الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمان البحريني أمام اختبار الموازنة والمتنفذين!

عبدالرحمن النعيمي

2005 / 6 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


تتضح سلبيات الدستور الجديد في البحرين كلما أوغلت التجربة النيابية في معالجة قضايا تمس المال العام، بعد أن تكشف للجميع أنها عاجزة عن اصدار قانون واحد، حيث إن صلاحيات أعضائه تتلخص في تقديم مقترح او رغبة للحكومة التي بدورها ترفض أو تعيد صياغة الرغبة او المقترح اذا وجدت فيها ما لا يتعارض ورغبات ومشاريع وخطط السلطة التنفيذية!!

ففي الاسبوع الماضي تعرض المجلس النيابي الى اختبار كبير عندما أقدم سكان قرية المالكية على الساحل الغربي للبحرين بالكشف عن قيام احد ابناء الشيخ محمد بن سلمان الخليفة (الذي يقبع في المستشفى منذ قرابة ثلاث سنوات في غيبوبة كاملة) ببناء سور يمتد مسافة كيلومترين ونصف الكيلو متر داخل البحر، حيث اتضح ان الساحل الغربي للبحرين قد تم توزيعه على كبار افراد الاسرة الحاكمة وامراء سعوديين وكويتيين، وبات المواطنون يشكون من حبس البحر عنهم.. فلم يتمكن المجلس من تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الموضوع، وعندما تصاعدت احتجاجات المواطنين ضد هذا المالك، ارسلت الحكومة وزير الداخلية ووزير البلديات، اللذين أكدا أن البناء قد توقف، لكن المواطنين اكتشفوا بعد مغادرة وزير الداخلية مباشرة، وبحضور وزير البلديات، ان البناء مستمر من الجهة الاخرى، وان الابن (حمد) يسير على نهج والده (محمد بن سلمان)، ويبدو ان أعضاء المجلس النيابي ـ اذا استثنينا نائب المنطقة (عبدالعال) ـ يعتمدون على الحكومة قبل مناقشة الموضوع، مما اثار الكثير من الاقاويل حول قدرتهم على مواجهة كبار المسؤولين الذين يستولون على المياه المغمورة ضمن المشاريع الكثيرة لبناء جزر ومنتجعات سياحية، ضاربين عرض الحائط بكل التوصيات حول ضرورة الحفاظ على اراضي الدولة.

اما القضية الاخطر التي تعرض لها البرلمان فهي الموازنة.. وقد اعتبر النواب انهم اكتشفوا كوكباً جديداً عندما اجبروا الحكومة على الاعتراف بأن تقديرها لايرادات النفط خلال السنتين المنصرمتين كانت خاطئة، وانهم استطاعوا اجبارها على الاعتراف بأن هناك اكثر من مائة وخمسين مليون دينار لم يتم الكشف عنها.. وحيث ان عيونهم على الانتخابات القادمة، فقد توزعت الكتل النيابية في كيفية ارضاء الناخب، فكتلة السلف بقيادة النائب الشيخ عادل المعاودة فتر ضرورة رفع رواتب موظفي الحكومة، في حين ترى كتلة الاخوان المسلمين أن رفع الاجور للقطاع الحكومي سيصيب العاملين في القطاع الخاص بالضرر الكبير، في الوقت الذي سيبتلع التجار اية زيادة في الاجور برفعهم لأسعار كافة المواد الاساسية، وبالتالي من الضروري تقديم (بونس لكل المواطنين!!) … وفي حين هدد العاطلون عن العمل ـ في بيان وزعوه بكثافة وقاموا باعتصام امام الديوان الملكي يوم السبت المنصرم ـ بتسيير مظاهرة امام مجلس النواب ورمي النواب بالبيض المارق والطماطم الفاسد ان تم تمرير الميزانية دون اصدار قانون حول الضمان ضد التعطل ودون ايجاد مخارج لجيش العاطلين عن العمل الذين تتزايد اعدادهم كلما ازدادت المشاريع في البلاد، حيث الاعتماد يتضاعف على العمالة الاجنبية، بما في ذلك شركة نفط البحرين التي باتت تجلب عمالة فليبينة من قبل شركة مملوكة لأحد كبار المسؤولين في الدولة هناك!!

وبالرغم من الجهود التي بذلها النواب في فحص الميزانية فإن جمعية العمل الوطني الديمقراطي التي اقامت ندوة يوم الاربعاء (31 مايو) شارك فيها رئيس جمعية الشفافية، ورئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي والصحفي علي صالح، كانت أقدر منهم في فضح ارقام السلطة، حيث تعرض الاول للمعايير الدولية المتفق عليها في وضع الموزانات العامة، والخلل الذي تعاني منه الدولة في البحرين حيث لا تزال ترفض الافصاح عن الكثير من المعلومات للمواطنين والقوى السياسية والمجتمعية، وابرزها ضرورة كشف كل الايرادات والصرفيات امام المجتمع وخلال فترة محددة من طرح الموازنة على مجلس النواب.. كما هناك تساؤل هل ثمة من دولة في العالم تضع ميزانية لها لمدة سنتين، عدا مملكة البحرين !!

اما رئيس جمعية العمل الوطني السيد ابراهيم شريف، فقد أكد أن هناك ثقباً اسود في ميزانية مملكة البحرين يمتد سنوات منذ الاستقلال وللوقت الحاضر لا تفصح الحكومة عن محتوياته، اضافة الى تحليله لبعض بنود الموازنة كاشفاً عن أن الحكومة تتبع التضليل والخداع والكذب على المجلس النيابي وعلى الشعب في اخفاء كثرة من الايرادات التي تصل اليها من الشركات المساهمة فيها، اضافة الى تلاعبها بارقام ايرادات النفط، (حيث قدر المبلغ باربعمائة مليون دينار بحريني!!). بالاضافة الى قيمة تأجير القاعدة الامريكية، ومشتريات السلاح حيث تشير كل التقارير إلى أن البحرين هي الخامسة في العالم في شراء الاسلحة قياساً الى عدد السكان!! الا ان الادهى هو عدم الافصاح عن ميزانية الديوان الاميري.. سابقاً (الديوان الملكي حالياً) حيث لم يكلف النواب أنفسهم الاستفسار عن حجم هذه الميزانية (في الوقت الذي اقر المجلس الوطني عام 1974 ميزانية الديوان الاميري بـستة ملايين دينار، دون مناقشة التفاصيل، حيث اعتبرها مخصصات للديوان، وهناك نص في دستور 1973 على ان مخصصات الديوان الاميري لا تتغير طيلة حياة الامير!!) أما في المجلس الحالي فان الحكومة تهدد النواب وتبرز لهم مواد دستورية (وتفسرها على هواها) عندما يطالب النواب بمناقشة وضعية العاملين في قوة الدفاع، ولماذا تعتمد الحكومة على قوى غير محلية!!

تتضح الامور أكثر فأكثر.. لقد كان المال هو السبب الاساسي في حل المجلس الوطني عام 1975، وفي الوقت الحاضر، فان الدستور الجديد الذي وضع مجلس النواب في المرتبة الاخيرة من السلطات، وقيد صلاحياتهم التشريعية والرقابية، يراهن على ان الراتب الكبير (3250 ديناراً بحرينياً) الذي خصص للنائب سيكون مغرياً باستمرار للكثير من الشخصيات التي توزع الوعود في الحملة الانتخابية، لكنها لن تتردد عن السير في دبر الحكومة عندما تكون في المجلس النيابي.. ويستمر هذا المجلس في لعب دوره كظاهرة صوتية مطلوبة في الحياة السياسية في البحرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح