الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرارٌ أمريكيٌ قد يؤذي مستقبلنا في المملكة العربية السعودية!

ابراهيم عباس نتو

2005 / 6 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


هي لبنة أخرى-و جديدة- في جدار يهدف إلى عزل المملكة خطوة خطوة؛ و يبدو أن في الجعبة ما فيها، لا يزال! فعلينا -على كل المستويات- أن ننتبه و أن نتنبه. علينا الحذر من الغفلة و التغاضي، و من التمادي في الربت على أكتاف أنفسنا و بعضنا البعض (و أننا "ما فوقنا فوق"؛ و ألاّ نواصل القول لأنفسنا بأننا: "ما عندنا خلاف"؛ "هؤلاء يبغون يتقصدوننا"؛ هؤلاء يحسدوننا و يودُّون بنا السوء إلخ،(ثم، بالمقابل، لا نفعل شيئاً مما يلزم و بما يكفي من: تغيير المسار، أو تعديل السرعة، أو تبديل النمط و الأسلوب..أو تسريع التعديلات و المضي -قـُدماً و حَقاً- في الإصلاحات. علينا ألا نكون مع التنابلة "المتـنـْـبلين" (كما في "تنابلة السلطان") فنمكِّن المتربصين بنا بأن يجعلونا نشنق أنفسنا.. بأيدينا و بحبالنا!



ففي مقال باللغة الإنكليزية هذه الأيام، بقلم الكاتب ستيفن شوارتس، بعنوان "محاسبية المملكة العربية السعودية2005: الكونغرس يحاول أن يحاسب السعودية":

“The Saudi Arabia Accountability Act of 2005; Congress tries to hold the Saudis accountable,” by Stephen Schwartz. The Weekly Standard, June 08, 2005

.. يتم فيه تكرار توجيه الأصابع التي كانت قد وُجهت إلينا في السعودية عقِب11 من سبتمبر مثلما تم التنويه في مواضع أخرى عن "سوء معاملة" الخادمات و الممرضات و نحوهما؛ ثم الإشارات إلى الانتحاريين السلفيين هناك و هناك؛ ثم عن(ممانعتنا الدخول في) الحرب على العراق مع "القوات المتحالفة"؛ ثم "عدم التعاون بما يكفي" قي تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالية؛ ثم "عدم مناسبية المناهج"، بل و أنها تسهم في تنشئة العنف والإرهاب؛ ثم إقدام الرئيس الأمريكي بذكر السعودية في "خطاب الأمة" السنوي الهام مع بداية هذا العام --و مع بداية فترته الرئاسية الثانية‘ بذكر بلدنا بصفات سلبية ..في سابقة لا سابق لها.



ثم توجيه الأصبع قبل أيام، ضمن عدد من الدول القريبة و البعيدة، عن "المتاجرة بالرقيق" في الأطفال؛ ثم -كما في هذه المقالة أدناه- الربط بيننا و قرار الأمم المتحدة 1373؛ و أخيراً(في المقالة هنا) فيما يشبه رفع "البطاقة الصفراء" –التي ربما تتبعها بطاقات- فهي هنا في شكل قرار مجلس الشيوخUS Senate Resolution S. 1171]]، و هذا –في رأيي- بؤرة الخطر..و قد يأتي ليضرب في مقتل.



(و لنجعل نصب أعيينا، أنه -في الدول التي يحكمها القانون، يقوم "الرئيس" بتنفيذ قانون البلاد --ما يشرِّعه نواب الشعب المنتخبون؛ و حتى ولو كان للرئيس هناك (بناءً على مبدأ "الفصل بين السلطات") صلاحياته و استحقاقاته، إلا أن القول الفصل سيبقى بكل جلاء، و في نهاية المطاف، للشعب؛ فحتى راتب الرئيس الشهري و كذلك خصم الضريبة السنوية منه، يقرهما نواب الشعب؛ و مهما تمحَّك أو اجتهد الرئيس إزاء موقف من المواقف أو سياسة معينة إزاء قرار من القرارات، و مهما قدَّم أو سَوَّف أو أجّل، فإنه عندما تأزف الآزفة، فإنه لن يجد الرئيس لها من صارفة، و لن يجد محيصاً عن تنفيذ كلمة نواب الشعب. (نعم، قد يأتي ذلك "التنفيذ" مغلفاً بعبارات "دبلوماسية" أو في تغليفات "قانونية"، لكن تنفيذ -الرئيس- لقرارات نواب الشعب.. سيأتي بشكل أو بآخر.. ملبياً قرار نواب الشعب، نصاً و روحاً.)



قام بإعداد مشروع القرار هذا السيناتور أرلين سبيكتر، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي (من ولاية بنسلفانيا) وهو"سيناتور" مؤثر مخضرم و له مواقفه الواضحة الفاعلة تحت قبة البرلمان الأمريكي منذ سنوات طويلة. كما أنضم للتوقيع معه على مسودة المشروع ستةُ أعضاء من زملائه في "مجلس الشيوخ" من مختلف الشرائح و الفئات و الولايات الممثلة في "الكونغرس".



جاءت مسودة "القرار" بمجموعة خطيرة من الاتهامات، اختزنها و اختزلها مُعدُّ القرار والموقعون المشاركون معه مشحونةً و ملغمةً بما وُصف بأنه "أدلة" تجاه المسئولين السعوديين فيما يخص الإرهاب و "أدوارهم" فيه. كما تمت صياغة "القرار" في شكل مختصر موجز غير مطنب. و في الفقرات اللاحقة مباشرة فيما يلي تأتي ترجمتي للب "القرار":



· المطالبة بأن تنفذ المملكةُ قرارَ الأمم المتحدة UN Resolution 1373 (وهو القرارُ الذي يطالب الدول الأعضاء بالامتناع عن "دعم" الإرهاب؛..و المطالب بـ"مقاومته"؛ و بالتوقف كليةً عن تسهيل أي "ملاذ آمن" للإرهاب ، مع الإشارة -في صلب القرار- إلى أن المملكة تربة خصبة صالحة لهذا و ذاك؛



· "القرار" أيضاً يدوِّن استنتاج "مجلس العلاقات الخارجية" بأن المملكة كانت قبل 3 سنوات "المَصْدر الرئيس لدعم القاعدة"؛ ..و أن طلبات الحد من شأوها لم تلق من المسئولين أذنا صاغية بصفة جدية؛ كما تضمَّن القرار أيضاً الإشارة إلى تقرير صدر منذ سنة ..جاء فيه أنه "لم يتم القبض على أي مواطن قام بالتمويل، كما لم يحاكم أو يعاقب أحدٌ علناً"؛



· و يواصل مشروع القرار سرد عدة تقارير مثل "تقرير لجنة 11 من سبتمبر"، بما يشمل الإشارة إلى أن 15 من الـ19 المتهمين بتنفيذ تفجيراته كانوا من السعوديين؛ و كذلك الإشارة إلى "جلسات الاستماع العامة" في لجان الكونغرس عن "الوهابية"، و عن المساهمة ضمن تمويل "حماس" بما مجموعه 4 مليارات دولاراً منذ بدء الانتفاضة الثانية في 2000م؛



· و رغم خطورة كل هذه الدعاوى، إلا أن (القرار) يؤكد –أيضاً- على أن المملكة "لم تقدم التزاماً فاعلاً في مجهودات أمريكا في مكافحة الإرهاب"؛ بل اتهم القرار المملكة "بالتواني" في التحقيقات عن تفجيرات أبراج الخبر في 1996م التي قـُتل فيها 19 أمريكياً؛ ثم يذكر "ممانعة المسئولين تمكين المحققين الأمريكيين من التحقيق" مع مُواطن سعودي معين "لديه معلومات" عن مخطط لنشر غاز سام في مترو نيويورك؛ .. (إضافة إلى عدة دعاوى أخريات)؛



.. و مع أن لكل بلد ظروفها، و لكل حادث حديث.. فليس هناك دولتان توأمين ..إلا أنها تتعدد الأسباب و الحاصل واحد!



و الخطورة تتفاقم هنا، بأن فحوى "قرار" السيناتور سبيكتر هذا قد تم تقديمه (منذ أيام) أيضاً في مجلس النواب، "القاعة" الأخرى في الكونغرس الأمريكي، لإدراجه على جدول أعماله هناك كذلك، و أنه -في مجلس النواب- قد تبناه ما لا يقل عن 26 نائباًً (مرة أخرى، شمل موقعين من مختلف الشرائح) بحيث، فيما إذا تم تبني "القرار"، فإن ذلك سيقدم للجانب "التنفيذي" من الدولة على أنه "توافق" (=تقريباً "إجماع") من الكونغرس برمته -بمجلسيه- ليطالب بضرورة إلزام السعودية بالتعاون التام و الفوري و الكامل -في داخل المملكة و في خارجها- .. في حملة أمريكا ضد الإرهاب، بما يشمل الإغلاق الكامل و الدائم لكل الجمعيات الخيرية و المدارس و المنظمات و المؤسسات الأخرى التي "تساهم من قريب أو بعيد في دعم الإرهابيين"؛..و بما يشمل -أيضاً- حجب المعونات التي يمكن أن تقدم لأسر "منفذي الأعمال الانتحارية" ضد إسرائيل؛



و لضمان تحقيق "محمل الجِد" إزاء قرار الكونغرس هذا --و"فيما إذا لم تصل الرسالة إلى آذان و أعين السعوديين" -- فلقد شمل نص القرار سرداً لعدد من العقوبات المنتظرة، بدءاً بمنع توفير المعدات التقنية العسكرية للمملكة، وأيضاً تحديد مجال تحرك دبلوماسيهم في حدود 25 ميلاً مربعاً من مواقع البعثة الدبلوماسية في واشنطن العاصمة (و كذلك القنصليات السعودية في أنحاء الولايات المتحدة: في نيويورك و هيوستن و لوس أنجليس). و لعله من الواضحً أن هذا –حينما و بعدما يـُنفَّذ- قد يكون القطرات التي تسبق الانهمار.



فلنكن واعين متيقظين بأن لدى المتربصين ببلدنا العديد من "بطاقات اللعبة"، يحفظونها في جيبهم/"مَخباتهم"، و سيخرجون منها ما يلزم في الوقت و التوقيت المناسبين، حَبة حبة!



و لنتذكر أن "القرار" الذي تم توجيهه إلى سوريا (و هو القرار الذي كان فاعلاً في دفعها أخيراً إلى الانسحاب من لبنان بعد 3 عقود من المكوث..) لم يكن "القرار" الأول،..و لن يكون الأخير؛ إنما كان و سيستمر في سلسلة عملية "نزع اللبنة تلو اللبنة" من الجدار حتى يطيح؛ كما في تأثير نزول الماء –بشيء من التوالي و التتالي- فيسقط على الصخر، قطراتٍ قطرات، حتى يُحدِث حفرة محفورة، و لو بعد حين.. مهما كان الصخر صلداً.



و كذلك ما حدث في أفغانستان، فلم يحدث الهجومُ بين يوم وليلة، بل إن مرصداً ظاهراً و متوارياً كان يرصد (و يسلِّط الضوء ..و يدق الناقوس بين الفينة و الفينة): فتجارة الأفيون مرة؛ و التسلط على المرأة مرة؛ و قوائم الممنوع و الحرام التي لا تنتهي؛ و التدمير المخجل لمعبد "باميان"؛ و منع الأطفال من تطيير الطائرات الورقية؛ و منع المرأة من العمل؛ بل و حرمان البنات من التعليم..إلخ من قائمة طويلة مستطيلة؛هذا كله إضافة إلى إيواء سيء السمعة -صاحب تورا بورا- بعد أن تم طرده من السودان أيام تسلط المتزمتين؛ ثم قام الطالبان بعد ذلك بفتل حبال مشنقتهم - بأنفسهم- على مدى ست سنوات.



و كذلك كان للأسف في العراق، فبعد أن طغى طاغيته في البلاد، و تمادى في رعانته و عماوته حتى عم بلاؤه داخل حدود البلاد و ضد مواطنيه و أهل بلده و ذويه؛ و بعد أن كرر أذاه خارجها؛ و بعد عدة هزائم؛ و بعد حصار طويل أتى على الأخضر و اليابس (نعم، وبعد أدعاء أو إدعاءين --جاء منها ما كان باطلاً، بل و"كذبة كبرى" -"أسلحة الدمار الشامل")؛ لكن بعدَها قامت دابة الأرض و محت نظامه من الوجود كليةً. (و لربما استمر الاحتلال لسنين عديدة بطريقة مباشرة، ثم –في تصوري- لعشرات السنين بطرائق أخرى.)



بقيت واحدة ستكون "علينا" -في السعودية- ..إن نحن انزلقنا فيها: و هي الولوج في متاهات الطاقة النووية. فلقد سمعنا -مؤخراً-.. هذا، بعد أن هدأت العواصف التي كادت تحيق بإيران؛ و بعد أن نجا زعيم ليبيا و"نفذ بجلده" بنباهة نادرة، فجاء للسالفة "من الأخر"، و انسحب قبل أن يُسحب!؛ إذا بنا نسمع عن ضغوط هذه المرة على بلادنا، حيث تطالبنا أمريكا، و كأننا كوريا الشمالية، بلزوم التفتيش على "المنشئات النووية"..و نحوه و نحوه. ما ذا يجري؟! أي منشئات نووية في السعودية..!؟



إننا في السعودية، وفيما يخص الطاقة خاصة، نحن أبعد من نكون عن الحاجة إلى "الطاقة النووية".. فالنفط سيظل مأمننا و بشرانا (بناء على تصريحات وزير نفط بعد آخر) أنه موجود ليبقى، و لقرن من الزمان ..و في رواية لقرنين.



كما أن لدينا من إمكانات استغلال الطاقة الشمسية و غيرها ما يمكنا(إن أردنا التهيؤ له و العمل عليه..) من الإكتفاء الذاتي، بل و تصدير تلك الطاقات البديلة..إلى عموم الكرة الأرضية!



فإذا كانت مأساة احتلال العراق مبنية على "كذبة كبرى"(تملُّك "أسلحة الدمار الشامل")، فالرجاء كل الرجاء، المتحزم بالعقل، المتعمم بالحكمة ..هو ألا نقدم من عند أنفسنا علثة إضافية سائغة و سبباً ضافياً يمكن تبريره في ردهات مجلس الأمن لاستصدار القرارات.. و في غرف العمليات الحربية لوضع المخططات.



و ها أنا ذا قد عَبَّرْت؛

و ترْجمْت؛

و بلَّغـْت.


_____________

د. إبراهيم عباس نـَـتــُّـو

Dr. Ibraheem A. NATTO

[email protected]

عميد سابق في جامعة البترول








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح