الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصويت علي الدستور وتنازع الهويات والمصالح ..

محمود الزهيري

2014 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مازال الصراع محتدماً علي التصويت علي الدستور في مصر بزخم شعبي جماهيري صنعته في المقام الأول تجارب الفشل لجماعة الإخوان المسلمين , وحزبها الحرية والعدالة , ومعهما كافة الجماعات الدينية والأحزاب التي أعلنت المدنية بمرجعية إسلامية , لتعطي مردوداً بالغ السوء في ممارساتها للتجربة السياسية منذ أول وهلة في ملعب السياسة المصرية الملتهب بجمهور يغلب عليه طابع الشعبوية , وتوجهه آلة إعلامية ضخمة ورؤوس أموال بلغت المليارات لتتنازع المصالح حول إكتساب شرعية ومشروعية لها عبر هؤلاء الشعبويين من الجمهور / الشعب / السوقة / الدهماء / , بجانب الدوجما وعصا الوطن , وشومة الوطنية والقومية والناصرية .
2
الجماعات الدينية مارست جملة أخطاء في الممارسة السياسية في ملعب المجتمع المأزوم في البسط من أصحاب المقام المحافظين علي سيطرة وسطوة الدولة المركزية الباسطة نفوذها علي غالبية مساحة الوطن , بواسطة المؤسسة العسكرية , والشرطة والأجهزة الأمنية بكافة تنوعاتها , ولذلك حينما بدأت جماعة الإخوان المسلمين النزول للملعب اختارت لها الحليف القائم علي حماية ورعاية الدولة المركزية , وكان هذا أول مسمار تم دقه في نعش الجماعة المحمولة علي أعناق أتباعها وانصارها إلي قبر التاريخ , والذي لن يزوره إلا البكائين والحزاني والأيتام والأرامل من أتباعها وأنصارها , لأن الشعب المصري / الجمهور , وجد بديل آخر متمثلاً في أرباب الدولة المركزية مرة أخري , بل وسيستخدمهم كأدوات للمساعدة في تهميش دور الإخوان والجماعات الدينية الأخري متي لزم الأمر ذلك .
3
كانت مطالب الثورة منذ بدايتها متمثلة في الشعار المبدع " عيش . حرية . كرامة إنسانية " , وكان هذا الشعار صادقاً , فالخبز والحرية ينتجا الكرامة , ولاكرامة مع فقدان الخبز والحرية , ولا حرية مع جوع وفقدان رغيف الخبز , إلا أن جماعة الإخوان أرادت أن تعطي الهوية المجانية للشعب / الجمهور , مقابل تحالفها مع الجنرالات والأجهزة الأمنية للإستحواذ علي مفاصل الدولة المركزية لتعيد إنتاج نظام يوليو من جديد بعباءة دينية توهمت أنها تستطيع أن تخدع بها الشعب / الجمهور , مما استشعر معه المحافظين علي أركان ومفاصل وعصب الدولة المركزية بالأخطار التي تهدد مصالحهم في المقام الأول ,ويتم إستبدال نظام عسكري فاشيستي , بنظام ديني أكثر فاشيستية , وكان تنازع المصالح في صراع مع تنازع الهويات , مما استحال معه قسمة المصالح مع الهويات , فكان هذا الصراع الدموي الحاصل علي أرض مصر , والحاصل في أي منطقة من مناطق الأوطان العربية , سواء في سوريا أو الصومال أو السودان أو حتي أفغانستان وتورا بورا علي أسوأ التقديرات !
4
في الوقت الذي كانت جماعة الإخوان المسلمين الفاشية متحالفة مع الفاشية العسكرية , وكانت هناك عدة صراعات سياسية وفعاليات خاصة بحملة " عسكر كاذبون " , والتي تم عرضها أمام منزل المشير محمد حسين طنطاوي , وأمام وزارة الدفاع , وغيرها من المحافظات وميادينها العديدة , وعلي سبيل المثال في قريتنا مشتهر , التابعة لمركز طوخ محافظة القليوبية , فقد تم عرض " عسكر كاذبون " ثلاث مرات , في أوقات متقاربة , وكان الإخوان ومعهم العصابات الدينية الأخري , يحاولوا التعدي علي أعضاء الحملة , والتعدي علي شاشات العرض , التي كانت تظهر جرائم الجيش والشرطة ضد الثوار منذ بدايات ثورة 25 يناير 2011 , وحتي صعود نجم عصابة الإخوان المسلمين الإرهابية وتقلدها مناصب في الدولة المصرية وأعلاها منصب رئيس الجمهورية , وحتي هذه اللحظة كان شعارهم " الجيش والشرطة خط أحمر " , وعلي ما اذكر كان الرد علي هذا الشعار بشعار آخر أبدعه صاحب مدونة " المجنون " فتحي فريد , بأن جعل الملابس الداخلية النسائية بلونها الأحمر منشورة علي حبل غسيل بمشبكين , في إستهزاء وسخرية بالغة من شعار الإخوان هذا ..
أتذكر من جملة ما أتذكر من شعارات , كانت تردد في الميادين " الشعب يريد إعدام المشير " , وكان الإخوان يرددوا : " يامشير يامشير .. يامشير إنت الأمير " , وجمعة قندهارشاهد علي الإعلان الفج لتحالف الإخوان والعصابات الدينية الأخري مع المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي , ووزير الداخلية في ذلك الحين !!
ومما يذكر إستدعاء أعضاء عصابة الإخوان لمجلس الشعب وتسليمهم معدات الشرطة من عصي واسلحة ليكونوا زراعاً أمنياً موازياً للأزرع الأمنية للشرطة , بزعم حماية أعضاء مجلس شعب الإخوان , وتعديهم علي الثوار بالضرب واستخدام أفظع وأشنع الأساليب التي لم تكن تستخدمها الشرطة ضد الشعب واستخدامها أعضاء عصابة الإخوان , في تحالف مشين ومرعب مع الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية , وتشكيل مجالس شرعية عرفية بديلاً عن المحاكم , والإعتصام أمام المحكمة الدستورية ..
5
ومما يذكر أيضاً أن مرسي العياط الرئيس المعزول وفر للشرطة اسلحة وزخائر بمبلغ مقتص من ميزانية المصريين يقد بـ 2 مليار و800 مليون دولار أمريكي كأسلحة وزخائر وقنابل دخان وغاز , لإستخدامها ضد المصريين , وكانت الأيام سريعة في الدوران والإلتفاف ليتم إستخدتم تلك الأسلحة والزخائر ضد عصابة الإخوان والعصابات المتحالفة معهم ..
6

ولاننسي الإستفتاء علي دستور 19 مارس , دستور طالبان والقاعدة والجهاد والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة وغيرهم من العصابات الدينية التي تم إستجلابها من أفغانستان والعراق وباكستان والسودان وغزة , لتتواجد في مصر في أرض سيناء لتكون قاعدة للإرهاب الدولي في مصر بقيادة مرسي العياط رئيس الجمهورية في ذلك الوقت , وإعطاء الجنسية المصرية للآلاف من الفلسطينين الغزاويين , ومعهم السوريين من أعضاء عصابة الإخوان المسلمين ليشكلوا أذرعاً أمنية مسلحة في مصر كحماية لمطامع ومطامح عصابة الإخوان في مصر , والمنطقة عبر التنظيم الدولي المتعدد الأزرع الأخطبوطية , وكان شعارنا في ذلك الوقت " دستوركم باطل " , وتتخلل الشعار صورة الفنانة شادية , برمزية " جواز عتريس من فؤادة باطل " , وكان شعار الإخوان : أن التصويت علي الدستور بـ " نعم " فريضة شرعية , وضرورة إسلامية " , وكان يساندهم في ذلك الوقت حزب النور السلفي , ومعه العصابات من التيارات السلفية الأخري في غالبيتها , مما شكل صراعات حول هوية الدولة المصرية أو حسبما يستحب للبعض التوصيف " الأمة المصري" , فكانت هذه الصراعات جميعها صراعات هوياتية ملعونة تبتغي سرقة مشاعر وأحاسيس ووجدان المواطنين لتحويلها إلي هويات مجانية لاتعود عليهم بأي نفع سوي فرض الوصيات الدينية الملعونة علي المواطنين , وتأهيلهم للجنة المؤجلة , مع ضياع كافة الفرص الحيايتة التي تصنعها السياسة لتحقيق الجنة الآنية كمثيل لمعظم الدول من غير الدول العربية والإسلامية الواهمة بجنة الآخرة في مقابل ضياع جنة الدنيا !

7
الأن .. وفي مصر تحديداً .. يدار صراع حول الدستور , بين صناع ومروجي الهوية الدينية المجانية , وبين صناع المصالح من أرباب الدولة المركزية والمحافظين علي إستمرارها في التواجد لأنه في حالة غيابها سيكونوا سواسية مع باقي المواطنين المصريين , ولافرق بين مواطن وآخر سواء ممن ينتموا للمؤسسة العسكرية أو المؤسسات الأمنية , وفي إستبدال هذه الدولة المركزية بدولة المواطنة وسيادة الدستور والقانون , والمساواة في المواطنة وتكافوء الفرص , وسيكون ضياع المصالح أمر حتمي , لأن المصالح تصنع الثروات , والثروات تجلب السلطة , وتظل ممارسة السياسة وصناعتها أمراً مقصوراً علي أصحاب الثروة وأصحاب السلطة , وكان الإخوان ومازالوا ممن يمتلكوا الثروة , وغابت عنهم السلطة , ولذلك سيظل الصراع محتدماً لفترات طويلة حتي الوصول إلي صيغة من التفاهمات حول إعادة توزيع المصالح من جديد بنسب لاتضر بكيان الدولة المركزية المنتجة للفاشيات الدينية والتي تعتبر أهم دعائمها , لأن الدولة المركزية لا تستطيع أن تستمر في التواجد من غير الفاشية الدينية , ولذلك , سيتم تكسيرقوائم الفاشيات الدينية لدرجة يتم إستخدام بقاياها الكسيرة لتقوم بأدوار خادمة للفاشية العسكرية المسلحة , ويتم إعادة إنتاج الصراع من جديد بين المدافعين عن مدنية الدولة , والمواطنة والمساواة في المواطنة وتكافوء الفرص , والعدالة الإجتماعية , وبين الفاشية العسكرية , التي سترتد لتعود ممارسة أدوارها الحقيرة في الإستعانة ببقايا الفاشيات الدينية الكسيرة , ولكن الصراع لن يطول , لأن مناخ الحريات وفضاؤها العام أصبح هو الرادع لهذه الفاشيات .

فهل من سيصوت بـ " نعم " الأن آثم قلبه , وجالب لغضب الآلهة ولعنة الملائكة , والأنبياء والمرسلين ؟!
وهل التصويت بـ " نعم " الأن فريضة شرعية , وضرورة إسلامية , أم أنه كبيرة من الكبائر , وإثم من الآثام !!


السؤال موجه للعصابات الدينية التي قالت "نعم " لدستور قندهار , وتحالفت مع الفاشية العسكرية ومجلس طنطاوي وعنان وبدين والعصار , ومعهم الأجهزة الأمنية , ضد الشعب المصري, لصناعة ثورة مضادة لثورة 25 يناير التي قرر الإخوان عدم المشاركة فيها , ثم انقلبوا علي عقبيهم خاسرين وقرروا المشاركة حينما خلت الساحات والميادين يوم 28 يناير 2011 , من الشرطة والأجهزة الأمنية ليملئوا الفراغ الأمني باعضاء عصاباتهم مدعين أنهم مع الثورة ومهرولين لمقابلة اللواء عمر سليمان لتخطيط مسار جديد يكون لهم فيه الغلبة والسيطرة علي الشارع المصري والميادين المصرية , لتحقيق هوياتهم المجانية المزعومة والسعي لكتل مصالح متبادلة مع الفاشية العسكرية المهيمنة علي الدولة المركزية .
8
بعد الإستفتاء علي الدستور , وبعد إنتخابات الرئاسة التي ستتمكن الدولة المركزية بدعائمها العسكرية وأجهزتها الأمنية , سيكون لنا صراع سياسي سلمي مستمرلتحقيق مطالب وأهداف ثورة 25 ينايرو وإمتدادها عبرثورة 30 يونية وماتلاها من فعاليات ضد عصابة الإخوان والمتحالفين معهم , والمتمثلة في العيش , والحرية , والكرامة الإنسانية , وحينما تكون الغلبة للشعب / الجمهور , سترتد العصابات الدينية التي لاتستطيع ان تعيش بمعزل عن العبودية للسلطة , لتكون أدوات ضاربة لأهداف ومطالب المجتمع المدني ودولة المواطنة , وفي النهاية سيتم إحراز النصر للشعب ضد كل الفاشيات المجرمة , وفي ذلك الحين لن يكون هناك صراع بين الهويات المجانية المزيفة والمصالح الحقيرة كأصحابها , ويتم تحويل المسار الحقيقي لتكوين مجتمع حي متبصر مناهض للدوجما والغوغاء والسوقة والإيديولوجيات الدينية والسياسية وناهض بمطالب وأهداف المجتمع والدولة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ستؤثر شهادة مايكل كوهين في مسار قضية ترامب؟| #أميركا_الي


.. العضو المنتدب في شركة ألفا أدفايسوري: طرح ألف للتعليم في سو




.. بعد مجزرة رفح.. محللون إسرائيليون يحددون ثلاث سيناريوهات محت


.. شركة تركية للطاقة تبيع حصصها في إسرائيل تحت ضغط شعبي




.. الأهم منذ 30 عاما.. بدء عملية الاقتراع في الانتخابات البرلما