الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغزى الإتفاق الأمريكي الروسي السعودي القطري على تصفية داعش

محمد ضياء عيسى العقابي

2014 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



أن تخسر رهاناً ما قد يعني العودة إلى الموقع الذي كنت فيه وكفى. أما خسارة السعودية في سوريا فهي ليست كذلك، إذ في معظم الإحتمال أن خسارتها الفاضحة هناك سترتد عليها بالسوء المضاعف.
كانت السعودية قبل أحداث سوريا تنتفع من النظام السوري بطريقين:
أولاً: التعاون فيما بينهما على محاولة إجهاض الديمقراطية في العراق عبر تصدير الإرهابيين والتمويل والتسليح إلى الداخل العراقي عن طريق سوريا، وعبر دعم الطغمويين(1) العراقيين لتوفير الحماية للإرهابيين والتخريب من داخل العملية السياسية وبالأخص حرمان العراق من البيئة التشريعية السليمة وما يتبعها من فقدان للبيئات السياسية والأمنية والتنموية والخدمية. كان كلا النظامين يمقتان الديمقراطية لإشعاعاتها المحرضة لشعبيهما.
زبادةً، إعتمدت السعودية ستراتيحية إثارة الحرب الطائفية في المنطقة وتوتير الأجواء مع إيران لحرف الأنظار عن المعركة الحقيقية وهي الإستحقاق الديمقراطي الذي يطالب به الشعب السعودي والشعبان اليمني والبحريني كما غيرها من شعوب المنطقة.
ثانياً: لم تكن السعودية تخشى النظام البعثي السوري لأنه كان نظاماً دكتاتورياً لا يمكن أن يكون قطب جذب للشعب السعودي كما يفعل النظام الديمقراطي كنظام العراق الجديد.
من هذا فإن دخول السعودية في مغامرة إسقاط النظام السوري وفشلها وفشل حلفائها (بدءاً بأمريكا وإنتهاءً بداعش والنصرة والجيش الحر) في هذا المسعى، لم يجعل السعودية تخسر حليفاً في النظام البعثي السوري وحسب بل سيقلب سوريا إلى دولة ديمقراطية كنتاج لمؤتمر جنيف2، وسيجعل النظام الديمقراطي العراقي أكثر ثباتاً وإطمئناناً وتقدماً وسيزيد من عزم البحرينيين واليمنيين، وبالتالي فإن هذه العوامل مجتمعة ستكون أقوى إشعاعاً على الشعب السعودي التواق إلى الحرية والديمقراطية وستزيد في وجع رأس النظام السعودي.
نشأت لدى السعودية محنة في علاقتها وتعاملها مع الولايات المتحدة الأمريكية. فالتوازنات الدولية وصمود الشعب والدولة والجيش السوري دفعت أمريكا إلى اليأس من إمكانية إطاحة حكومة المالكي من الخارج عبر داعش (وهي الحكومة التي أجهضت ستراتيجية أمريكا في المنطقة حينما إمتنعت عن المساهمة في تدمير الدولة والجيش السوريين وشن حرب على إيران ما كان سينجم عنهما ضرب حزب الله وتصفية القضية الفلسطينية)، وإلى اليأس من إطاحة النظام السوري ومحاصرة إيران، لذا توصلت أمريكا إلى إتفاقات تسوية مع روسيا بشأن سوريا وتقربت من إيران وساعدت العراق على ضرب الإرهاب (داعش) لتأكيد العلاقات الطيبة بين البلدين بعد جمودها منذ إنسحاب القوات الأمريكية.
أما السعودية فما عاد يجدي إدعاؤها بالحرص على الشعب السوري من "قتل النظام له"، وما هي بقادرة على البوح للأمريكيين بإصرارها على مواصلة توتير الأجواء في المنطقة وسوريا وتشديد وتيرة إثارة حروب طائفية لحرف الأنظار عن الإستحقاقات الديمقراطية التي ستتضاعف بعد تحول النظام السوري إلى الديمقراطية.
هنا نشأت المحنة في علاقة السعودية مع أمريكا.
وهنا ضغطت أمريكا على السعودية وقطر وإنتزعت موافقتهما على حضور مؤتمر جنيف2 مسبوقاً بتصفية داعش مقابل دعم الجبهة الإسلامية(2) بهدفين:
- أرادت أمريكا والسعودية وقطر ترشيح جهة لها نصيب معتبر في مواجهة حزب البعث الحاكم ومرشحه المحتمل بشار الأسد في الإنتخابات المحتملة بعد جنيف 2 تخميناً منهم بأن نصيب حزب أو جبهة إسلامية أوفر حظاً في الفوز بناءً على تجارب بلدان المنطقة في العراق والمغرب وتونس ومصر وليبيا.
للعلم فإن حلف الناتو قد قدر قبل أشهر بأن الرأي العام السوري قد تغير بعد المعاناة التي مر بها وأصبح منقسماً وفق التقديرات التالية: 60% لصالح النظام و20% للمعارضة و20% لا أدري.

- الإعتماد على قوة إسلامية، وهي الجبهة الإسلامية، لا يقترن إسمها بالإرهاب والقتل وقطع الرؤوس لتفادي الإحراج أمام الرأي العام السوري والأمريكي والعالمي وزيادة نصيبها في انتخابات الرئاسة المحتملة.
طمأنت أمريكا، عبر طرح الجبهة الإسلامية طرحاً قد يكون ذا مقاصد تكتيكية، السعوديين والقطريين بوجود من يمثلهم في مفاوضات جنيف2 ولهم حصة في التسوية ولو أنها مشروطة بموافقة الشعب السوري عبر إنتخابات حرة ديمقراطية، وهذا يمثل إستدراجاً للسعودية وقطر للإنضمام إلى مؤتمر جنيف2 مع ضمان منعهما من التدخل في الشأن السوري المستقبلي(3) بعد المؤتمر الذي قد ينتج حكومة، ينتخبها الشعب في إنتخابات حرة ديمقراطية، ولا تروق لهما. أي هي مناورة أمريكية لإخراج السعودية الهائجة إرتعاباً من تقدم الديمقراطية في المنطقة (خاصة إذا نجح مؤتمر جنيف2) - إخراجها خالية الوفاض ولكن مع حفظ ماء الوجه، وهذا أقصى ما تستطيع أمريكا تقديمه للسعودية في أعقاب هذا الإنكسار في الخطط الشيطانية.

تبادلت روسيا التنازلات مع أمريكا. ففي الوقت الذي غضت فيه موسكو النظر عن دعم أمريكا لجبهة النصرة المدرجة على لائحة الإرهاب الأمريكية، يبدو أن أمريكا وافقت على الطلب الروسي – الصيني بوجوب عدم إقصاء أي شخص من حق الترشح في الإٌنتخابات السورية التي سيقررها مؤتمر جنيف2. وهذا يعني فسح المجال أمام حزب البعث الحاكم لإعادة ترشيح أمينه العام بشار الأسد.
لا أستبعد أن تكون أمريكا تخفي سرورها وأملها بفوز الأسد على مرشح الجبهة الإسلامية في الإنتخابات الرئاسية المحتملة وذلك لضمان إبعاد من هو مدرج على قائمتها للإرهاب (جبهة النصرة) أو من تحوم حوله شبهات التعاطف مع التنظيمات الإرهابية خوفاً من هذه التنظيمات على الداخل الأمريكي وربما الإسرائيلي أيضاً، آخذين بالإعتبار إحتمال تقليص أمريكا لإلتزاماتها في المنطقة وتحويل جهدها الأساسي نحو شرق آسيا بعد أن فشلت ستراتيجيتها الكبرى من إحتلال العراق وفشلت في إسقاط النظام السوري ومحاصرة إيران وإكتفت بتدمير البنية التحتية والنسيج السوري ونزع السلاح الكيميائي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي" بمفرداته : "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

(2): اتفاق قطري سعودي غير معلن على دعم النصرة وتصفية داعش
http://www.qanon302.net/news/2014/01/13/9622
(3): أعتقد أن روسيا وأمريكا على علم بأن السعودية حاولت وتحاول إفشال مؤتمر جنيف2. لذا صرح وزير الخارجية الروسي لافروف بأن هناك من يحضر مؤتمر جنيف لتخريبه. من هذا فإن ضغط أمريكا لإحضار السعودية للمؤتمر يصب في خانة إلزامها بمقرراته والكف عن محاولات زعزعة أمن المنطقة إذا ما نجح المؤتمر في التوصل إلى إتفاقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق دحرجة الجبن.. حدث سنوي خطير يجتذب الآلاف في بريطانيا


.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية




.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو


.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز




.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام