الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يشغلني في موضوع الدستور ليس الدستور

أحمد الخميسي

2014 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أقنعتني الصديقة العزيزة صفاء مراد بضرورة التصويت بنعم للدستور ، لأن البديل الاخر الوحيد هو العودة لدستور الإخوان. قلت لنفسي " وهو كذلك". لست ضدالدستور رغم تحفظاتي في النص على مدنية الحكومة وليس الدولة، وامكانية محاكمةالمدنيين أمام القضاء العسكري، وغير ذلك. لست ضد الدستور إذن. لكن مايشغلني حقيقة أخرى. ذلك أن دساتير العالم كلها عادة ما تشتمل على أروع الحقوق، بينما لا أثر لتلك الحقوق في الواقع. على سبيل المثال ينص الدستور الأمريكي على حق كل مواطن في الترشح للرئاسة. في الواقع الفعلي لا يتمتع بهذا الحق إلا من كانت جيوبه محشوة بالملايين التي تكفي لحملة انتخابية. فإذا لم يكن من الأثرياء أو لم تقف خلفه شركات كبرى فإنه لا يتمتع بهذا الحق. وقد نص الدستور الجديد على " حق كل مواطن في الكرامة " . جميل. لكن في الواقع الفعلي لا يتمتع المواطن بأقل قدر من الكرامة إذا كان راتبه خمسمائة جنيه. إنه يتسول. ويقترض. ويمد يده لطوب الأرض. لست ضد الدستور. لكني كنت ومازلت أتمنى أن أرى إشارات لرغبة في تغيير الواقع ذاته من أجل " كرامة المواطن". ولو أن الدستور الجديد جاء في سياق عملية تغيير تبشر بحياة جديدة لاعتبرته خطوة في ذلك الاتجاه ، إما أن يأتي الدستور معزولا عن أي إشارات لأية خطة لتغيير الواقع فإنه يظل بالنسبة لي دستورا جميلا ، محلقا ،عاليا ، تنص كل مواده على كل حقوق المواطن ، بينما يظل الواقع على الأرض ينفي ويستبعد أية حقوق. ما يشغلني ليس ما ينص عليه الدستور، بل ما ينص عليه الواقع الاجتماعي الذي يستقطب طرفين : الثراء الفاحش في جهة ، والفقر المدقع في جهة. وعلى ضوء تلك الحقيقة يصبح الدستور وثيقة يوقعها طرفان: الأول يتمتع في الواقع بكل الحقوق والمقدرات ، والآخر لا يتمتع بشيء سوى الحقوق اللغوية . يوقع الطرفان على وثيقة تنص على أنهما متساويان ( نظريا ) ، لكن عند تفسير كل مادة ، سرعان ما تنحاز الحياة للأقوى، في أقسام الشرطة، وفي المحاكم ، وفي كل ركن. لست ضد الدستور. لكني ضد الواقع. وإذا وجدتني أقول " نعم " للدستور مرة ، فسوف أقول " نعم " لتغيير الواقع مئة مرة . ما يشغلني ليس الكلمات ، بل الوقائع . ليس الصياغة ، بل الموضوع. ليس النص على " العدل " بل العدل ذاته غير منقوص. ما يشغلني في موضوع الدستور ليس الدستور ، بل الواقع . أكرر مرة أخرى " لست ضد الدستور الجديد " بالتعديلات التي أدخلت عليه ، لكن أملي كله في إدخال تعديلات جديدة .. على الواقع . ما يشغلني في الدستور هو الواقع الحي المرئي الذي أعايشه كل يوم .

***
أحمد الخميسي. كاتب مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاملات منزليات مهجورات في شوارع بيروت | الأخبار


.. استمرار القتال والقصف بين حزب الله وإسرائيل • فرانس 24




.. -وُلدت خلال الحرب وقُتلت بعد أشهر-.. جدة تنعى حفيدتها بعد غا


.. ضربة قاصمة لحزب الله.. هل تعيد تشكيل مستقبل لبنان؟




.. عادل شديد: استمرار المواجهة سينعكس سلبا على المجتمع الإسرائي