الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على دستور لجنة الخمسين

اسلام احمد

2014 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


أخيرا تمكنت مصر من كتابة دستور جديد يليق بها بعد أن ظلت تتخبط طيلة ثلاث سنوات منذ قيام ثورة 25 يناير تارة بإعلان دستوري باهت أصدره المجلس العسكري وتارة بدستور معيب أنفرد فصيل الإخوان المسلمين بكتابته بعيدا عن التوافق المطلوب في عملية كتابة الدساتير

والحقيقة أن هذا الدستور الذي وضعته لجنة الخمسين هو نتاج ثورة 30 يونيو التي كان لابد منها لتصحيح مسار خاطئ سرنا فيه منذ البداية حين انحاز المجلس العسكري ومعه فصائل التيار الإسلامي إلى خيار الانتخابات أولا قبل وضع الدستور وهو مسار خاطئ ومعكوس يشبه إلى حد كبير وضع العربة أمام الحصان بينما كان يتعين وضع الدستور أولا قبل إجراء أي انتخابات , ولأن جماعة الإخوان كانت هي الفصيل الوحيد الأكثر تنظيما واستعدادا لخوض الانتخابات فقد كان من الطبيعي أن تصل إلى الحكم وأن تنفرد من ثم بوضع الدستور

والحقيقة أن دستور لجنة الخمسين جيد في مجمله إلا أن لي بعض الملاحظات عليه , يمكن إجمالها في النقاط التالية:

أولا لا أخفي عليكم أنني كنت معترضا أصلا على مسألة تعديل دستور 2012 في الأساس إذ أعتقد أن ثورة 30 يونيو قد أسقطت النظام الاخواني بكل مؤسساته وقواعده ومن ثم أسست لشرعية ثورية جديدة وهو ما يعني أن دستور 2012 قد سقطت شرعيته تماما ناهيك عن أنه دستور معيب وملئ بالمواد الكارثية لذا كان يتعين البدء من نقطة الصفر بتشكيل لجنة دستورية لكتابة دستور جديد لا تعديل الدستور القديم

وفي تقديري أن ما دفع السلطة الانتقالية الحاكمة إلى تعديل وليس كتابة دستور جديد هو طمأنة قطاع كبير من الشعب الذي ينتمي إلى التيار الإسلامي وليس بالضرورة منحاز للإخوان المسلمين على مسألة هوية الدولة الإسلامية فكثير من الإسلاميين لا يهمهم كثيرا سقوط مرسي بقدر ما يعنيهم الحفاظ على شرعية دستور 2012 والمادة الثانية من الدستور , بمعنى آخر أرادت السلطة الانتقالية الحاكمة عزل الإخوان واستقطاب بقية فصائل التيار الإسلامي وفي مقدمتهم السلفيون ولقد نجحت في ذلك فعلا إلى حد كبير بكسب حزب النور وأنصاره إلى صفها

ثانيا كنت أتمنى أن ينص الدستور الجديد صراحة على مدنية الدولة فضلا عن وضع قواعد صارمة لممارسة العملية السياسية تقضي بفصل الدين عن السياسة منعا لتكرار تجربة حكم الإخوان وهو ما لم يحدث بالشكل المطلوب!

ثالثا نص دستور 2013 على محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية كما كان الحال في الدساتير السابقة مع تحديد الجرائم التي يحال فيها مدنيون إلى محاكم عسكرية، وهي أربع عشرة جريمة تمثل اعتداء مباشرا على منشآت القوات المسلحة أو معسكراتها أو أفرادها وهو ما أعترض عليه بشدة إذ بموجب هذه المدة يمكن إحالة مدني إلى محاكمة عسكرية لمجرد مشاجرة عادية شاء حظه السيئ أن تنشب بينه وبين أحد أفراد القوات المسلحة!

رابعا منح الدستور الجديد صلاحيات واسعة للمؤسسة العسكرية المصرية بما جعلها فوق الدولة والدستور إذ نص على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لابد أن تؤخذ موافقته على تعيين وزير الدفاع وذلك لمدة ثماني سنوات (مدتين رئاسيتين كاملتين) ,كما لم تنص مسودة الدستور بشكل واضح على كيفية عزل وزير الدفاع أو من يملك سلطة عزله , وهو ما أراه يتناقض مع مادة أخرى في الدستور تعطي لرئيس الجمهورية الحق في تغيير الحكومة والوزراء بعد موافقة أغلبية مجلس النواب! , لذا أخشى أن تكون هذه المادة مثار خلاف فيما بعد

هذا عن السلبيات التي أراها في الدستور الجديد , ودون ذلك فالدستور جيد جدا في مجمله وبه كثير من المزايا أهمها إلغاء نسبة 50 % العمال والفلاحين التي عفا عليها الزمن بالإضافة إلى إلغاء مجلس الشورى الذي لم يكن له لزوم على الإطلاق فضلا عن منح حقوق للمرأة لم تكن موجودة من قبل مثل حق التعيين في الهيئات القضائية والمجالس النيابية

وحسنا فعلت لجنة الخمسين بإلغاء المادة 219 التي كانت تفسر مبادئ الشريعة الإسلامية واستبدالها بمادة أخرى تجعل المرجع في تفسيرها هو ما تضمنته مجموع أحكام المحكمة الدستورية في هذا الشأن

إن أفضل ما نص عليه الدستور الجديد في اعتقادي هو حظر قيام أحزاب على أساس ديني وهو ما لم يكن قائما في دستور 2012 وهو ما يقضي بأن يتم حل حزب النور فورا عقب إقرار هذا الدستور

كما أن من أهم ما جاء في الدستور الجديد تبني النظام شبه الرئاسي الذي يمنح صلاحيات لرئيس الجمهورية ولكنها ليست مطلقة ويعطي بعضها للبرلمان وبعضها الآخر لرئيس الوزراء كاشتراط موافقة البرلمان على تغيير الحكومة وهو في تقديري النظام الأنسب لمصر وأعتقد أن تجربة حكم المرحلة الانتقالية أثبتت صحته بإعطاء بعض صلاحيات الرئيس عدلي منصور للدكتور حازم الببلاوي , والحقيقة أن الفضل في ذلك يرجع بشكل كبير إلى الدكتور عمرو الشوبكي رئيس لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين الذي دافع كثيرا في كتاباته عن النظام الرئاسي مقدرا أن النظام البرلماني في ظل ضعف الأحزاب والتوازنات الحالية سيكون كارثة على مصر

ورغم أنني سأصوت بنعم على الدستور الجديد إلا أنه ساءني للغاية التعامل الإعلامي والسياسي مع موضوع الاستفتاء إذ ثمة وصاية تمارسها مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الإعلام المصري على الناس لدفعهم إلى التصويت بنعم تماما كما كان الحال إبان أول استفتاء بعد ثورة 25 يناير حين دفع المجلس العسكري والإسلاميون الناس إلى التصويت بنعم ومن ثم تحولت القضية من سياسية إلى دينية وكانت سببا في حدوث انقسام حاد في المجتمع , لذا فلنترك للجميع حرية التصويت بنعم أو لا مع عرض كل فريق لوجهة نظره بحيادية , والمهم في نظري هو نسبة المشاركة في الاستفتاء فهي الدليل على أن مصر تسير في الطريق الصحيح نحو الديمقراطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إسرائيلي: حماس -تعرقل- التوصل لاتفاق تهدئة في غزة


.. كيف يمكن تفسير إمكانية تخلي الدوحة عن قيادات حركة حماس في ال




.. حماس: الاحتلال يعرقل التوصل إلى اتفاق بإصراره على استمرار ال


.. النيجر تقترب عسكريا من روسيا وتطلب من القوات الأمريكية مغادر




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال لمسجد نوح في