الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة لفهم كيف يفكر السيسي

محمود يوسف بكير

2014 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الرئيس أو الفريق السيسي في حيرة حقيقية بما يتعين عليه فعله وهل يرضخ لرغبة مريديه في تولي منصب رئاسة مصر بشكل رسمي أم يستمر في لعب هذا الدور من وراء أستار وزارة الدفاع.
وسر تردد السيسي في قبول الترشح لهذا المنصب الرفيع حتى الان ليس نابعاً من خوفه من عدم الفوز بانتخابات الرئاسة لأن هذا شيء مضمون ولكن التردد يرجع أولا إلى أن الرجل يعلم جيداً أن هذا المنصب لم يعد رفيعاً كما كان الحال أيام عبد الناصر والسادات ومبارك ، إذ أصبح منصب وزير الدفاع أعلى وأكثر حصانة من منصب الرئيس وفقاَ لمسودة الدستور الجديد ، وثانيا إدراكه أن الجيش أصبح لاعبا مباشرا بل واللاعب الأول والأقوى من بين كل مؤسسات الدولة في حلبة السياسة بمصر وبمقدور وزير الدفاع أن يقلب أي رئيس قادم في حال عدم رضى المؤسسة العسكرية عن أداءه في أي لحظة وبسهولة وذلك من خلال الحشد الإعلامي والجماهيري ضده وتعقيد مهمته وإفشاله بالتعاون مع الأمن والقضاء بينما لا يستطيع الرئيس القادم الاقتراب من باب وزارة الدفاع دون إذن. كما لا ينبغي أن ننسى أن الرئيس محمي بقوات الحرس الجمهوري التابعة لوزير الدفاع من الناحية العملية. ومن ثم فإن الرئيس القادم ضعيف بالتعريف ولا قبل له بأي مواجهة مع وزير الدفاع.

أضف إلى ما سبق أن السيسي رجل ذكي ويعرف أنه حالياً بطل في أعين مريديه ولكنه يدرك أيضاً أن سقف توقعات هؤلاء المريدين وهم بالملايين سوف يرتفع إلى عنان السماء بمجرد خلعه للبدلة الكاكي وارتدائه للملابس المدنية وانتقاله إلى قصر الرئاسة. ويتعدى الأمر ملايين المريدين إلى باقي ملايين المصريين الذين ينتظرون منه أن يحل كل مشاكل مصر العويصة والمتفاقمة بمجرد جلوسه على مقعد الرئيس.

وبالطبع فإن في هذا ظلم كبير للرجل الذي لا يتحمل مسؤولية كل هذه المشاكل كما أنه لا يملك عصى موسى ولكن ألم يكن هذا حال من كان قبله والذي لم تصبر الجماهير عليه أكثر من عام واحد؟
بالطبع هناك فارق بين الحالتين حيث سيتمتع السيسي بدعم وزير الدفاع الجديد والمجلس العسكري ولكنه لا يضمن أن يستمر هذا الدعم إلى ما لا نهاية خاصة في حال توالى إخفاقاته نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي لمصر وعدم درايته بأمور السياسة المالية والنقدية المعقدة فيها وهي مشاكل لا تحل بالبندقية مثل غيرها من المشاكل التي يجري التعامل معها الآن بالقوة الغاشمة.
مبارك مثلاً كان جاهلاً تماماً بهذه الأمور وكان يتجنب التحدث فيها وبدلاً من هذا تركها لأبنه وشلة لجنة السياسات التي كانت تضم خيرة أبناء مصر من رجال الأعمال الأفاقين والمحتالين. وبالطبع فإن السيسي لن يسلك هذا النهج.

في الخارج يكون الرئيس ملماً عادة بشكل جيد بمعطيات السياسة المالية والنقدية في بلده ومن تابع الثلاث مناظرات التي جرت بين أوباما وبين منافسه الجمهوري ميت رومني في انتخابات الرئاسة الامريكية الأخيرة لابد أنه لاحظ الأداء الرائع لكل منهما وهما يتحدثان ويتناظران في الأمور الاقتصادية المعقدة في أمريكا.
السيسي يدرك كل هذا ويدرك أن دعم الجيش له سوف ينحسر بسرعة في حال عدم تحسن الأمور المعيشية في ظل رئاسته فالمجلس العسكري غير مستعد لتحمل مسئولية مواجهة إضرابات ومظاهرات الناس وقتها وسوف تتم عملية التضحية بالسيسي دون تردد كما جرت التضحية بمبارك من قبل في ذات السياق.

والسيسي يعلم أن أعضاء المجلس العسكري الذين يدفعونه لقبول منصب الرئاسة إنما يفعلون هذا خدمة لأجندات أخرى تخصهم، ولذلك فإنه حريص على عدم إعطاء أي إيحاءات تبين خططه المستقبلية رغم كل الضغوط التي تمارس عليه من جماعة "كمل جميلك" والقوى السياسية والعسكرية والأمنية الأخرى ولسان حاله يقول إنه إذا كان إكمالي للجميل يعني ضياعي فلتذهبوا جميعاً إلى الجحيم وسأظل أنا في مبنى وزارة الدفاع حتى يقضي الله أمراً ما.

أما هذا الأمر فهو أن السيسي ربما يفكر في الأيام القادمة في إيجاد مخرج من هذه الأزمة يتمثل في الدفع باتجاه توليه منصب الرئاسة ووزارة الدفاع معاً على طريقة وضع إحدى ساقيه في مركب الرئاسة والساق الأخرى في مركب وزارة الدفاع بحيث إذا تعرضت مركب الرئاسة للغرق لأي سبب فكل ما يتعين عليه فعله هو القفز إلى مركب الجيش دون خسائر تذكر.

بالطبع فإن مسألة الجمع بين المنصبين مسالة شاذة ولن تلقى تأييد بعض أقطاب المجلس العسكري الطامحين للترقي ولكن الحجة التي يمكن على أساسها ترويج هذا السيناريو ستكون كالعتاد ضمان الاستقرار في مؤسسات الدولة وأنها عملية "مؤقتة" تمليها الظروف كما أن هذا السيناريو أي الجمع بين المنصبين ليس بدعة مصرية فقد جرى من قبل في بعض الدول المتخلفة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وبمقدور بعض المحيطين بالسيسي من المتنفذين الترويج لهذه الخطة عن طريق أصدقائهم في الإعلام المصري الذي ثبت أن له مفعول السحر في التلاعب بعقول المصريين البسطاء وما أكثرهم.
ولا يستدعي الأمر أكثر من تنظيم مليونيات على غرار مليونيات 30 يونيو للمطالبة بالسيسي رئيساً ووزيراً للدفاع وينتهي الأمر بالمقولة المشهورة " أنه نزولاً على رغبة الجماهير التي وصل عددها إلى 30 مليون أو يزيد فقد قبل الفريق السيسي أن يترشح لمنصب رئاسة مصر مع استمراره في تولي مسئولية حقيبة الدفاع"

وحسبما أرى فإنه ليس هناك مخرج آخر أمام السيسي لإكمال جميله والتنازل بقبول منصب الرئيس غير هذا المخرج وأعتقد أنه يفكر بالفعل في هذا الاتجاه ولكنه لا يعرف كيف يضعه حيز التنفيذ.
وفي حال الفشل في إيجاد مخرج مشابه لما سبق فإنني أعتقد أن السيسي سوف يفضل البقاء رئيساً لدولة المجلس العسكري ولعب دور الرقيب على رئيس الدولة الأخرى المسماة مصر.

والسؤال الأهم من كل ما سبق هو هل يمثل استقرار مصر أي حيز في عقل السيسي؟ أم أن جل همه هو حماية دولة ومصالح وامتيازات العسكر السابقين والحاليين؟ أعتقد أن الإجابة لا تحتاج إلى فراسة كبيرة حيث توضح حالة التوحش المسيطرة على قوات الأمن والإعلام المصري ضد كل الأصوات المعارضة أو المختلفة مع توجهات الحكومة الحالية المدعومة من العسكر أن السيسي راض عما يحدث ولا يبالي كثيرا بحالة الاحتقان المتزايدة والتي لا تؤدي إلى أي نوع من الاستقرار.

لن يغفر التاريخ لمرسي وجماعته أنهم السبب الرئيس في مأساة مصر الحالية باتفاقهم مع العسكر وخيانتهم لثورة 25 يناير وإعادتها إلى الحكم العسكري مرة آخرى وضياع حلم أن نبني وطناً حديثاً يقوم على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ودولة القانون والمساواة والعدل.
متى تعود مصر إلينا؟ وهل كتب علينا أن نعيش أبداً مواطنين بلا وطن؟
يا إلهي أعيتنا الحيل ولا ندري ما العمل، يا إلهي أنقذ هذه الشعوب المسكينة في مصر وسوريا واليمن التي لم تعرف إلا القهر والفقر من جبروت العسكر وظلم الجهاديين والمتأسلمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليت السيسي يترشح للرئاسة ويحتكر وزارة الدفاع
عبد الله اغونان ( 2014 / 1 / 9 - 20:48 )
بل يمكن أن يكون محتكرا لكل الوزارات
ذلك أحسن
كي تنتهي هذه الأسطورة
ويقضي الله أمرا كان مفعولا


2 - ليتهم يتعلمون
مراقب ( 2014 / 1 / 10 - 20:09 )
مقال في الصميم يقترب من بؤره الحقيقه لانه جاء من عقل متحرر من التعصب الايديولوجي الاحمق الغارق في المكايدات السياسيه الصبيانيه ضد الاسلاميين
ليت بعض الكتاب اليساريين المصريين علي هذا الموقع يتعلمون منه ولسان حالهم الان يكاد يقول عدو عدوي صديقي مؤقتا وليس مهما ما سياتي به الغد


3 - عاش السيسى البطل
KHALED ALMASRY ( 2014 / 1 / 11 - 12:08 )
عاش السيسى البطل و عاش الجيش المصرى العظيم و عاش الشعب المصرى مفجر ثورة 30 يونيو ,,,,,, الموت لجماعة الأخوان الأرهابية ,,,,,, الخزى و العار للطاغوت الرأسمالى العالمى المتجبر

سقط المشروع الأمريكى - الصهيونى - التركى - القطرى- الأخوانى


خالد المصرى ( شبرا مصر ) مصر أم الدنيا رغم أنف رعاة الغنم وقوى الأستكبار العالمى


4 - أعادة الأعتبار للدولة المصرية
KHALED ALMASRY ( 2014 / 1 / 11 - 12:25 )
, فى كل مكان حل به الأخوان و الأسلاميين ,,,,, ظهر الخراب فى البر و البحر ,,,,, العراق ,,, الجزائر ,,,, الصومــال ,,,,, السودان ,,,, اليمن ,,,,, تونس ,,,,, سوريا ,,,,, مصر ,,,, أفغانستان ,,,,
نيجيريا ,,,,, مالى

اليوم هم فى حالة من الهستيريا للعودة للحكم بعد أن قام الشعب المصرى بضربهم بالحذاء ,,,,,,
خرجوا بلا عودة ,,,, الى مزبلة التاريخ أنتم

خالد المصرى ( شبرا مصر ) ,,, مصر أم الدنيا

اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو