الجمهور تتحرك سياسيا، وتفكر، على اساس من المشاعر الطائفية؟
اي انهم يثبتون وجود ما ينفون وجوده، اما لحسن نية، او تخوفا من هجوم وتسقيط الشعاراتيين والمزايدين بالوطنية.
وبنفس الدرجة من الغرابة، اجد من يقف في الخندق المقابل، فمع نفي تفشي المشاعر الطائفية، يجدون ان الاحداث التي تشل محافظة الانبار ، وتتستنفر الدولة الان، هي بتحريك من "قوى طائفية"،
ربما يعتقد هؤلاء المثاليين ان انكار الحقائق وتناسيها، مهما كانت واضحة للعيان، هي افضل طريقة لحل المشاكل، وانا اعتقد ان هؤلاء الاخوة يمارسون عملية ايهام الذات، وخداع النفس، وهم لم يفشلوا في علاج هذه الظاهرة المستفحلة، "الطائفية" فقط، بل ساهموا دون دراية بترسيخها وتجذيرها اكثر في العقل الجمعي للمجتمع العراقي، وهم اشبه بمريض ينكر انه يعاني من القروح فقط من اجل ان لا يحس الالم..
قد ترى بين هؤلاء الاخوة من يعتقد ان العالم لا يعدو سوى فكرة تمر في مخيلته، ولذلك فبامكانه تغيير ملامح الكون من خلال التخيل، والتوهيم الذاتي، ورسم صور منمقة للاشياء، تحاكيها ولكن بنهايات سعيدة. وهذا التصور ربما يعزى الى تركيبة سايكولوجية خاصة تميز الفرد بذاته، قد تساهم في تخفيف حدة التوتر النفسي، ولكنها بالتاكيد ليست الدواء الناجح للامراض الاجتماعية كما يتصورون.
الاكثر خطورة هو ان هذه الديماغوجية التي يمارسها الاعلامي ضد الذات، ويعممها على المتلقين، تصبح فكرة اجتماعية سائدة، لما تحضى به وسائل الاعلام الحديثة من سطوة على العقل الجمعي اليوم، فيصاب المجتمع بمرض المثالية، والتوهم بامكانية تغيير الظواهر السلبية بمجرد ان نتخيل عدم وجودها، ونوهم انفسنا باننا بعيدين عنها.
وقد كان لموقف هؤلاء الرهط من الكتاب والمحللين تداعيات سلبية على عملية تشخيص الداء الاجتماعي المتفشي هذا، فقد تسللت الحمى، تحت غطاء انكار وجودها، الى نظام المحاصصة الادارية، ثم الى الدستور، حتى ترسخت في لاوعي المواطن العراقي، واليوم تعد هي المحرك الاساسي للصراعات الداخلية.
وبالعودة لاحداث الانبار، فان القتال الدائر هنا هو نتيجة منطقية لحالة الشد التي لم تسترخ منذ سقوط النظام الديكتاتوري الى الان. ولو كانت النخب السياسية في العراق قد وعت خطورة التخندق الطائفي هذا في العام 2003 لتجنب العراقيون اليوم هذه الاحداث
المأساوية.الا ان الحكومات العراقية التي تعاقبت، كانت تتتبع سياسة ترحيل الازمات، وتأجيل الحلول للمشاكل العالقة انذاك، ففوجئنا اليوم بتحول ماكان انذاك "ازمات"، الى "مشاكل" الان، تهدد النسيج الاجتماعي العراقي،
فابتداءا من دولة السيد ابراهيم الجعفري الى اليوم، لم تقدم الدوائر المعنية اية مبادرة، ولم تتقدم باي حل، او اي تطوير على النظام الاداري العراقي، من حدود الاقضية والنواحي، وعائدية القرى اداريا، وصولا الى تبني النظام الفيدرالي، وهذا ما سمح بتمرير دستور "حمال اوجه" غير واضح المعالم.
وما تزال الحكومة تكرر، بعد كل هذه الدروس، سيناريو واحد اثبت فشله، وهو الحل العسكري، وتنكر دور الحواضن الفكرية، ومازال الاعلاميون الحكوميون يتباهون بفيديوهات القصف الجوي على مراكز الارهابيين، واعترافات من يسقط منهم في قبضة العسكر، ويجدون هذا التخدير افضل من الاعتراف بالمشكلة الحقيقية.
سياسة ترحيل الازمات ماتزال "خيار" الحكومة في مواجهة مشاكل المجتمع العراقي، والخوف من نظام اداري جديد متطور هو الهاجس الاول لاعلاميي السلطة، وانكار الحقائق من اجل التوهم بعدم وجودها يسيطر على فكر بعض المثقفين، تماما كما كان الوضع عليه في يوم سقوط النظام الديكتاتوري، فاذا كانت تبعات هذه السياسة، التي بدأت مع بداية الحقبة البريمرية هو ما نحصده اليوم، فماذا سيحصد ابناء العراقيين بعد عشر سنوات من انتهاء الحقبة المالكية؟
الانواء السياسية تشير الى ان الغيوم الحمراء المحملة بالمطر ما تزال تلبد الاجواء، وان رشقات الدم لن تنقطع، وذلك بسبب المنخفض الطائفي الذي يمر فوق المنطقة، ومازال الاخوة ألمثاليون يرفضون رفع المظلات، او حتى الحديث عن الجو.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز