الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل العلاقات الأميركية السورية

أشواق عباس

2005 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


كشفت مؤخرا عدة تقارير تصدر عن مراكز أبحاث أميركية ذات وزن كبير ، السياسية الحالية الأميركية تجاه عدد من دول الشرق الأوسط والتي يأتي في مقدمتها كل من سوريا و لبنان ، ومعرفة أهداف هذه السياسية يبين تماما الاحتمالات التي يمكن أن تأخذها العلاقة بين الدولتين مستقبلا و احتمالات توترها أو عودتها إلى استقرارها و توازنها ، وسنكتفي هنا بالإشارة إلى التقرير الذي أعلن عنه روبرت ساتلوف ، وهو القيادي اليهودي في واشنطن ومدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط الذي يعتبر من المراكز المختصة بإعداد السياسات الخارجية للإدارة الأميركية .

هذا التقرير تضمن تفاصيل مهمة في مخطط السياسة الأمريكية خلال المرحلة المقبلة ، التي يطلق عليها اسم "سياسة زعزعة الاستقرار البناءة" ، و هي تشتمل على حلقات متتابعة، يتم تنفيذها الواحدة تلو الأخرى ، بدأت بصدور قرار مجلس الأمن رقم 1559 وما تلاه من ضغوط لانسحاب القوات السورية من لبنان ، تمر هذه السياسة الآن بمنعطف حاسم وخاصة ، حيث عمدت الإدارة الأمريكية لانتهاز ما أسمته بفرصة التطور النادر في الأحداث التي تشهدها سوريا و لبنان، ومن ثم التركيز على جانب واحد فقط من جوانب القرار 1559 ألا وهو انسحاب القوات السورية .

انسحاب القوات السورية في لبنان، ليس له علاقة بالتوصيف الإحتلالي كما تقول الولايات المتحدة وحسب، وإنما يكشف هذا الانسحاب، الخاصرة الرخوة لسوريا في جانب الأمن القومي، ويقلل من انتشار الجيش السوري، "بمعنى آخر" تقليل الأهداف التي يمكن استهدافها عسكريا فيما لو وضع الخيار العسكري قيد التنفيذ، وهذا وارد بالطبع، خاصة وان احتمالات سيطرة إسرائيلية على سهل البقاع في حالة المشاركة لأي غزو محتمل، تصبح أسهل بكثير فيما لو كان السوريون موجودون في المنطقة .

كل ما سبق يعني و حسب الإعلانات الأميركية نظريا أن عودة العلاقات إلى وضعها الطبيعي و توقف الضغوط التي تقودها أميركا مرهون بالقبول والموافقة السورية الكاملة ، ودون أي تململ للمطالب الأميركية المتمثلة بعدم التدخل الكامل بالقضايا اللبنانية و الفلسطينية ، و توقيع اتفاق سلام بدون أي شروط سورية مع الموافقة على الشروط الإسرائيلية ، تقديم ما تريده أميركا منها في الملف العراقي ، الخ هذه المطالب التي لا نهاية لها
لكن الواقع العملي و الفعلي يؤكد أن ذلك غير صحيح على الإطلاق والبراهين على ذلك كثيرة ، وهي أن سوريا أغلقت مكاتب المنظمات الفلسطينية (والذي كان يعد من أهم المطالب الأميركية ) ، و قدمت كل التعاون مع الأميركيين فيما يتعلق بالملف العراقي ، والانسحاب الكامل من لبنان (و الذي شككت به أميركا من خلال تصريحات كبار قادة إدارتها) ،وأعلنت عن رغبتها لعودة المفاوضات مع إسرائيل بشكل متكرر ، ورغم ذلك لم تتوقف الضغوط ، بل أدى ذلك إلى ازدياد المطالب الأميركية التي باتت تمس صميم القضايا السيادية السورية .

فاليوم الانسحاب من لبنان والتحقق منه والتحقيق بما جرى على أرضه، وغداً تصفية المقاومة اللبنانية والفلسطينية التي يسمونها (إرهاباً)، وبعد غد العراق الذي يعيش فيه الأميركيون مأزقاً ، وملف المقاومة والمرتبطين به، وبعده أسلحة الدمار الشامل السورية التي تهدد العالم كله وتستطيع أن تنطلق في ثلاثين دقيقة ربما، ومن ثم هناك موضوع احتلال سوريا لسوريا، وتعويق سوريا لحركة الديمقراطية والإصلاح في المنطقة، وكون السوريين سوريون لم يغيروا ثقافتهم وهويتهم ومناهج التربية والتعليم بالعربية .. إلى آخر السخف الأميركي الإسرائيلي ، وهو ما يعني أن تجاوز سوريا لخلافاتها مع أميركيا أمر غير مضمون في الوقت الراهن .

و هنا على سوريا أن تأخذ في حسبانها النقاط التالية :

- على النظام السوري أن يعيش أربع سنوات مع أميركا بقيادة جورج بوش. ولذلك من المستحسن أن تركز دمشق على كيفية التعامل مع بقية المطالب الأميركية لان إرضاء واشنطن بتطبيق 1559 سيكون مؤقتاً. أميركا تريد من سورية أن توقف استضافتها ودعمها للمنظمات الفلسطينية والتعاون معها في شأن احتلالها للعراق. وعلى رغم انه سيكون من الصعب على دمشق إيديولوجيا وسياسياً التخلي عن دعم المقاومة في فلسطين والعراق، إلا انه ليس من الأكيد أن انعدام الدعم السوري سيضعف المقاومة في البلدين .

- الاستمرار في سياستها التي تتبعها حاليا في إدارتها للأزمة الحالية ، وهي سياسة سد الذرائع في وجه الإدارة الأميركية ( أي اللعب بنفس مبدأ لعبة الشرعية التي تمارسها أميركا ) فهي الضمان الوحيد الذي يضمن لسوريا أن تزيل على الأقل من خلاله الشرعية عن أي عمل تصعيدي ضدها قد تلجأ إليه أميركا ( لاسيما بعد حربها الأخيرة في العراق ).

- القيام و بالسرعة الممكنة بإجراء إصلاحات واسعة و جذرية في الداخل السوري ( السماح بالتعددية الحزبية – إلغاء قانون الطوارئ و الأحكام العرفية ، استقلال الإعلام .... الخ ) بهدف كسب التأييد الداخلي السوري لاسيما في الضوء التطورات و التهديدات الخارجية التي تستخدم هذه الملفات لإثارة الداخل في وجه النظام ( تحصين الوضع الداخلي ) .

- العمل على إدخال بعض الوساطات الدولية ( دول ذات وزن كروسيا مثلا ، ومنظمات دولية كالأمم المتحدة ) لاسيما بعد تنفيذها للقرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن ، و هو الذي يعطي لسوريا مدخل مهم ، وهو خضوعها للشرعية الدولية و بأنها لا تعارض التنفيذ حتى ولو مس ذلك مصالحها وبالتالي تكون بذلك قد أدت واجباتها أمام هذه المنظمة الدولية ، وهو ما يمنحها بذلك غطاء دوليا تعمل أميركا جاهدة على سحبه عنها لتبيان بأنها دولة خارجة عن القانون ولا تتقيد بالقرارات الدولية .

- الدخول في حوار علني و شفاف مع الولايات المتحدة الأميركية تحاول من خلاله إزالة الالتباسات القائمة (حسب وجهة النظر الأميركية ) مع أميركيا ، ويمكن هنا أن تطالب سوريا أن يكون هذا الحوار تحت رعاية دول أخرى أو منظمات دولية كالأمم المتحدة.

- ممكن لسوريا الاستفادة من الجالية السورية في أميركا لتحسين صورتها لدى الشعب الأميركي و توضيح مواقفها .

- إعادة إعلانها وتأكيدها على رغبتها بالعودة إلى مفاوضات السلام وتحت رعاية دولية بالشكل الذي يدحض ما تسوقه أميركا وإسرائيل عنها بأنها دولة معادية للسلام ، وهنا نعتقد انه يمكن استثمار المصافحة التي تمت بين الرئيس السوري و الرئيس الإسرائيلي بشكل ايجابي لإظهار ما سبق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل