الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراما المشاعر – اللاوعي و ندوب نفسية

نضال الربضي

2014 / 1 / 8
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


دراما المشاعر – اللاوعي و ندوب نفسية

أحيانا ً كثيرة نعتقد أننا نسيطر على أنفسنا سيطرة تامة و نعلم كل ما يجول فينا و نستطيع أن نصف بتفصيل ٍ دقيق الأسباب الدافعة لسلوكياتنا اليومية و توجهاتنا و رؤيتنا للحاضر و خططنا للمستقبل. و في كثير من الأحيان نعيش أيضا ً قناعة ً تعطينا الإحساس بأن الماضي قد انتهى و أننا نعيش فقط الحاضر.

بعض الحوادث البسيطة تنبهنا إلى أن المشاعر التي على السطح هي جزء بسيط ٌ من مشاعر أخرى مُختبئة في مخزون اللاوعي و تنتظر ُ أن تخرج، مشاعر ربما كبتناها قصدا ً أو كآلية دفاعية لأن الحوادث كانت غير متوقعة أو بزخم ٍ كبير أو كليهما، هذا المشاعر التي لا بد و أن تظهر فجأة و بدون مقدمات في موقف ٍ لا علاقة له بالحدث الأصلي بتاتا ً.

من بعض هذه المشاعر ما حدث معي هذا الأسبوع. خرجت ُ وقت الغذاء لشراء ساندويشي شاورما، وقفت ُ أمام كاونتر الكاش و طلبت ُ الساندويشين، و دفعت ُ لموظف الكاش خمسة دنانير ورقة ً واحدة وضعها في الصندوق ثم أخرج إلي الباقي و قال: "الله يعوض عليك"، قالها بصوت جدي أكثر من اللازم و كانت نبرته الخشنة الحزينة الصادرة من وجه ٍ أسمر بشارب كثيف لرجل ٍ في منتصف العمر كفيلة ً بأن تستحضر داخلي و بدون مقدمات حزنا ً غريبا ً جعلني أحس ُّ في لحظتها أنني فقدت ُ شيئا ً أو شخصا ً لا أعلم ما هو أو من هو، و أن هذا الرجل يعزيني في ما أو من فقدت. شعور ٌ غريب حل َّ علي بدون توقع في لحظة استلام شاندويشي شاورما، ظل معي حتى و أنا في داخل السيارة أتناول طعامي.

فكرت ما عسى ذاك الحزن أن يكون، تُرى ما هو ذاك الذي فقدته، من هو ذاك الذي فقدته، و لم لا أستطيع أن أنساه إلا وعيا ً بينما يتشبث ُ به اللاوعي بقوة مُنذرا ً أن المسألة َ لم تنتهي لكنها ما زالت عالقة. أفكار ٌ كثيرة ضربت بعضها في رأسي، و استعرضت ُ في دقائق عشرات ٍ من خيبات ِ الأمل التي كنت ُ أظن ُّ أني نسيُتها، و العشرات من مواقف الحزن ِ ، و مثلها من مواقف موت ِ الأحبَّة، و اكتشفت أنني صديق الموت ِ منذ طفولتي، و أن الفواجع تتالت في كثيرين من أحبتي أمامي و أنا شاهد ٌ عليهم جميعا ً.

هذا الاكتشاف أعطاني فيما بعد راحة َ الكشف و طمأنينة الاكتشاف، و أعتقد أنني قادر ٌ الآن على أن أُعيد حساباتي و انظر للوراء، و أستدعي المواقف تباعا ً حتى أتصالح مع تلك العالقة، و أؤكد تلك المنتهية، و أُكمل حياتي بسلام. سأتصالح مع نفسي، هذا قراري، و أعلم أن هذا لن يكون سهلا ً و لا سريعا ً لكنه حتمي.

هل تصالحتم مع أنفسكم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أشرف قرار
ماجدالين منصور ( 2014 / 1 / 8 - 09:22 )
اشرف قرار يتخذه الإتسان هو ..قرارك هذا.0
وهو القرار الوحيد الذي نحتاجه فعلا و حقا..0
فماذا ينفع الإنسان لو كسب العالم كله و خسر نفسه؟؟
و ما هذا -الشيئ= الأقرب الينا من ذواتنا كي نوليه اهتماما أكثر من أنفسنا ذاتها؟؟
و ما القيمة الحقيقية في عالمنا سوى قيمة ذاتنا؟؟
لم لا!!!أنت تستأهل خير الدنيا كله
لك احترامي


2 - السبب
محمد بن عبد الله ( 2014 / 1 / 8 - 12:26 )
يبدو يا أستاذ نضال ان ملابسك ومظهرك كانت تنم عن فقر وبؤس شديدين أوأن اخراجك الدنانير من جيبك بألم وحزن كشف بخلا متأصلا فيك ظهر على ملامحك..ها ها.. !!


ملحوظة هامة: سطوري السابقة سخرية برئية من صديق احترمه وأقدره ولا تؤخذ مأخذ الجد

كل سنة وأنت وجميع من تحب بألف خير


3 - إلى الأستاذة ماجدة منصور
نضال الربضي ( 2014 / 1 / 9 - 06:04 )
نهارا ً طيبا ً أتمناه لك ِ سيدتي،

إن معرفة الإنسان لقيمته كإنسان تساعده على التعرف على نفس القيمة داخل الناس و بذلك يخرج حبه لنفسه عن ذاته ليحب الناس أيضا ً.

كثيرون ممن يؤذون الآخرين هم في الحقيقة غاضبون من أنفسهم و يحملون تقديرا ً منخفضا ً لذواتهم.

شكرا ً لكلماتك ِ الطيبة و أهلا ً بك دائما ً.


4 - إلى الأستاذ محمد بن عبد الله
نضال الربضي ( 2014 / 1 / 9 - 06:08 )
أطيب التحيات أستاذ محمد،

لقد ضحكت كثيرا ً و أنا أقرأ تعليقك الطريف، يبدو أنني فعلا ً أثرت في موظف الكاش شيئا ً داخليا ً لا أعلم ما هو، جعلة يوظف صوته و كلماته ليعبر عنه بتلك القوة الحزينة، و التي أحسست فعلا ً أن وراءها شيئا ً، ربما كان منشغلا ً بالتفكير بخسارة شخصية له تمنى تعويضا ً عنها أو ربما أن كلماته مجرد عادة لفظية يستعلمها الكثير عندنا في الأردن، لن نعلم أبدا ً. أتمنى له الخير في كل الأحوال.

أعتز بصداقتك و أهلا ً بك دائما ً.

اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي