الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تركيا وازمات الحكم ..؟؟؟
خالد ممدوح العزي
2014 / 1 / 8السياسة والعلاقات الدولية
تركيا وازمات الحكم ..؟؟؟
اوردوغان : الفساد ينخر سلطانه والكاريزما الأتاتوركية من مازق الى مازق...!!!
نجز رئيس الوزراء التركي الطيب اردوغان حلما عثمانيا قديما بافتتاح نفق تحت البوسفور، مقدما هدية لأتاتورك في العيد الـ 90 للجمهورية في 29 تشرين الاول2013 ".
رجل تركيا القوي قد استفاد من تجربة "صيف تركيا العاصف"، وأعاد الجذور الاساسية الى تركيا منتهجا خطاً قوميا، متخذاً من كمال أتاتورك رمزاً جديداً له، والذي عبّر عنه في مسير"التباسي"، في رفضه للتغيير الذي وقع في مصر حيث ادى الى خروج "الاخوان" من الحلبة السياسية ومن موقع الرئاسة/ حيث شكّل ذلك صدمة تلقاها اردوغان بعد اعتماده على الاخوان في فترة الثورات العربية لتجسيد حلم عثماني قديم. لكن التحربة فشلت والحلم انهار .
وقد اشار الصحافي والكاتب"غسان شربل في صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 4 نوفمبر/ تشرين الاول 2013 الى "ان الأحداث أكدت أن النموذج التركي ليس عباءة يمكن استعارتها بمجرد إدخال تعديلات طفيفة على مقاساتها. فلهذا النموذج علاقة بتجربة أتاتورك الطويلة ودرجة التقدم الاقتصادي ومدى نضج الإسلاميين من فرط الرقص الصعب مع الجيش المكلف حماية الإرث العلماني. لا جيوش الدول التي ضربها الربيع تشبه جيش أتاتورك ولا مؤسساتها تشبه المؤسسات التركية".
لم تثمر احتجاجات تركيا صيفاً حارا كما حاولت المعارضة التركية، على الرغم من الدعم الذي تلقته من نظام الاسد وروسيا، لكي يدفع اردوغان فاتورة دعمه واحتضانه للثورة السورية. لقد فشلت قوى المعارضة التركية من استخدام احداث ساحة "تقسيم" في اسطنبول لتوظيفها بالسياسة، ولم يتخطى حدوده الاعلامية. فالحراك الذي قاده الشباب التركي الثائر الحالم بالتغيير وغير الراغب ببقاء اردوغان مستمرا على الحلبة السياسية لمدة طويلة.
لم تكن العاصفة عادية، لكن الحالمين بالتغيير وغير المطلعين على اسرار وخبايا وتوجهات قادة الاضرابات وقعوا في ازمة مواجهة مع السلطة. فالتصعيد بالدرجة الاولى يحمل في طيّاته عداء ايديولوجي بإمتياز متذرعا بما وراء اشجار ومشروع "تقسيم". فالمعارضة التركية اخفقت باسقاط اردوغان وحزبه بواسطة صناديق الاقتراع التي عومته بطريقة ديموقراطية حيث حصل وحزبه على نسبة 52% من اصوات الناخبيين.
جاء اوردغان الى السياسة من حزب"الرفاه" الذي تم حلّه عام 1997، وتولى قيادته محافظ اسطمبول حيث اندلعت التظاهرات، ليؤسس حزب "التنمية والعدالة" الاسلامي مع عبدالله غول، احمد اغولو، "ليتولوا قيادة البلاد عام 2002 في انتخابات ديموقراطية، تجددت ثلاث مرات، وآخرها العام 2012.
فشل الربيع التركي والمعارضة تحت مرمى نار اردوغان القومية:
حاولت المعارضة اظهار العداء لاردوغان وحزبه بطريقة الفوضى آملة بإسقاطه بالشارع عبر الاعتراضات والاحتجاجات الشعبية، وانتشرت التظاهرات في كافة المدن التركية ذات الاغلبية العلوية والكردية والارستقراطية في الاول من حزيران "يونيو"2013، وقدّرت جماهير الشارع بمليون متظاهر، وهذا ما اكده نائب رئيس الوزراء "بولنت ارينس" الذي قاد التفاوض مع المعارضة.
فالاحتجاجات الشعبية على مشروع البناء فوق حديقة "غازي بارك" قد ساهمت بإنتشار التظاهر في كل المحافظات التركية، وبالرغم من شدة وتيرتها وانضمام فئات كبيرة مع المحتجين اليها، لكن غياب التنسيق السياسي والمطلبي أبعد المحتّجين والافرقاء السياسيين عن المشاركة في التظاهر، عكس تظاهرات الربيع العربي التي وحّدتها شعارات الاحتجاج العامة "الحرية، الديموقراطية".
لكن مهرجان اردوغان الانتخابي في 17حزيران 2013 والذي نقل طبيعة الاحتجاج من الشارع الى قبة البرلمان في عملية صراع ديموقراطي منظم يستطيع الرد على خصومه من خلال صناديق الاقتراع والذي طلب من انصاره تلقين المعارضة درسا قاسيا بالديموقراطية، لقد كان خطاب اردوغان قاسي تصعيدي لم تخلو تعابيره السياسية من خلط الهاجس الديني بهاجس التعصب القومي".
استطاع اردوغان ان يظهر للعالم كلّه بأنه رجل دولة قوي لا يهادن من يهدد الامن القومي التركي، على اعتبار ان تركية دولة قانون ومؤسسات، وهو الامين على حماية هذا النظام الشرعي المحمي بالقانون والذي يكفل حق الاعتراض والتظاهر السلميّ، وبالتالي هو رهن صناديق الاقتراع القادمة.
لم يقطع اردوغان زيارته لدول المغرب العربي الذي حاول ان يربطها بمشاريع اقتصادية تؤمّن لتركية اسواق تجارية جديدة في دول ارتبطت بحزب "العدالة والتنمية" بصعود الاحزاب الاسلامية للسلطة.
فاذا كان اردوغان قد فشل في التعامل مع المتظاهرين ومطالب حركة الاحتجاج باستخدام رجال الشرطة للعنف المفرط في عملية القمع مما دفعه في خطابه الثاني بأن يعترف ويقرّ باستخدام العنف والقوة من قبل الشرطة ومطالبته لهم بعدم استخدام القوة، فإذا كان زميله ورفيق دربه عبدالله غول رئيس الدولة تعامل مع الازمة بطريقة دبلوماسية احتوائية فان الرجب طيب اردوغان تعامل مع الازمة بالطريقة التركية التي لم تخلو من التكبر والتعنت وإظهار القوة امام خصومه، متناسيا بانه رئيس وزراء كل تركية، وعليه الاستماع لكل مطالب المحتجين والمتظاهرين، وعليه ايجاد الحلول لكل المشاكل المطروحة، بغض النظر عن الجهات التي تطرحها ومدى أحقيتها .اردوغان كان ينظر للخصم من خلال معادلة مطروحة على ارض الميدان، فالخصم يهاجمه من خلال عداء ايديولوجي، هو رئيس الحزب، والحزب هو المطلوب .
فالصراع ليس ضد السلطة، وانما ضد الحزب ورئيسه، وهذا ما دلّت عليه العبارات والشعارات التي تم استخدامها في الحراك. فالصراع الايديولوجي جمع في طيّاته اطياف مختلفة في الفكر والعقيدة والتوجه (القومي التركي، الليبرالي، العلماني الشيوعي، اليساري، الكردي، والعلوي"، جميعهم تحالفوا ضد حزب "التنمية والعدالة" ورئيسه. فالمطالب التي طرحت في التظاهرات والتي عللت بعدائها لسياسة اردوغان الدكتاتورية القادمة، غابت عنها المطالب المحقة للشعب التركي عامة، مما قسمت الجماهير افقيا بين معارض ومؤيد.
اردوغان يمتلك جمهور غفير أوصله وحزبه الى الصدارة، وتمكّن من تشكيل حكومة دون التحالف مع احزاب اخرى، ما سمح له بممارسة سياسة نافذة في تركية، فالحكومة استطاعت رفع مستوى الحياة الاقتصادية من خلال تطوير الانتاج الصناعي والسياحي والاستثماري، والحد من الدين العام للدولة، اذ تحولت تركيا لاول مرة من مدين الى دائن لصندوق النقد الدولي.
زيادة مستوى دخل الفرد ما ساهم برفع مستوى رفاهية المواطن التركي والقضاء على البطالة، وتوفير فرص عمل للعمال والمستثمرين الاجانب، بعد ان كانت البطالة تصل نسبتها الى 10 مليون، والتي كانت احدى اسباب منع تركيا من الدخول للبيت الاوروبي. اضافة الى نمو دور تركيا السياسي والاقتصادي في الشرق الاوسط وخاصة بعد الازمة المالية الاوروبية والعالمية.
لقد استطاع اردوغان الحد من دور المؤسسة العسكرية التي كانت عائقا امام تطور الحياة الديموقراطية، واخراج تركية من حكم العسكر، مما افشل طموح المعارضة التي حاولت استمالة الجيش التركي في حركة احتجاجاتها ووقوفها بوجه اردوغان.
على الرغم من المشاركة الكردية الكثيفة في الاحتجاجات، استطاع اردوغان ان يخرج الورقة الكردية نهائيا من التجاذب الداخلي، وعدم المراهنة عليها في الصراع الداخلي، بخاصة ومن خلال اتفاق اردوغان – اوجلان لحل مشكلة الاكراد في تركية، وبالتالي فالاكراد لن يغامروا بتحرك يقضي على آمال قد تحققت بظل حكومة اردوغان الهادفة الى وضع حد نهائي للصراع الكردي –التركي، الذي وصل الى آفاق مسدودة في ظل حركة التغيير العربية والشرق أوسطية .
استطاع اردوغان من خلال سياسته ان يدق اسفين داخل المعارضة التي جمعت بتوجهها الواحد المعتمد على الانتقام من اردوغان، لذلك استخدم معهم النبرة التركية التي لا تخلو من القومية التي تتخللها نزعة امبراطورية حالمة بالامجاد،لانها مسيّطرة على كل الافكار القومية واليسارية والاسلامية. فالاحتجاجات لا يمكن الباسها ثوبا ماركسيا بظل انحدار الماركسية العالمية، فالقوى التي تظاهرت في ساحات المدن التركية هي قوى ارتبطت بالخارج والتي قادتها روسيا وسورية.
فالطائفة العلوية في تركيا ربطت نفسها بالنظام السوري منذ بدء الازمة السورية، وحملت راية النظام السوري في تركيا. والقومية الكردية التي تتخوف من صعود الاسلام السياسي الاردوغاني حاولت ربط نفسها بالاحزاب القومية التركية التي فشلت في حلّ ازمتها طوال 40 عاما من الراهان عليها. اضافة الى الاحزاب الماركسية المتطرّفة التي ربطت نفسها والاحزاب الكردية بعلاقات مع روسيا تاريخية، تستفيدة منها روسيا حاليا. فالتظاهرات التي قادتها قوى متطرفة حاولت ان تفرض صيفا تركيا ساخنا . فالروس والايرانيون والسوريون حاولوا الانتقام من نظام اردوغان الاسلامي بسبب مواقفه من الثورة السورية ودعمه لها، ليس حبا بحقوق الانسان. والجدير بالذكر بأن تظاهرات الاول من ايار "مايو"2013، كانت اشد واقوى من تظاهرات حزيران، والدولة كانت أشد قمعا معها.
فالمعارضة كانت تحاول من احتجاجها التشبه باحتجاج "وول ستريت"، ورفعت شعار"احتلوا تقسيم"، وربما حاولت المعارضة اثبات قدرتها الشعبية وارباك الحكومة للاستفادة من اخطائها، لتوظيفها في الانتخابات القادمة في اذار 2014، لكن تصرفات اردوغان غير المسؤولة جعلتها تفكر بتطوير حركتها التصاعدية كما حصل مع مطالب المتظاهرين في مصر وتونس والتي ادت الى اسقاط الانظمة في الشارع واستمالة الجيش اليها. فهل تكون حادثة "تقسيم" هي نقطة تحوّل في تفكير حزب اردوغان والتنبه من حالة التململ التي تسيّطر على الشارع التركي غير الراضي على الممارسات، فالشارع التركي خرج ربما بحادثة عادية لدق ناقوس الخطر بوجه اردوغان .
لكن اليوم اردغان امام خطر جدي وجديد تعرض له وحزبه وتحالفه البرلماني ولايزال مستمرا... انه خطر الفساد، الذي صعد ارودغان الى السلطة على اساس محاربته، لكنه وقع في انيابه... فالصراع الدائر في تركيا والتي تحاول الايام القادمة حسمه من خلال الانتخابات والصناديق، والتي سيدفع رجل تركيا العنيد الحالم بالسلطة الدائمة والطامح لتنفيذ سياسة أتاتورك ثمنها الغالي.
اردوغان اصبح هدفا سهلا للمعارضة التي توحدت ضده بسبب اسلوبه وعجرفته، مما سيدفع الجميع في تركيا الى خوض انتخابات قادمة تحت شعار إبعاد اردوغان وحزبه عن السلطة، بعد ان فشلت مقولة صفر مشاكل مع الجوار. تركيا التي تعاني اليوم مع كمية هائلة من المشاكل في الخارج والداخل ضد السلطان التركي الجديد الرجب طيب اردوغان .
د.خالد ممدوح العزي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر