الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعودية تحتضر

سليم سوزه

2014 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ثمّة علامات معينة يعتمد عليها المرء في تسويق اعتقاده السياسي. علامات كالتي تستشعرها الطيور قبيل اي زلزال او كارثة بيئية، رغم انها نظرية غير مؤكدة عند اغلب الجيولوجيين.
لنترك الجيولوجيا جانباً ونرى ما هي علامات احتضار الدور السعودي في منطقتنا العربية.

من نظرة خاطفة للصحف الامريكية سنرى كمّاً هائلاً من الاخبار والتقارير تتحدث عن موت السعودية سريرياً وشللها في المنطقة العربية. هوس التحليلات يملئ تلك الصحف فاضحاً رغبة امريكية عارمة للتخلي عن الحليف "المريض" والتعامل مع ثقل جديد رسمته حكمة ايران وهيكلها الشيعي في منطقة الشرق الاوسط.

يشرح الصحفي دان ميرفي في صحيفة كريستيان ساينس مونيترالامريكية تحت عنوان مثير "آخر علامة على فقدان امريكا للسعودية مقابل سوريا" وجهة النظر الامريكية حيال ما طلبه الامير السعودي محمد بن نواف بن عبد العزيز آل سعود من الولايات المتحدة الامريكية مؤخراً. الامير محمد سفير السعودية في لندن وعضو العائلة الحاكمة يطلب من امريكا في رسالة "شديدة" التدخل في سوريا وقطع يد ايران في المنطقة لارجاع الاستقرار فيها. يقول ان القاعدة في سوريا ما هي الا نتاج فشل التدخل الدولي فيها، اذ لو تدخل العالم ومنع الاسد لما نشطت القاعدة من الاساس. ميرفي يجيب بكياسة المحترف ويقول ان صنّاع السياسة في بلدي لا يقعون في الخطأ مرتين. قلتم في السابق (يخاطب السعوديين) ان نشاط القاعدة في العراق كان بسبب تدخل القوات الامريكية فيه واليوم تقولون نشاط القاعدة في سوريا بسبب عدم تدخل تلك القوات؟ دخلت قواتكم البحرين لصالح الحكومة ضد المحتجين بذريعة حماية الاستقرار فيها واليوم تطلبون من اميركا التدخل لصالح المحتجين في سوريا ضد حكومتهم من اجل ذلك الاستقرار المزعوم؟ لماذا يكون الاستقرار مع دعم الحكومة في البحرين ضد معارضتها، فيما لا يكون ذلك الاستقرار ممكناً في سوريا الّا في دعم معارضتها ضد نظامها؟

ميرفي يقول ما معناه: اننا لا نثق بكم، نقطة راس سطر.

تاريخياً، لم تكن المملكة العربية السعودية رأس الرمح في اي صراع عسكري وقع في المنطقة. الاستثناء ربما في العامين الاخيرين حين دخلت قواتها البحرين لمساندة نظامها السياسي وقمع المحتجين فيها. عدا ذلك لم يكن لها سوى المال السياسي الذي ساهم في اشعال المنطقة مرات عديدة.

لعب المال السعودي دوراً اساسياً في تشكيل قطبية "سنية" في مواجهة المشروع "الشيعي" الايراني في المنطقة. قطبية تشكّلت من مجموعة دول عربية غير منسجمة فيما بينها لكنها متحدة في مخاوفها من العملاق الايراني القادم، فتخيّل لها انها ستكبح جماح هذه القوة بالاعتماد على تلك الدول. ساعدها في هذا الحلم كراهية الدول العظمى المتزايدة من ايران، فغرق السعودي في مركزية موهومة انه سيد تلك التراتبية العربية كما كان الاتحاد السوفيتي سيد القطبية الاشتراكية في مواجهة قطبية امريكا الرأسمالية.
بصراحة، لم تكن السعودية مؤهلة لقيادة هذه القطبية لانه ببساطة لم يكن لها مشروعاً مقابلاً يناهض ما تريد ايران تصديره. وحدها سياسة تأنيب الجار العربي ضد ايران وتحريض الحليف الغربي عليها كان السلاح في تلك المواجهة. حرب المجنون صدام وحصار الغرب على ايران انموذجٌ.

خسارة مصر حسني مبارك ويمن عبدالله صالح وقبلها عراق صدام حسين لصالح قوى ليست على علاقة طيبة بالسعودية، افقدها توازنها وجعلها تدخل معركة طائشة في الاراضي السورية، لعلها تفوز بسوريا مقابل خساراتها المتوالية تلك.
لم تكن موفقة في تقديراتها هذه المرة ايضاً والسبب ان مَن تعتمد عليه في مواجهاتها الخارجية فقد حماسته في تغيير الاسد وفضّل عمامة ايران على لحية "داعش". ارادة ثلاثية الابعاد من روسيا وامريكا وايران وقفت دون تحقيق رغبة السعودية في سوريا مما جعلها تتخذ لغة الصراخ والتهديد ضد روسيا وامريكا في الآونة الاخيرة. خطاب اكبر من حجم السعودية واصغر مما يخيف هذين الدولتين لكنه يحاكي حقبة جديدة تمر بها العلاقات الامريكية السعودية.

جاء الاتفاق النووي بين ايران ودول مجلس الامن لصالح القطيعة السياسية بين السعودية وامريكا فعمّق الخلاف بينهما لدرجة حاول فيها المسؤولون السعوديون مغازلة اسرائيل علناً ودغدغة مشاعر الغضب لديها تجاه النووي الايراني الذي سيصبح واقع حال في السنوات القليلة القادمة. لم تفلح هذه الخطوة ايضاً، فلا اسرائيل ولا امريكا ولا اي دولة اخرى مستعدة ان تجازف بمصالحها وتهاجم ايران مقابل مشروع "الذبح" الذي لا تملك السعودية غيره.

التقارير الهائلة التي تسرّبها اليوم ويكيليكس حول نشاط معارض قوي داخل الاراضي السعودية يطلب من امريكا الاطاحة بالنظام السعودي، مع انكفاء الدور القطري في الفترة الاخيرة وسقوط الاردن في مربع الخوف من الاحتجاجات الشعبية، ناهيك عن تردد دول الخليج في قرارات عربية كبرى مع انشغال دول المغرب العربي في ترتيب اوضاعها بعد ثوراتها الداخلية، اضافة الى غياب المبادرة العربية الموحدة مقابل بروز قوة شرقية اسمها ايران، كلها امور تشي بانتهاء الدور السعودي او بالاحرى المال السعودي وقدرته على التأثير في القرار العالمي.
السعودية في احتضار يسبق الموت، وما دعمها العلني والفاضح للحركات المتشددة في الفترة الاخيرة الّا آخر السكرات لذلك الاحتضار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احسنت
جابر ( 2014 / 1 / 9 - 15:29 )
تحليل منطقي وصائب باختصار السعودية في مرحلة الشيخوخة


2 - السعودية لها حسابات بعيدة
رمضان عيسى ( 2014 / 1 / 10 - 09:56 )
من هو العدو الرئيس للسعودية في المنطقة ؟ هل هي ايران أم القاعدة ؟
ايران جار مقلق ، ولكن القاعدة له جذور في السعودية وهي الأخطر
ان السعودية تريد انهيار الأسد بسرعة حتى لا يقوم نظام تسيطر عليه القاعدة .
والاخوان متحالفين مع القاعدة ، لهذا دعمت السعودية السيسي ضد الاخوان ، فالسعودية تعرف أن عدوها الرئيسي هو القاعدة ، فان انتشر في المنطقة فخطره أكثر
هذه هي حسابات السعودية .

اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة