الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنازة حارة و الميت -كلب-!!

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 1 / 8
كتابات ساخرة


بدأت أفكر جدياً في أن أتنازل عن جنسيتي اليمنية..فلو كنت إنسانة واقعية لاكتشفت أني تأخرت كثيراً في الإقدام على هذه الخطوة..و لكن لا بأس أن تبدأ متأخراً أفضل من أن لا تبدأ على الإطلاق..ستسألني لماذا؟؟..لأني ببساطة اكتشفت أني في بورصة الجنسيات أكاد لا أحمل أي قيمة تُذكر.

فما حدث في مصر خلال الأسابيع الماضية جعلني أكتشف متأخرة أن الأحزاب الإسلامية في اليمن لا تكترث لانتمائي الوطني بمقدار اهتمامها بطول جلبابي و بقدرتي على الصراخ من أجلها تأييداً..فهذا الأمر ما سيحدد قيمتي "شبه" الإنسانية لديهم..فحرارة المواقف التي صدرت من الأحزاب الدينية في اليمن و قياداتها و نُشطاءها و حتى قنواتها الفضائية جعلتني أرى بالدليل العملي أني كيمنية لا قيمة لي لديهم.

كل تلك المظاهرات الحاشدة و الصراخ الهستيري من أتباع الأحزاب الإسلامية كانا من أجل شخص كانت أكبر إنجازاته التي يتحدث عنها مناصروه في اليمن بكل إسهاب -في وطنه و ليس في وطننا بالمناسبة- أنه كان يصلي الفجر و لديه لحية!!..شخص لم يخوض حرباً ضد إسرائيل و لم يُحرر قُدساً و لم ينهض ببلده في أي مجال كان بل أغرقها بالأخونَّة و الديون و الكراهية و "قتلانا في الجنة و أنتم في النار أحياءاً كنتم أم أموات".

و للمفارقة المؤلمة تزامنت تلك المظاهرات التضامنية مع سيول اقتلعت منازل أكثر من 100 مواطن في إب و عمران و لكنها لم تشكل أي فارق تراجيدي إلا لدى القلة أي أصحاب المأساة..و لم يكترث لأمرهم أحد بالرغم من أني أعتقد أنهم يصلون الفجر و هم في نهاية المطاف مسلمون أيضاً كمرسي..و لكن يبدو أن الإسلام وحده لا يكفي بل يجب أن يكون المرء يحمل هوية بجانب الهوية..و يحمل حزباً فوق الوطن ليكترث الآخرون لأمره.

و في الحديدة أيضاً تلك المدينة التي أعتبرها جوهرة في يد الأعمى اندثرت فيها منازل أُسر بأكملها تحت سيول مجاريها و ليس أمطارها في مشهد يذكرنا بفينيسيا الإيطالية مع اختلاف نوعية المياه و "رائحتها"..فهل رأينا أي شخص من تلك الأحزاب الدينية يستصرخ الآخرين مناشداً إغاثة تلك الأُسر على الأقل إتباعاً لمنطقهم الديني:"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"..أم أن الحديدة هي جزء يجب بتره من الجسد لا مداواته طالما لم ينحني بالولاء و الطاعة لهم!!.

و للمفارقة المؤلمة أيضاً قُتل أمان و الخطيب و لم تخرج تلك المظاهرات للمطالبة بالقصاص لهم..فكانت جنازتهم باردة هادئة حزينة بل أن حتى الإمام رفض حتى الدعاء لهم أو على قاتلهم و السبب؟؟..أعتقد لأنه يصلي الفجر!!..و هكذا اختفت دون مقدمات عبارات مثل "القصاص العادل" و "يجب تطبيق الشريعة الإسلامية"..خرجت تلك العبارات و لكنها ستعود عندما يكون القاتل ليس بهوية إسلامية..فشريعة الإسلاميين في اليمن "موسمية".

الأحزاب ذات المرجعية الدينية في اليمن وصلت لمستوى انحطاط أخلاقي و إنساني لا ينافسها علي قمة انحدارها فيه سواها..فهي و مع كل حادثة لأي مواطن بسيط في هذا البلد أصبحت تضع قيمته كروح أُهينت أو أُزهقت بمعيار حزبي مقيت لا بمعيار إنساني صرف..و الكارثة أنهم يجيدون ليَ القرآن و الأحاديث لتصبح مُنَّزلة "عنهم" دون سواهم.

عندما رأيت تلك الحرارة و الوطنية "البديلة" في مظاهرات الإسلاميين اليمنيين من أجل مرسي -سواء أكانت على أرض الواقع أم على مواقع التواصل الاجتماعي- تذكرت المثل الساخر:"الجنازة حارة و الميت كلب"..فكما يبدو فلقد حان الوقت لكي نبدأ في التفكير بشكل جاد أن نصبح "كلاب" لكي يكترث لهمومنا قادة أحزابنا الإسلامية و يحشدون المظاهرات لمآسينا و ما أكثرها..و لكن يجب أن نصبح كلاب و لكن ليست كأي كلاب..بل يجب أن نصبح كلاب ببطاقة حزب ديني لكي نصبح كلاب ذات حيثية..فتصبح حينها لأرواحنا قيمة و لقضايانا حشود و لواقعنا المرير تغطية إعلامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضحية جديدة لحرب التجويع في غزة.. استشهاد الطفل -عزام الشاعر-


.. الناقد الفني أسامة ألفا: العلاقات بين النجوم والمشاهير قد تف




.. الناقد الفني أسامة ألفا يفسر وجود الشائعات حول علاقة بيلنغها


.. الناقد الفني أسامة ألفا: السوشيال ميديا أظهرت نوع جديد من ال




.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي