الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنون عندما يكون في الفلسفة !

جابر حسين

2014 / 1 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


" هذه الكتب كالمرآة :
إذا تطلع إليها قرد ، فلا يمكن أن يتوقع أن يشاهد رسولا ... " !
- كيركجور : ( المأدبة ) -
فلسفة كيركجور السياسية ارستقراطية ممعنة في سوادها ، فهي تمجد الكيف وتكره المساواة ، وأبدا لم تعترف بالديمقراطية ، كانت تلعنها في العالمين ! وحين رأي هيجل قد " أثبت أن أكمل وجه للفرد يتحقق في حياته الاجتماعية " ، وأتجه الاستخدام النقدي للمنهج الجدلي عند هيجل إلي اظهار أن الحرية الفردية تفترض مجتمعا حرا ، وأن التحرر الحقيقي للفرد يقتضي بالتالي تحرر المجتمع ، أنبري كيركجور يهاجمه بعنف وشراسة في غير موضوعية ولا ترو ، " لأن كل فرد في اعماق فرديته الباطنة ، منعزل عن الآخرين جميعا ، فهو منفرد أساسا ، وليس ثمة اتحاد واشتراك أو شمول ينازعه سيطرته " ، هكذا رأي وشرع يقولها رؤاه الغريبة تلك ! وفي الواقع فقد هاجم كل مفكر وفيلسوف يمجد الشعب أو الجمهور ...
فعل مثلما فعل نيتشه عندما وصم الفلاسفة بأنهم " حمير يجرون عربة أسمها : الشعب " . ومضي في
" شطحه " ليقول : " لقد خدمتم الشعب ، ودعمتم خرافاته ، يا أيها الفلاسفة المشهورون ! لكنكم لم تخدموا الحقيقة قط ! ولهذا السبب يحترمكم الناس ... إنكم ، دائما ، كالحمير تجرون عربة الشعب " !
كلاهما ، نيتشه وكيركجور ، قد أخطأ أفدح الخطأ في " فهمهما " للمساواة ، ومن ثم كراهيتهما المفرطة للديمقراطية والاشتراكية والنظم السياسية والاجتماعية الآخري التي تساند وتدعم مبدأ المساواة بين البشر . فالهجوم السافر علي مثل تلك الحركات الاجتماعية بصيغتها العامة تحت دعاوي إنها تتعرض مع مبدأ الفردية ينم عن قصور جلي في التفكير وفي الرؤية . فمن هو ذلك الدعي بلا بصيرة الذي يستطيع أن يتصور الفرد علي أنه كيان منعزل يمكنه أن ينمو ويتطور ويزدهر في الحياة وحده ، ويكون فيهما بقدر استقلاله وانعزاله عن بيئته والمؤثرات المحيطة به ؟ فالذهن الفردي هو ، دائما ، لا ينمو ويتطور تلقائيا وإنما يزداد وعيه عمقا ونضارة كلما " تلاقح " مع مؤثرات بيئته ومحيطه ، وبالطبع ، ليس معني ذلك أن يكون الذهن سلبيا يتلقي مؤثراته وموجهاته من الخارج ، بل أنه يقوم بتلك العملية في مواءمة وتجانس تلك المؤثرات وجعلها في تكوينات مركبة متجانسة . وليس يحط من قدر الفرد أن تكون علاقته الاجتماعية عميقة في تداخلها واختلاطها مع ذهنية الجماعة المحيطة . ومن المعلوم أن المساواة التي تنادي بها الديمقراطية لا تلغي – بأي حال – الفروق الفردية والذاتية بين الناس ، ليست عملية بتر مشوهة تتم علي سرير بروكرست * ، بحيث تقضي علي أي نتوء أو نشاز !
أن المساواة في الديمقراطية ، تعني أن يتساوي الجميع ، لا فيما بينهم ، ولكن أمام القانون الذي يرتضيه ويقره الشعب لينظم حياتهم ، تلك هي المساواة ، ليست كما قالت به الفلسفة المجنونة لدي بعض العظماء!
----------------------------------------------------
* بروكرست " ، قاطع طريق في الميثولوجيا اليونانية ، كان يدعو الغرباء لزيارته ثم يرغمهم علي النوم
في سريره الوحيد ، فإذا كانوا أطول ، قطع الزيادة ، إن كانوا أقصر شدهم حتي الموت !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -




.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش