الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الأسدي ومحاربة الإرهاب

بدرالدين حسن قربي

2014 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


نظام الأسد ومحاربة الإرهاب
بدرالدين حسن قربي
مما هو معروف أن مصطلحَ الحرب على الإرهاب وملاحقته في سوق السياسة الدولية نزل في الإعلام للمرة الأولى عقب أحداث أيلول 2011، فجاءت الغارات الأمريكية على أفغانستان ومعها تنظيم القاعدة تحت هذه الذريعة بمثابة عملٍ استباقي وتطبيقٍ عملي لمصطلح الحرب على الإرهاب.
وهي مسألة سرعان ماالتقطها النظام الأسدي بحسه الاستخباراتي المتقدم وطبيعته الأمنية خشية أن تدور عليه الدائرة وهو أعلم بنفسه وفعاله، بل خطا خطوة مهمة جداً في تعويم نفسه، وتقديمها محارباً عتيداً للإرهاب بما يضمن وجوده في السوق واستمراره في السلطة، مذكّراً أمريكا والمجتمع الدولي بقديم معاناته من الإرهاب المزعوم، ومقدِّماً نفسه كأحد قدامى محاربيه، معتمداً على ماقتله في ثمانينات القرن الماضي من عشرات الآلاف من مواطنيه باعتباره إرهاباً وليس حراكاً شعبياً ضد قمعه واستبداده وبطشه وأنه الخبير في هذه الحرب، وعارضاً خدماته على الأمريكيين بالتعاون الأمني الكامل معهم لهذا الغرض. وهو تعاون استمرّ حتى تموز/يوليو 2005 فيما أشار إليه فيما بعد عبد الحليم خدّام النائب السابق للرئيس السوري في إحدى مقابلاته.
جاء مقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري في فبراير/شباط 2005 والاتهام السياسي فيه للنظام الأسدي وحلفائه مع رفع سيف المحكمة الدولية ليضعه وجهاً لوجه وبقوة في خانة الإرهابي وفاعله. امتص التهمة وما رافقها من إهانات، والتف عليها بقبول خروجه وبشكل مخزٍ من لبنان في نيسان من العام نفسه، وتأكيد وعوده وتعاونه الأمني بالقبض على عناصر القاعدة من العائدين لسورية أو من العابرين بها إلى العراق.
دَعَمَ النظام الأسدي المقاومة للاحتلال الأمريكي، بعبور القادمين من خارج سوريا وتجهيزهم ومساعدتهم وتسفيرهم بشكل مباشر أو غير مباشر إلى العراق، وإرسالهم منفردين أو مع من كان يجمعهم من شباب سوري متحمسٍ بعضه لم يبلغ الخامسة عشر بعد، للذهاب بهم عن طريق وكلائه ومعتمديه من لجان أجازها باسم نصرة العراق، أو أفراد من مثل الشيخ أبوالقعقاع وأشباهه الذي اشتهر في مدينة حلب شيخاً سلطوياً ناراً على علم أطلق على جماعته الجهادية اسم غرباء الشام؛ مسخّراً من أجل ذلك نداءات جهاد الفريضة على المنابر ومستفيداً من شيوخه الرسميين، من مثل مفتي الجمهورية الراحل الشيخ أحمد كفتارو التي دعا فيها المسلمين عامّة في مارس/آذار 2003 إلى الجهاد وإلى استخدام كل الوسائل الممكنة في هزيمة العدوان، بما في ذلك العمليات الاستشهادية ضد الغزاة المحاربين الأمريكيين والبريطانيين الصهاينة؛ ومن مثل الدكتور البوطي الذي حثّ في خطبته ليوم الجمعة 13 حزيران/ يونيو 2003 المسلمين الشباب على التوجه إلى ماأسماه جهاد الفريضة التي لم تتجلّ أسباب فريضتها في عصر من العصور كما تجلّت في هذا العصر على أرض العراق الإسلامية.
قد لايكون فيما فعله النظام الأسدي مايؤخذ عليه فيما سبق، لو صدقت منه النوايا ونَصَحَ لشبابٍ أشعله بخطابه الجهادي وشعاراته العروبية وطوّعه وجمّعه وجيّشه للسفر إلى العراق تحت دعوى مقاومة الغزاة والمحتلين، لأن ما واجهه منه هؤلاء الشباب كان خبثاً ونكالاً وغدراً وخيانةً؛ فالذي تأكد في النتيجة أن المخطط الأكبر للنظام كان استنفاذاً لشبابٍ أبرار أطهار برآء يتطلعون إلى الجهاد فيجاهد بهم ويتخلص منهم هناك، وبعضهم قبل ذهابهم أحياناً؛ أكّد ذلك بأن من رجع منهم فإلى سجونه ورقةً جديدة يتاجر بها مع الغرب باعتبارهم إرهابيين تم القبض عليهم في طريق عودتهم. وعليه، فهو بالذاهبين، أمام السوريين، مقاوم دعم المقاومة وممانع قاتل الأمريكان وزاد في مستنقعهم وأحاطهم بما يعتبرونه إرهاباً من دون أن يُرَى، وهو بالبقية الباقية ممن رجع من الشباب الذاهبين فإلى السجون، يُرَى بهم أمام متروسي الحرب العالمية على الإرهاب محارباً عتيداً لإرهاب شهوده في سجونه، فيرفع بهم أسهم دعمه ويزيد ثقتهم به، وقصص الشباب السوريين وحكاياتهم في هذه المسألة وعنها لأكثر من أن تحصى. وفي هذا يسجل للنظام الأسدي نجاحه في تسويق نفسه على طريقته محارباً للإرهاب، لايُستغنى عنه خصوصاً مع امتلاكه لمؤهلات القمع والقتل بدون حساب لأحد.
وأخيراً..! فإنه بتدوير زوايا المشهد نرى نظاماً منشاراً يقتات على دماء جماهيره وأرواح شبابه في كل أحواله بهدف استمراره فوق رقابهم. فهو داعم للمقاومة في حرب المحتل، ومحارب للإرهاب أمام أمريكا والدول الكبرى، وصانع للإرهاب والموت في النتيجة العامة للسوريين بما يفعله بهم في أجهزة استخباراته خبثاً وغدراً، وفي أقبية رجالات أمن ممن لايرعون ضميراً ولا خلقاً ولا إنسانية في مواطنيهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث