الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نريد دستورا يكتبه الجميع ويحمي الجميع

حمزة الشمخي

2005 / 6 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أن كل دساتير بلدان العالم الديمقراطي والمتحضر، هي عبارة عن عقد إجتماعي متين وراسخ ومتفق عليه بين كل مكونات المجتمع المختلفة ، ومن هذه البلدان، العراق المتوجه نحو عملية البدء للتحول الديمقراطي ، والذي يريد أبناءه اليوم أن يكتبوا دستورهم الجديد الدائم ، بأيديهم الوطنية المعبرة ، عن مكوناتهم وأطيافهم المتنوعة ، قوميا ودينيا ومذهبيا وسياسيا وعشائريا ... يريدون دستورا للجميع ويحمي الجميع أيضا ، دون تفرقة ودون أي إمتياز لأحد على الآخر، مهما كان ثقله الإجتماعي وحجمه السياسي في المعادلة العراقية الحالية .
أن مهمة كتابة الدستور العراقي الدائم ، يجب أن لا تهيمن عليها جهة عراقية معينة دون سواها ، بإسم الأغلبية في المجتمع ، أو القائمة الفائزة بأكثرية الأصوات الأنتخابية ، أو الكتلة الأكبر في الجمعية الوطنية ... والى غيرها من المسميات الداعية للأكثرية على حساب الأقلية ، كما تريد هي أن تفرض ، كل ثقلها القومي أو الديني أوالمذهبي أوالسياسي .. على الآخرين .
أن عدالة أي دستور في هذا العالم ، تنبع من مضامينه الوطنية التقدمية الشاملة للحياة ، والتي يجب أن لا تغفل أية قضية تهم المجتمع مهما صغرت أو كبرت ، ومن حق الجميع أيضا أن يثبتوا في دستورهم ما يرونه يخدم الأنسان ، ويحفظ حقوقه وكرامته ، كمواطن له كل حقوق المواطنة وعليه كل الواجبات في هذا المجتمع ، حتى لو كان يعبرعن وجهة نظر شخصية معينة ، ينبغي أن تسمع وتحترم في دولة القانون والعدالة المنشودة .
وفي الدول البرلمانية الدستورية والديمقراطية ، والتي سبقتنا في هذه التجربة ، لا نجد فيها أبدا أن يعلو صوت هذه الجهة أو صوت هذا المسؤول أو ذاك على صوت الآخرين ، مهما كان موقعه ونفوذه ، لأن صوت الدستور يبقى أعلى من صوت الجميع ، لأنه هو المرجعية الدستورية الوطنية الوحيدة ، التي يمكن أن يرجع لها كل مواطن في هذا المجتمع ، ويعرف مسبقا مدى حدوده ، وما له وما عليه ، ومن هنا يلتزم الجميع بالقوانين الدستورية ويحترمونها ، لأنها وجدت من أجل تنظيم حياتهم وتسيير قضاياهم بالشكل العادل والقانوني الأفضل .
ومن هنا تقع علينا اليوم المسؤولية جميعا، بكتابة دستورنا الدائم ، وبمساهمة الجميع من أحزاب ومنظمات وقوى وشخصيات سياسية وإجتماعية وثقافية وحقوقية وقانونية وأكاديمية .. إلخ ، وهذا يتطلب أولا ، من كل هؤلاء سماع الأصوات المشروعة لكل مكونات وطوائف أبناء العراق ، من أجل تثبيتها في الدستور العراقي الجديد ، والذي من المفترض ، أن لا يفهم البعض من كتابته ، بأنه سيكتب لحالة ظرفية معينة ومؤقتة ، وبالتالي بالضرورة ستتلائم مع ظروف هذه الجهة العراقية أو تلك في المرحلة الراهنة .
بل العكس أن كتابة دستور العراق الدائم الجديد ، سيكتب للأجيال القادمة ولمستقبل العراق ، فلذا يتطلب من كل المساهمين في رسم وصياغة وإغناء وكتابة دستورنا القادم ، أن يأخذوا بالحسبان مستقبلية الدستور ، وأن لا يتقيدوا بحركة القوى العراقية الفاعلة اليوم في متغيرات كل الأوضاع والشؤون العراقية ، لأن كل شئ قابل للتغيير والتعديل والتطوير في الوقت الحاضر ، وحتى في المستقبل المنظور والبعيد .
فلذلك ينبغي أن يساهم الجميع في إنتاج دستورنا القادم دون إستثناء أحدا ، لأنه في النهاية ستخضع مسودته بعد إنجازها النهائي ، الى الإستفتاء العراقي الشعبي ، وهو الذي سوف يختار دستوره بكل حرية ، لأنه صاحب المصلحة الحقيقية في إختيار حاضره ومستقبله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة التكتيكية للجيش الإسرائيلي تفضح الخلافات مع السياسيين


.. قمة سويسرا: السلام في أوكرانيا يستدعي إشراك جميع الأطراف| #غ




.. بركان خامد.. حزب الله أقوى وكلاء إيران


.. نتنياهو وغالانت سارعا لنفي علمهما بقرار الهدنة التكتيكية وبن




.. خطيب العيد بالبرازيل: غزة تقدم دروسًا للعالم في التضحية والف