الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتاتورية بصبغة ديمقراطية

محمد فريق الركابي

2014 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


من الثابت ان أي عملية بناء لا يمكن ان تتم دون وجود اساس قوي قادر على تحمل الظروف التي يتعرض لها و ان أي خلل في هذا الاساس يؤثر تلقائيا على ما يبنى عليه و ان هشاشة هذا الاساس و ضعفه يعني ان البناء كان على رمل او ماء و بالتالي خساره للجهد و المال و الوقت و مما لاشك فيه ان هذا الامر ينطبق على الناحيه الاجتماعيه فلا يمكن ادراج مبدأ دون وجود مجتمع قادر على التعامل والتعايش معه او بعباره ادق دون وجود وعي حقيقي تجاه هذا المبدأ و معرفة ان كان هذا المبدأ صحيح ام خاطئ و معرفة ما يمكن ان يستفيد منه اذا ما تم تطبيقه و اعتماده كمبدأ اجتماعي و عدم التعامل معه من قاعدة ان لم ينفعني فهو لا يضرني ذلك لان المبادئ الاجتماعيه اما ان تكون نافعه للجميع او ضاره للجميع و لكن ذلك يعتمد بالدرجه الاساس على درجة وعي ذلك المجتمع و رغبته الحقيقيه في التقدم و التطور و الرقي و هنا نجد ان الوعي و الثقافه هما الاساس الذي تبنى عليه المبادئ الحقيقيه التي يستطيع من خلالها المجتمع التقدم نحو الافضل.

ان بداية حديثنا تتطابق مع ما يعيشه العراق منذ العام 2003 و حتى هذه اللحظه خصوصا و ان الديمقراطيه كانت سببا من اسباب الحرب في محاوله لوجود هذا المبدأ في عراق المستقبل الذي يجب ان يكون مواكبا للحياة التي يعيشها العالم و بالفعل بدأ العمل على اساس ان الديمقراطيه مبدأ من المبادئ الحقيقيه التي ستكون اساس للعمل السياسي و الحياة الاجتماعيه و لكن و في الوقت نفسه نجد الديمقراطيه الناشئه اصطدمت بواقع الشعب العراقي الذي لا يعرف عن الديمقراطيه سوى الاسم او بالاحرى الغالبيه من الشعب كانت من هذا النوع خصوصا و ان الشعب كان يهتم بمن سيوفر له الحياة الكريمه بصرف النظر عن الوسيله بمعنى ان الشعب كان يرى الديمقراطيه على شكل رغيف الخبز او منزل او وطيفه و هو ما كان فرصه للاحزاب و الكتل السياسيه التي تعمل من اجل قيادة العراق الى استغلال هذا التصور لدى الشعب و خلق ديمقراطيه خاص بها لتكون سبيلا للوصول الى الغايه التي ترغب بها و تتمناها منذ عقود.

ان الانتخابات التي تتم في كل اربعة اعوام تعد واحده من ابرز مظاهر الديمقراطيه في نظر الجميع يختار من خلالها الشعب من يريده لقيادة الدوله و اختيار ممثلين عنه في البرلمان او غيرها من المجالس المحليه و لكن و في الوقت نفسه لم تكن هذه الديمقراطيه دون شوائب و عوائق سواء ما يتعلق بدور الشعب نفسه او دور السياسيين و احزابهم و كتلهم فكلا الطرفين ساهموا بقدرا معين في تقويض الديمقراطيه فالطرف الاول(الشعب) كان يعتقد خيرا سواء من الديمقراطيه نفسها او من السياسيين و انجرف مع التيار الموجود و لا اعتقد انه يلام على ذلك ذلك لانه مغلوب على امره و يحاول و بشتى الطرق ان يصل الى الحياة التي يريدها كل فرد من هذا المجتمع و هذه طبيعه انسانيه بريئه من شعب عانى ما عاناه منذ ولادته لا يلام عليها احد ابداً و لكن اللوم يعق على عاتق سياسي العراق الحديث اللذين عملوا جاهدين على نبذ الديكاتوريه الفرديه ليخلقوا بدلا منها ديكاتوريه جديده لا تقتصر على فرد بل على معتقد يحتوي الاغلبيه مع التأثير المباشر على ارادتهم و للاسف كان هذا المعتقد الديني الموجود اصلا في نفوس الشعب العراقي و لكن الدين لم يكن بدعه ادخلها الساسه الى المجتمع بل الاضطهاد الديني بين طوائف الدين و امرا خطير جدا فهو لا يمزق وحدة الشعب بل يمزق الدين نفسه و يدخله الى الصراع السياسي و ذلك من خلال اقناع الشعب انهم محل للاضطهاد بسبب انتمائهم الديني اولا و المذهبي اخيرا و هكذا اصبح الشعب يذهب للانتخابات التي تمثل الديمقراطيه لكن ليس للانتخابات نفسها بل من اجل حماية نفسه و مذهبه و بالتالي نجد الديمقراطيه و جميع مظاهرها اصبحت اداة دفاعيه عن المذاهب و الديانات خلافا لاهدافها الاصليه و التي من ابرزها ايصال اصحاب الكفائه العلميه و الاجتماعيه الى المناصب المهمه من اجل بناء دوله متطوره وقبله مجتمع واعي و مثقف لا يمكن ان يتم التأثير عليه تحت أي مسمى.

و هكذا نجد ان هناك قفزه نوعيه في العراق و تحولنا من دكتاتوريه بلا انتخابات او مع وجود انتخابات لكنها لصالح فردا بعينه أي ان الانتخبات كانت لذر الرماد في العيون و محاوله لكسب شرعيه صوريه فقط الى دكتاتوريه من خلال انتخابات حقيقيه يذهب اليها الفرد و لكنه واقع تحت تأثير يملي عليه اختياره مقدما و ان لم يكن هناك فرد معين لاختياره الا ان التوجه الذي ينتمي اليه هو الاهم فلا يهم عند ذلك ان يكون المرشح صالحا ام طالحا ما دام سيعمل من اجل حماية مذهب او شريحه دينيه محاطه بمخاوف الاضطهاد علما ان هذا الامر لايستثنى منه شخص او طائفه معينه في العراق فالجميع يتبع هذه السياسه لانها الامثل لتبرير الفشل الذي لحق العراق بسببهم أي ان الديمقراطيه اصبحت وسيله لغايه تبتعد عن الهدف السامي لها و الذي كان او من المفترض ان يكون موجودا في العراق ما بعد 2003.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا