الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تأريخ الحركة الأنصارية...من تأريخ الكفاح المسلح ...كتاب جديد لفيصل الفؤادي

نجم خطاوي

2014 / 1 / 7
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


في حكمة القلم, قالت العرب قديما, " القلم مطلق في الشاهد والغائب, للغابر الحائن, مثله للقائم الراهن ".
الكاتب النصير فيصل الفؤادي في كتابه الجديد " من تاريخ الحركة الأنصارية....من تأريخ الكفاح المسلح لأنصار الحزب الشيوعي العراقي 1978- 1989", أراد أن يكون شاهدا, وموثقا لشهادته بقلمه, لزمن حائن عايشه, وأعطى في سبيله, مثله مثل صحبته الأنصار, الكثير من سنوات شبابه وعصارة جهده. ضم الكتاب 464 صفحة من الحجم الكبير, مع ملحق من الصور التي وثقت أحداث الكتاب, والكتاب صادر في 2013 عن دار الرواد المزدهرة في بغداد.
لم يكن الكتاب هذا هو الوحيد الذي أصدره فيصل الفؤادي, فقد سبقه في عام 2004 بإصدار كتابه"مذكرات نصير", ثم في عام 2010 بإصداره كتاب " الحزب الشيوعي العراقي والكفاح المسلح".
لا أدري لماذا تذكرت وأنا أشرع بقراءة الكتاب, حديث صديقي الشاعر الذي لم يغادر العراق يوما, حين أسر لي بأنه يستمتع بقراءة الشعر السويدي, وحكمته ان هذا الشعر له نكهة وعالم وأحاسيس تختلف عن المألوف في الشعر, وبحكمة طقس وطبيعة البلد.
قلت لنفسي بأني ربما لن أستمتع بالقراءة, ولن أشبه صديقي الشاعر, لسبب واحد فقط , كوني من "أهل الحي".... وأقرأ في كتاب كتبه واحد من "أهل الحي". فقد عشت سنواتي السبع في خضم هذه الحركة والأجواء التي صورها وعكسها صديقي في الجبل الكاتب والنصير فيصل الفؤادي.
لكن هذا الشعور تلاشى تدريجيا وأنا أمر على الفصول التسعة عشر والخاتمة, ومن ثم الصور الحية للطيبات والطيبين الذين جمعتنا سوية تلك الأيام والليالي, وسط الضنك والوجع والأحلام الجسورة. أقدر الصعوبة الكبيرة التي واجهت الكاتب وهو يشرع في الاعداد لكتابة فصول هذا الكتاب, حيث التشابك في الأهمية والمعنى لكل الأحداث والفصول, حتى يحار الانسان في اختيار الذي يبدأ به والذي ينتهي اليه. ولكنه على كل حال يلجأ للتوثيق الزمني مبتدأ فصله الأول بالحديث عن التلازم الوثيق بين موضوع الجبهة الوطنية وموضوع الجبل, وهو محق تماما هنا, للتلازم بين هذين الحدثين, حيث أن خراب الجبهة وتداعيات الأحداث التي تلتها, ارتبطت بشكل وثيق للخيارات السياسية والعسكرية التي رافقت اختيار الكفاح المسلح كوسيلة نضالية من قبل الجمهرة الواسعة التي اكتوت وذاقت مرارة أحداث العنف السياسي والاضطهاد منتصف عام 1978 وما تلاه, والتي التجأت للجبل من داخل الوطن وخارجه, ومن ثم تبنيه كموقف سياسي وفكري من قبل الحزب الشيوعي العراقي. وفي هذا الموضوع وجدت أن الكاتب قد سعى منحا أكاديميا في الخوض بتفاصيل تاريخ وزمان وشخوص توثيق بدايات الحركة الأنصارية, وكان يمكنه رغم أنه ليس بدارس أكاديمي, أن يصل الى استنتاجاته الشخصية هو نفسه في اقتراح أو تثبيت تاريخا ومكانا وشخوصا لهذا الحدث المهم.
وفي كل الأحوال فأنه قد أفادنا الكثير في الخوض في تفاصيل هذه القضية.
ومن هنا أنطلق لتثبيت ملاحظة عن صعوبة الكتابة المنهجية في البحث والإعداد لكتابة كتابا توثيقيا يؤرخ لفترة أحد عشر عاما ممتلئة بزخم وكثافة وتنوع الأحداث, ودون وجود مرشد وموجه أكاديمي يمكن الرجوع اليه في المشورة, وكما يفعل الدارسون في الأكاديميات الدراسية. لكن هذا الموضوع لم يمنع الكاتب الفؤادي من الاستعانة وبتواضع بالكثير من الذين رافقوه في هذه المسيرة, مستزيدا من معلوماتهم وكتاباتهم وملاحظاتهم, عارضا عليهم أحيانا ما يكتبه في انتظار أن يقولوا قولتهم فيه, عدى عن كونه لم يدعي مرة باكتمال ما يكتبه أو كونه يحترف الكتابة, بل كان يؤكد في كل مرة بأنه حريص على تسطير هذا التاريخ, خوفا من ضياعه, ولأن الحركة هذه تستحق أن يكتب عنها المزيد, قياسا بالذي كتب ونشر.
التمهيد والمقدمة كانا ضروريان لولوج فصول الكتاب, ورغم أنه قد تحدث عن تفاصيل مهمة في تكتيك الأنصار العسكري, كعمليات الكر والفر, والاقتحام والدفاع والكمائن¸وغيرها التي كان من الممكن أن يفرد لها فصلا خاصا. ومن الذي أسعدني في الكتاب أني وجدت الكاتب موضوعيا في بعض الأحيان وهو يسرد بعض الأحداث التي تباينت الآراء حولها, موضحا لاختلاف وجهات النظر, وكان يمكنه أن يصل لأمد أطول في حال اصداره هو لأحكامه ووجهات نظره من هذه الأحداث, باعتباره كان شاهدا على الكثير من التفاصيل. ورغم أن الكاتب أراد أن يوثق لتاريخ الحركة الانصارية الذي كان من ضمن أنصارها, إلا أن هذه القضية لم تمنعه من توثيق الكثير من طقوس الحركة وتفاصيل المكان كالمدن والقصبات والقرى, والتي أخذ القارئ معه في نزهة جميلة لجمالها وطقوس حياة أهلها والظروف التي مرت بها, وكذلك الناس الذين رافقوا هذه الحركة, وبغض النظر عن تكوينهم الفكري, فهو يحدثنا عن الحركات السياسية المسلحة وأفرادها وتوجهاتها ومواقفها, وعن الأحداث التاريخية التي مرت في تلك الحقبة الزمنية, وهي أحداث بالغة الدلالة.
في فصل " العمليات العسكرية للأنصار" وهو أطول فصول الكتاب "142" صفحة, يستعين الكاتب بالنشرات الدورية للأنصار والصحف والمجلات الانصارية والحزبية الشيوعية, التي أرخت لهذه العمليات بتفاصيلها, وكذلك بالمعلومات الشخصية المكتوبة, والتي سمعها من رفاقه الذين رافقوه في الجبل, وكذلك خزينه الشخصي من تجربته هو كنصير واكب بعضا من فصول هذه الحركة.
ان هذا الجهد في التوثيق ضروري ومهم وله دلالات تاريخية, ورغم أن كتابا قد صدر في العراق لأحد الأشخاص حاول توثيق هذه الأحداث والتفاصيل, إلا أن هذا الفصل تبقى له أهميته ومغزاه, وكان يمكن أن يكون أكثر تنظيما وترتيبا في حال تبنى الكاتب لشكل معين في التوثيق هنا, كأن تؤرخ العمليات وفقا لزمن حدوثها, أو وفقا لمكان حدوثها, أو حتى وفقا للقواطع والباتاليونات والسرايا والفصائل التي قامت بها, وأن تكون متسلسلة وسهلة الفهم للقارئ, ورغم ادراكي صعوبة تحقيق ذلك, والذي يستدعي ربما اصدار كتابا خاصا عن هذا الموضوع. لقد حرك الفؤادي الركود في البركة وهو يصدر مؤلفه هذا, وأقصد قصورنا البدون أعذار في النكوص في الكتابة عن الحركة التي عايشناها, وسد الفراغ الكبير في معلومات القارئ عن هذه الفصول بكل تراجيديتها وغرابتها. وكتابه الجديد هذا يحتاج منا جميعا القراءة بروية وصبر, وسيكون المفيد المفيد أن نصوب للكاتب بعضا من المعلومات التي ربما اضطر لكتابتها لأنه لم يجد المصادر الكافية عنها, وسنعين الكاتب كثيرا في أن نوسع حواره وقصه بإضافة ما يفيد السرد من معلومات عن الأحداث والمواقف والأماكن والاستذكار. ان الكتابة التاريخية والوثائقية تكتب لأكثر مرة, وبالتأكيد فأن المرات التالية التي تكتب فيها ستكون أكثر حلاوة وغنى ومضمونا عن المرة الاولى التي تكتب فيها.أقدر للصعوبات الكبيرة التي مرت على الفؤادي وهو يكتب سيرة هذه الحركة, وخصوصا قلة المصادر, وصعوبة الحصول عليها, وعدم تفرغه تماما لموضوع الكتابة, ناهيك عن كونه ليس محترفا للكتابة ككاتب. أملي أن تتجاوز الطبعة المنقحة القادمة بعضا من الأخطاء الفنية الطباعية, وبعضا من مشاكل اللغة من نحو وصرف, وبعضا من التكرار الغير مقصود, وأن تكون قد استفادت من ملاحظات ووجهات نظر الانصار والقراء الذين استمتعوا بقراءة هذا السرد الحكايتي الممتع.
التهنئة لك صديقي فيصل الفؤادي لأنك اجتهدت وثابرت في اصدار كتبك الثلاثة التي أغتتنا و أزادتنا معرفة ومتعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو