الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلـــة الشلل المعرفي انمدوذج للأنقطاعات في أنساق التاريخية

عباس الحسيني
شاعر ومترجم وكاتب معرفي

(Abbas Alhusainy)

2002 / 11 / 18
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

شكراً للجيريدة ، لم تَـقُلْ إنّــي سَقَطتُ هناكَ سَهــوا ً
- محمود درويش-
 

                                             

لم تكن رحلة بدء التأريخ المعاصر والتي قام بها الرحالة كريستوفر ، كولومبس كما يطلق عليها الأميركيون ، رحلة إعادة الاكتشاف سهواً جزر جنوب المحيط الهندي !! ، الا انها وللأمانة التاريخية رحلة منظمة اشرفت عليها طلائع البحث اليهودي المحموم مؤطرا باقنعة ملوك ومتربـّـحي الحروب الصليبية التي ما ان طالت وتشعبت ، حتى عمّها ، وعم كل اوروبا المعاصرة الآن ، الفقر والجوع والسقوط في دهاليز أوبئة اللا حياة واللا مماة ، وهو الأمر الذي غاب أو غُـيّب عن مناهج ومفردات أدبياتنا وكتبنا وعلى وجه الخصوص والتحديد في آلية وموضعة التاريخ المقارن ، وهو ما غاب أيضا عن سينواريوهات ودراما المشاعر العربية ، بسبب من شيوع مطيبات الرؤية الرامبوية في الطبخة السيمية المحدثة من جانب ، ولنزوع أغلب شعرائنا وكتابنا ومؤلفينا في بواكير تجاربهم الفنية الى اللهاث حول خطاب الأنا النرجسي أو الإرتحال قسرا الى بـرِّ لبرالية معتمة من جانب معتم هو الآخر .

غير ان الهدف الحقيقي ، وكما تكشف وثائق أكثر الموسوعات في التاريخ رصانة ودقة ، كان لدعم الحروب الصليبية ( ضد الإسلام - بصفته إيديولوجية التحديث الكوني ) ، تلك الحروب التي لم ولن تتوقف إلا في حالة إجهاض أو توليد أعقد الحقائق الكونية والمعرفية المصحوبة باعادة ترشيح معطيات التأريخ ، جلها وأشملها ، لا بل أهمها وأولها على الأطلاق وهو ما يتمثا بتوقف الشعوب الأرضية وقفة الضمير امام وجودها الآخر وبمعية ان الوجود الإلــهي إديولوجية رحمة مطلقة كما في قوله تعالى مسددا خطى الرسول الأعظم : " وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين " وان فلسفة المعرفة الإلهية ما هي إلا من مظاهر الاستدلال والتجلي ، لا مجرد تفكير دوغمائي وسفسطة دائريتين متوهتين ، وان الدين سلوك بدءه الذات الواعية ، لا تفاضل ولا امتلاك ولا امتهان ، وان الجريمة لا يمكن ان تسمى ووفق جميع الأعراف وأقيسة التفاضل والتكامل في حضور المبادئ الحية ، - سوى جريمة – من هواجس قابيل وهابيل مرورا بأفيال إبرهة الحبشي ووقائع رأسي يوحنا والحسين وحتى ميكي ماوسيات بن لادن المحترفة !!!!

ان العالم اليوم ، وهو منشغل بضرورة الجدل الحضاري – الذي نوه اليه الجانب الغربي على انه الحل الأمثل ، ويقصد بذلك الشفاف – لكي ترى الشعوب ومن خلاله ، زعماً .. ،  ذاتها وحقيقة مستقبلها وحريتها التي لا تعرف كيف ولماذا ومتى وحتى م َ ، ومن ذا الذي سلبها اياها ، بدءاً بسراق حياة وخيول وماشية الهنود الحمر في الغرب الأميركي وصولا الى سراق شلب الشامية والمشخاب ولقمة الأطفال في يافا والجليل وعراقنا المؤجل عن الحياة والممات والرحيل والبقاء والترشيح والتصويت ، وهناك دوماً وأبدا القدس ، تلك الصبغة العربية الغريبة الحزن والتحدي ، فاتحة أسرار التحدي التي تكشف لنا على الدوام تلك المشيئة الغريبة التي وضعت قبلتنا الأولى وجامع قبة الصخرة على ذات أرض كنيسة القيامة وعلى ذات ارض كنيسة القيامة وبيت لحم وحائط مبكــى تتلوى عنده اعناق مؤمني بني صهيون ، وهم يرجعون حكمة الشموع بستئثار مشهد المسيح ذبيحا والإسلام محاربا ، تقديسا لنبل دماء – كينان – ( كنعاننا ) الأخير  .

ان محاولة اعادة الحياة الى مُـثُل واستحكامات التاريخ ، وبث الحياة المتوقفة في خرائط المصير الإنساني – لا يمكن ان يستقيـمَ ذلك كلّه – على أيدي شراذمة من أوغاد وطغاة وانفصامين وفاتحين ودركيون وجواسيس ومحرفين ، أفلتوا غيلة من مستشفيات البلاد ليفترشوا شوارع وأضرحة القارات مبررين قتل المباديء والشرف والتطلع الإنساني في الجبهة النبيلة بشجون أمراضهم الجَمعية ( والإصطلاح لسغموند فرويد ) ، العصرية ، قبل الشروع بتحرير الأرض والمصير .

فما الذي يمكن ان يقوله الغرب في حوارات الحضارات المرتقب هذا ، وقد بدا الممثل السري لجورج بوش المنتصر طبعا ، وآخر لـ ( شارولـين ) ، واستميح القاريء عذرا من ان الإسم الأخير مستنتج على طريقة زميلنا القاص والكاتب على السوداني ، وهو يعني ( شارون + ستالين ) ، وآخر لـ ( KJB ) وآخرون لا تعلمونهم ، الله والــ... يعلمونهم ، وهناك طبعا رجال الشفرة المذهبة !!

فسيجلسون كلهم ، وقد ناء بكلكلٍ ركبهم العولمي – الآيروسي – السفسطي – الدوغمائي – الطوباوي – اللا أممي و اللا عقائدي واللا إثني – الإنكشاري ، قســرا ، قرب منصة الشرف الرفيعة ، هذا بالإضافة الى متتبـّعي برصة الرقيق والمخدرات ومصممي تقاليع ( قصّة المودة ) والحضور المشّرف للبواسل الأبديين من مرتزقة وشركاء – بن لادن – في إرساء منظومة الأمن العالمي الجديد – ووفق شرائع القتل الهوليوودي المتقن – وهناك حاشية المتفلفسون والمتشدقون المتفيقهون ، وأنصاف المثقفين وأميو الصحافة والتفكير ، وهم منشغلون دوما بارتشاف ( باريس نسكافيه ) و ( ايطاليا كاباشينو ) و ( عرب نركيلة ) – في غياب المقام األأرضي ، مع الغزل الرفيع لحسناوات الإنتلجينسيا ومنافذ الكوجيتــو العولمي ، لا الديكارتي ، والذي ينصُّ ويؤكد على موضوعة ( لا تنصر أخاك ، ظالما كان أم مظلوما ) ، وذلك لقدرة الدم العربي على الصمود وسط تحديات ميديا خسارة الأم – ميديا التطهير هاميلتيا – واللا ضمير برس قَبَلياً ، والتي شكرها الشاعر محمود درويش  بطريقة ذكية ومحدثة حين بكـى : " شكـراً للجريــدة لم تقـل اني سقطت هنـاك سهـوا " . ان الواقع العربي ، وضمن مشيئة التأريخ معادا ومستهلكا ، وهو ما لا يؤيده نعوم تشومسكي ، فإنهم أمام أمرين أولاهما يذكر بموقف شيخ قبيلة بني تميم في الجزيرة العربية ، وذلك حين وضع رجال قبيلة مضر ابنه قتيلا امامه ، وسألوه ، مالذي يرضيه ازاء حادث الغاء الإنسان كونيا ، فأجاب ببرود وشموخ وحكمة قبيلة لا مثيل لها : واحد من ثلاث ، الأول : اعيدوا لي ابني حيا والثاني :اتوني بنجوم السماء والثالث : ابيدكم عن بكرة ابيكم " ، وها نحن نباد ، الوعي قبل إحلاله في جريدة الغد يباد ، العاطفة قبل اتشاحها بوخزة الآخر تباد ، البلاد في طريقها الى ان تباد ، المثل والمعايير التي جعلها الرب مسددة بوعي القرآن ، تباد ، ان التأريخ هنا لا يشبه فلسفة التأريخ الهيغلي ، في ضرورة اعادة التفكير في رؤية الإنسان ، ولا على طريقة تحليل النسق أو الهوية ، أو المدلول الثقافي ، انها لغة الدم في الإنكسارات المتشعبة ، لا حوار مع الغرب إلا بالخروج م ارض المقدس ، لا حوار إلا باعادة الإعتبار الى الرسالة المحمدية الأزلية التي تتناولها وبشراسة الآلاف قنوات التلفزة اليهودية الجذر والغربية الإمداد ، جنبا الى جنب صور العرب المقحمون في الإرهاب وبيئاته المحزنة والصابرة – في المواقع المؤفغـنــة -   والشروحات تطول ، غير ان الحوار وان اخذ مداه سيكون حوار اعادة ارتباط الضحية بقناة العدالة الأرضية المؤجلة ، عبر دماء محمد الدرة ووفاء وضحايا العراق وافغانستان والأرخبيل الهندي ، وقد أضاف الى القائمة السوداء حال انتهاء الجريدة من هذا الإنكسار في بنـى التأريخ التحتية ، لا في التخييل والشعر والحياة القادمة .

 

  عباس الحسيني – شاعر ومترجم - أميركا

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا