الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطوة في الاتجاه الصحيح..!!

حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)

2014 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يروي شاب سوري كان معتقلاً لدى داعش، كيف قذفوا إلى الزنزانة رأساً مقطوعة، وطلبوا من السجناء تقدير وزنها، وكيف كان السيّاف المصري يضع السيف على عنق أرمني معتقل، قائلاً إن العنق طرية، ولن تعذبه كثيراً. كان السجّان، حسب الرواية نفسها، عراقياً، والقاضي تونسياً، أما أبو البراء، وأبو يعقوب الحلبي، وهما من سورية، فكانا مسؤولين عن مفاوضات دفع الفدية.
أوّل ما نلاحظ، في هذه الرواية، تعددية الجنسيات المنضوية تحت لواء داعش. فهناك المصري، والعراقي، والسوري. ومن المنطقي توّقع وجود جنسيات أخرى، من المنطقة العربية، والإقليم، والعالم. وهؤلاء، كلهم، يريدون إنشاء دولة إسلامية. لا أحد يعرف، بالضبط، المقصود بالدولة الإسلامية، حتى هم لا يملكون تفسيراً يتجاوز تعبير الحكم بالشريعة. ولا أحد يعرف، بالضبط، ما المقصود بحكم الشريعة، فهناك مدراس، واجتهادات، وتأويلات مختلفة.
المهم، أن هذه الأممية الإسلاموية الجديدة، المُصابة بهوس العنف، تريد إنشاء دولة إسلامية، وحكمها بالشريعة، ووسيلتها لتحقيق هذا وذاك هي العمليات الانتحارية، وقطع الرؤوس، وتشويه الجثث. بكلمة واحدة، الوسيلة الوحيدة هي القتل. فليس لدى هؤلاء رغبة في إقناع أحد، بالحجة والمنطق. لا منطق سوى القتل، ولا فرق بين أبرياء وغير أبرياء، وبين رجل وامرأة، وبين بالغ وطفل. كل هؤلاء مرشحون للقتل، إذا رفضوا الخضوع، أو إذا حكم عليهم الحظ العاثر بالتواجد في المكان والزمان الخطأ.
لا يشعر دعاة الأممية الجديدة بـتأنيب الضمير، أو بالندم، أو حتى بالقلق من منطق القتل. فكل الناس، في نهاية الأمر، سيبعثون حسب نياتهم. ومن كان بريئاً، وقُتل ظلماً، سيجد حسابه، أو ثوابه في الآخرة. بمعنى تأجيل كل هذه الأشياء إلى يوم القيامة.
وحتى يحدث ذلك، فإن المطلوب هو إلغاء الأزمنة الحديثة، وتدمير الدول، والأحزاب، والبرلمانات، والانتخابات، والحريات الفردية والعامة، وفوق هذا وذاك، وأهم من هذا كله، حبس النساء في البيوت، والخضوع لمنطق الأممية الجديدة، ومشروعها التدميري، غير المسبوق في التاريخ العربي، وربما الإنساني، باستثناء الجنون الأوروبي الخالص في زمن الحروب الدينية، التي فتكت بالقارة الأوروبية على مدار قرون.
بداية، ليس صحيحاً أن العلمانية ترتكب عنفاً أقل من عنف الحركات الدينية المتشددة. فقد فعل الخمير الحمر في كمبوديا مثل هذا، وفي زمن التصفيات الستالينية عرف الروس، وغيرهم من شعوب الاتحاد السوفياتي قدراً غير مسبوق من القتل، والظلم، والخوف.
ومع ذلك، ينبغي ألا يضيع الفرق بين عنف الجماعات التي نطلق عليها سلفية جهادية، وقاعدية، ووهابية، وتكفيرية، وبين الجماعات الراديكالية، التي حاولت منذ زمن الثورة الفرنسية هندسة البشر، والدول، والمجتمعات، لتحقيق الخلاص الفردي والجمعي على الأرض، لا في السماء. الفرق أن الجماعات الراديكالية فعلت ذلك باسم فكرة التقدّم، باعتبارها مكلفة من التاريخ، وناطقة باسمه، بينما تتصرف الأممية الجديدة، وتعتقد، بأنها مكلفة من الله، وتحتكر حق النطق باسمه.
كان هناك، دائما، وعلى مر العصور، في أربعة أركان الأرض، من يعتقد بأنه مكلف من الله، وناطق باسمه. ومع ذلك، لم يكن هؤلاء جزءاً من لعبة الأمم، ولم تكن لديهم موارد مالية هائلة، وشبكات دولية عابرة للحدود القومية، ولا حتى محطات تلفزيون، ومواقع على الإنترنت، كما يتجلى، الآن، في حالة الأممية الجديدة، التي تتمدد في العالم العربي، وتهدد بتدميره. ومنشأ الخطورة، في حالة كهذه، أن التهديد بالتدمير حقيقي، وواقعي، وممكن على امتداد العالم العربي من أقصاه إلى أدناه.
وفي الرد على هذا الكلام كله يُقال: لهذا السبب يجب تمكين الإخوان المسلمين، من احتواء الظاهرة التدميرية. وهذا، في الواقع، منطق أطراف فاعلة في الإدارة الأميركية، وأوروبا، إضافة إلى أصوات مختلفة في العالم العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت


.. تأجيل محاكمة ترامب في قضية الوثائق السرية | #أميركا_اليوم




.. دبابة إسرائيلية تفجّر محطة غاز في منطقة الشوكة شرق رفح


.. بايدن: لن تحصل إسرائيل على دعمنا إذا دخلت المناطق السكانية ف




.. وصول عدد من جثامين القصف الإسرائيلي على حي التفاح إلى المستش