الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجود كمتاهة دائرية

أحمد الشريف

2014 / 1 / 12
الادب والفن


الوجود كمتاهة دائرية
أحمد عبد الحميد
يقيم عنوان رواية "كأنة نهار" مفارقة بين نهارين أولهما:النهار بمعناه الأنطولوجي الرامز إلي الفعالية النشطة والحركية المثمرة التي تغلفها الوضاءة الكاشفة المنكشفة, وثانيهما:النهار كما يتبدي في الرواية, صفحة زمنية ينطبع عليها واقع الشخوص المكتنز الإحباطات وهو ما تنحل معه إشكالية مرجعية الضمير الغائبة في العنوان, ومن ثم تلعب أداة التشبيه
*كان* دورها في تعميق الفجوة بين النهارين. ولا تكاد أي من شخصيات الرواية تفلت من عبور لجة بحر الحياة عبر منحني هابط, يفقد البطل عملة في شركة السياحة, ويتحمل رجب وأخوته تبعات ديون أبية, ويتعرض صابر جاب الله للإنهاك والانتهاك في علاقات قسرية مع نسوة بيت حربي علام ..الخ و استجابة لغواية الحكي ما بعد الحداثة, ينفتح الفضاء أمام سيل من الحكايات المختلفة التفاصيل, المتماثلة الدلالة من السيخ محمود الذي بذل الغالي والنفيس بغية نوال لقب بك أو باشا من الملك فاروق ولم يفلح مرورا بالسائق الذي رمي نفسة في النيل هربا من مشاكله, وليس انتهاء بكريستين التي لا تمل من صب اللعنات علي زوجها الغادر. ** هذه البلدة رغم أنها تبدو هادئة ومسالمة إلا إنها تفور وتغلي بالأحقاد والضغائن. أباء يقتلون أبناء, أبناء لا يهتمون بمشاعر الآباء**ص21 يجبر واقع تلك البلدة ذات السمت المخاتل شخوص الرواية علي الانسحاب من معترك النهار إلي هداة الليل** يا سلام يا عبد الله لو الدنيا تبقي ليل علي طول**ص10 , أو مغادرة الوطن إلي بلاد بعيدة منخفضة الحرارة لا تزورها الشمس إلا قليلاً مثلما يحلم فرغلي ص46 , أو مفارقة الحياة برمتها:
"والله يابني اللي يودعها يرتاح**ص31
لأنة "لأشي يبقي. الكل باطل " ص22 أو الاستدعاء المتكرر لسياقات تاريخية تعود إلي الاحتفال الفرعوني الإغريقي بعيد ديونيسوس, آلة الفرح والجمال والحب المنوط بة بعث الحياة في صخبها وزخمها وحراكها المفتقد داخل واقع الرواية. وعلي خلفية التعارضات الحادة بين النهار والليل, بين الداخل والخارج, بين التاريخ المثال والزمن الحاضر الواقع ,وأخيرا علي المستوي البنيوي بين راو عليم وأخر بضمير المتكلم متماه مع بطل الرواية, تتبدي رومانتيكية الرواية بطابعها الإنسحابي من العالم المحيط الذي تتحول أزماته إلي متاهة دائرية فيدندن فرغلي الخياط, لما أقول إني صحيت اسكر من جديد. ولما أقول أني انتهيت أبدا من جديد.** غير أن المشهد الأخير المفعم برمزية كثيفة يحاول كسر الدائرة المغلقة إذ يتعاور فيه الوجد الصوفي ونشوة اللقاء الجسدي. في لحظة اقرب ما تكون بتجلي الذاتية المتعالية يلتقي البطل محبوبة القديمة التي انقطع عنها, حياة سعيد,وللاسم دلالة لا تخفي, وعلي خلفية غناء ارمسترونج: وأقول في سري ما أروع هذا العالم, يستعيد الوجود المنقسم علي نفسه اندماجه وتناغمه من خلال رمزية الجنس المكني عنة ب** رحلتي المقدسة** فيفصح اللاوعي المستتر عن نفسه ** كم أنت جميلة ولذيذة يا أمنا الأرض** مما يشي بإمكانية التصالح مع هذا العالم بتناقضاته وإحباطاته . ومن ثم تتسع حواس البطل لتستوعب النباتات المتعفنة وجثث الطيور ورائحة الخراف والجديان, إلي جانب أسراب أبي قردان ورائحة الماء وأزيز النحل وهو يدور علي الزهور.. لأغناء عن الوجود في كليته وعن الحياة في تنوعاتها, التي تحنو بعض الأحيان وتقسو في أحيان كثيرة.
احمد عبد الحميد أخبار الأدب الأحد 8ـ8ـ2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس