الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين داعش و النصرة و الفصائل الإسلامية المقاتلة

نضال الربضي

2014 / 1 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بين داعش و النصرة و الفصائل الإسلامية المقاتلة

خلال الأسبوع الماضي تزايدت الأنباء عن أحوال القتال الدائر ما بين داعش كطرف و كل فصائل المعارضة السورية كطرف ٍ آخر، و جذبت الانتباه و أثارت التأمل تلك الأخبار التي تسرد وقائع الاشتباكات بين داعش و الفصائل الإسلامية الأخرى و النصرة تحديداً، و تتوجت تلك الأنباء بأخبار إعدام داعش لأمير جبهة النصرة في الرقة مع حوالي 100 مقاتل إسلامي آخر.

ما يحدث بين هذه الفصائل هو نتيجة حتمية من أيدولوجيتها و منهجها و أسلوب تعاطيها مع الحوادث، فهي تعتقد أنها تملك رؤية ً شاملة ً جامعة لـ "الحق" و تميزا ً له عن "الباطل" و أنها تسير حسب المشيئة الإلهية بالضبط و تلتزم بالضوابط الشرعية لا تحيد عنها، و بالتالي تحظى بقبول إلهي و مباركة سماوية و دعم غيبي غير محدود سيضمن إقامة دولة الخلافة على الأرض، تلك الدولة التي يقول عنها أمير داعش بالحرف الواحد "إلى أن يُظهرها الله، أو نهلك دونها" قولا ً واحدا ً معناه أنهم سيقاتلون حتى الموت.

كل فصيل من هذه الفصائل يمتلك الحق، و يعتقد أن الحق له شكل عقائدي معين، و محتوى ثابت غير مرن، غير قابل للتعاطي مع الواقع و التأثّـُر به، بالعكس فهو الذي يؤثر في الواقع و على الواقع أن يتعامل معه و يتغير في ضوئه، فإذا حدث الصدام بين "الحق" كما يفهمونه و بين الواقع، كان القتال لإعلاء ذلك الحق و تغير ذلك الواقع.

المراجعة لفيديوهات الشيخ أيمن الظواهري على اليوتيوب و خصوصا ً الفيديو القصير الخاص برسالته إلى أمير داعش يُقرأ منها بوضوح انعدام سيطرة الشيخ القابع في أفغانستان على فروع تنظيمه في البؤر العراقية و السورية الساخنة، فأمراء هذه البؤر المنتشين بنجاح هجماتهم المحدودة و عملياتهم العصاباتية مع تزايد نفوذهم في ظل غياب الدولة السورية المركزية و تزايد الاحتجاج السني العراقي ضد حكومة المالكي الشيعي، لا يجدون أي بأس ٍ أو يستشعرون َ حرجا ً في اتخاذ قرارت من شاكلة تشكيل دولة مثل دولة الشام الإسلامية ثم ضمها إلى دولة أخرى هي دولة العراق الإسلامية، و بهذا يحققون اندماجا ً ووحدة ً بين دولتين في لفظ ٍ واحد هو "داعش" و بإعلان يوتيوبي بسيط، و هم لا يرون أن مثل هذه الأمور التافهة كقيام دولة و ضمها إلى دولة أخرى مما يستدعي إخطار الـ "الأمير" العام الشيخ الظواهري.

و يؤكد انعدام سيطرة الشيخ الظواهري و ضعف تأثيره على فروع تنظيمه رسالة ُ الرد التي نشرتها داعش و وجدت طريقها إلى اليوتيوب، فأمير المؤمنين أبو بكر البغدادي يرى أن الشيخ الظواهري قد وقع في مآخذ شرعية، و أنه أي أبي بكر قد خُير بين أمر الله و أمر الظواهري فاختار أمر الله، مُرسلا ً للجميع رسالة واضحة مفادها أن الشيخ الظواهري لا سلطة له على داعش (هكذا قال الله) حيث لا ينسى أبو بكر أن يؤكد قراره و يعطيه الشرعية القرآنية اللازمة بقوله أنه ما اتخذه إلا عن شورى مجلس المجاهدين من المهاجرين و الأنصار أي مجلش شورى داعش الذي يضم عراقين و سورين هم الأنصار في أوطانهم و مهاجرين هم العراقيون القادمون إلى سوريا و السورين القادمون إلى العراق و الجنسيات الأخرى. و حتى يؤكد أن الموضوع ليس موضوع سلطة أو مطمع أو تمرد لا يفتأ يردد كلمتي "حفظه الله" بعد اسم الشيخ الظواهري و يؤكد التزامه بحماية نساء المسلمين و أطفالهم.

و يبدو أن الشيخ أيمن الظواهري قد أثار حفيظة أبي بكر البغدادي حينما أراد تقليم ملكه و أعلن انحساره عن الشام، و هو الذي فرَّخ تنظيم النصرة بقيادة الشيخ الجولاني مساعد البغدادي السابق، فالبغدادي يرى الشام و النصرة حقا ً له مُلكا ً خرج من عنده و لا بد من عودته إليه، و يُلبس الأمر لبوس الجهاد و الدين و عصمة دماء المسلمين و الانتصار لهم، و يرى سلطته مُطلقة ً دائمة ً ثوبا ً ألبسه الله لا يخلعه هو أو الظواهري حيث تدل الأحداث بكل وضوح على رفض البغدادي لأوامر الظواهري باستلام الإمارة لمدة سنة بعدها يرفع تقريره للأخير لكي يقرر أذا كان الأول سيستمر أميرا ً على داعش (العراقية) أو لا، فالأخير البغدادي رافض ٌ رسالة الأول الظواهري و رافض ٌ إمرته و سلطته، و الحجة: مآخذ شرعية، بينما الحقيقة: سلطة و نفوذ و مُلك.

و تؤكد الحقائق على الأرض انعدام سيطرة الفرع الرئيس للقاعدة و زعيمه الشيخ الظواهري بعد أحداث الاشتباكات بين داعش و النصرة، و التي هي بدورها أيضا ً لم تعد تأتمر من الظواهري، فتقرر بدورها الدخول في تلك الاشتباكات و مواجهة داعش و طردها من معاقلها و أسر مقاتليها و إعدامهم في رد على استفزازات و تجاوزات داعش تجاهها، فيضطر الشيخ أبو محمد المقدسي المنظر السلفي الأردني المشهور بتوجيه رسالة ٍ من سجنه إلى كل هذه الفصائل مذكرا ً إياهم بعدوهم "النُصيري" و بحرمة دمائهم على بعضهم و بتفرق راياتهم الكثيرة و خروجهم عن هدفهم الأول.

لا نستطيع أن نستقبل باندهاش كبير ما يحدث، فالجماعات التكفيرية كما أسلفت ليس جماعات ٍ مرنة تحتكم للعقل أو للإستراتيجيات بعيدة النظر و طويلة المدى أو لديناميكية التفاعل الإنساني أو استحقاقات الظروف، و هم على الأغلب جامدون جمود الأصنام، تحركهم غرائز القتال و ينتشون بوحشية القتل و لا يتورعون عن ارتكاب فظائع أخلاقية أينما حلوا و كيفما ارتحلوا، و يروجون دائما ً لفكرة انضوائهم تحت راية ٍ توحيدية جامعة لا يراها سواهم بينما جميع أحوالهم تُنبئ بالاختلاف و الفرقة و التشتت و بُغضهم لبعضهم و عدم ثقة الواحد منهم بالآخر و تحينهم الفرص لاستلام "الإمارة" من بعضهم ثم تبرير كل الأفعال بما يخدم ديمومة الإمارة للأمير و تقوية نفوذه و استقلاله بمقاتليه.

اقتتال داعش كطرف مع الفصائل الإسلامية المستقلة و النصرة كطرف آخر سيصب في نهاية الأمر في مصلحة الطرف الثاني، فأبو بكر البغدادي أصبح مُتعبا ً مُنهكا ً من توزيع مقاتلي عصابته بين العراق و سوريا، و هما جبهتان كبيرتان، و يضغط عليه أكثر توجه يتنامى عند السلفين في الأردن و سوريا و العراق بالامتعاض من تصرفاته و غطرسته و تجاوزات جماعته، و يبدو أن بياناته النارية التي يتوعد فيها بالأشلاء و الدماء و مزيد من العنف تعكس حالة قلق شديد يعيش فيه و يستشعر ضغطه على موارده القتالية و حرية حركته و حركة مقاتليه و أداءهم على الأرض و قبولهم من الناس.و بينما يستميت البغدادي في القتال يضرب الفصائل الأخرى و خصوصا ً النصرة و يُضعفها أكثر فأكثر و كأن لسان حاله يقول: إن من خرج من عندي لن يعلو علي، فإما علوت أنا و إما سقطنا سويا ً.

لا تلبي الفصائل الإسلامية المقاتلة طموحات الشعب السوري في قيام دولة حديثة مدنية ديموقراطية أساسها المواطنة و المساواة و منهجها العلم و هويتها العروبة و رائحتها الياسمين الدمشقي و شكلها فسيفسائي من كل مكونات الطيف السوري، و تبرز المفارقة الكبيرة لفصائل المعارضة بأجمعها و من ضمنها الفصائل الإسلامية حين تتعارض أهدافهم مع نتائج قتالهم، و هو ما يُبرز ضعفهم التنظيمي و انعدام رؤيتهم لشكل الحل و آليات العمل و مراحل التنفيذ، بينما يقوى النظام السوري في مواجهتهم يوما ً بعد يوم بصمود الحليفين الروسي و الإيراني، و دعم حزب الله الفاعل و الصامت و الذي يُحسن وضع الخطط و تنفيذها و يتميز بقيادة ٍ حكيمة واعية تمتلك استراتيجية بعيدة المدى و تُتقن العمل على هذه الخطط و التعامل مع مراحل تنفيذها المختلفة.

لكن الوضع السوري يبقى معقدا ً و لن يتمكن أي طرف ٍ من حسمه عسكريا ً و سيجلس الجميع في النهاية إلى طاولة المفاوضات، ليقبلوا ما كان يمكن أن يقبلوه قبل كل هذا الدمار الحاصل، و سيتفقون جميعا ً المعارضة مع النظام على طرد المقاتلين الأجانب غير السورين و سيصبح الجميع في مواجهة الإسلامين إلى أن يضعف دورهم و يصبح وجودهم غير ذي فاعلية، فيعودوا للاندماج مع المجتمع السوري الذي سيقوم بعد الأزمة، لنرى خلال الأعوام القادمة سورية مدمرة تسعى لإعادة الإعمار بينما تنام طموحات الإسلامين تحت الركام تنتظر فرصة ً جديدة.

إن لم يكن هذا هو الحُمق و الجنون بعينه، فلا أدري حقيقة ما هما.

سلام ٌ على سوريا.
__________________________________________________-
شاهد للتوضيح:

رسالة الشيخ أيمن الظواهري بإلغاء دولة العراق و الشام الإسلامية، و بقاء دولة العراق الإسلامية و استقلال النصرة:
http://www.youtube.com/watch?v=pbhVd0NSpV8

رد الشيخ "أمير المؤمنين" أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي على الشيخ أيمن الظواهري:
http://www.youtube.com/watch?v=I7AvJvC8vfs








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قتله ومجرمين ليس الا
علي العبيدي ( 2014 / 1 / 15 - 04:41 )
لافرق بينهم بتاتا---- قاذورات الدنيا وجراثيمها تفننوا بقتل الناس مهما كان لونهم وعقيدتهم وجنسهم !!! قتله ومجرمين اخرجتهم الاقبيه السريه لمدارس السعود الدينيه في بلاد المسلمين من باكستان الى افغانستان الى دولة الشر الكبرى المملكه السعوديه
للتخلص من هذه الجراثيم يجب اولا القضاء على حاضنهم ومعلمهم وصانعهم وهو مملكة الشر المجرمه السعوديه وامارة قطر الموبوءه وحكومة الاردن اللقيطه وغيرها من حكومات الشر المجرمه
اقضوا على المدارس الاسلاميه التي تعلم الكره والحقد والموت والاجرام سوف تنتهي داعش والقاعده وما شابهها من قواعد القتل والموت والشر واعداء الانسانيه


2 - إلى الأستاذ علي العبيدي
نضال الربضي ( 2014 / 1 / 15 - 06:37 )
تحية طيبة أستاذ علي،

مقاتلو هذه الجماعات شباب متحمس متدني الثقافة و العلم (مع بعض الإستثناءات) ليس لديه عقيدة إنتاجية فهو يعيش على المال الذي تعطيه -الجماعة- عالة ً على المجتمع و الإنسانية و كل ما يفعله أنه يصلي و يقتل، لا يفكر، لا رأي له، لا يسأل، لا يقارن، يستعيض عن نشوة الخمر بنشوة الذبح، و عن العلاقات الطبيعية بين البشر بصحبة -الجماعة-، لا يعرف المرأة و لا يفهمها، لكنه يعرف ما يسميه -النكاح- و اختصاره عضو ذكري في عضو أنثوي و السلام.

هؤلاء الناس تختزل الوجود في كلمات التوحيد الولاء البراء الخلافة الجهاد، فهم لا يعرفون الحياة و لا يفهمونها و يخافون منها و يريدون إنهاءها.

معظمهم يأتي من بيئة فقيرة كافرة بالعلم و التفكير، لذلك يكون جزء كبير من الحل هو ما كتبته يوما ً رداً لأخ معلق و أقتبس -لكني ما زلت أعتقد أن العدالة الإجتماعية و تحسين ظروف المعيشة مع مراجعة مناهج الدراسة كفيلان بتحجيم الإرهاب إلى مستوى منخفض جدا ً-.

حكومتنا في الأردن تحارب هذا الإرهاب لكن سيدي الكريم الحدود واسعة و ضبطها بالكامل مستحيل.

أما السعودية فوقتها يقترب، هكذا الدلائل.

أهلا ً بك دوما ً.


3 - حرب داعش والجرباء
محمد بن عبد الله ( 2014 / 1 / 15 - 10:53 )


انها حرب داعش والجرباء !

من ناحية نجد المتعصبين الدينيين. هؤلاء مفهوم موقفهم يتصرفون بهمجية وحيوانية أملاها عليهم إيمانهم
حيالهم يقف بعض المتفلسفين من أبناء الشام من أنصاف الآلهة الذين يوحى اليهم والذين لا يزالون للأسف بدون حياء وبكل تبجح ينكرون دورهم الهدام في خراب البلد ويلقون بالجرم كله على النظام الحاكم الذي لا يختلف أحد على ظلمه وجرائمه !
فكيف لباقي الناس أن تعيش بأمان؟

تبا للعقائد وللاديولوجيات الجامدة السخيفة التي تضحي بالأرواح في سبيل شعارات جوفاء يعدون الناس بالحرية والكرامة متناسين أن السبت خلق للانسان وأن عماهم الاديولوجي لا يبرر لهم التضحية بغيرهم

أدعو كل سوري يساند استمرار الخراب أن يكف عن التفلسف وكتابة المقالات والتحليلات هنا وهناك وأن يعود إلى سوريا ليموت مع غيره متمنيا له بئس المصير جزاء عناده السخيف ودوره التخريبي !


4 - إلى الأستاذ محمد بن عبدالله
نضال الربضي ( 2014 / 1 / 15 - 11:41 )
مرحبا ً بك أستاذ محمد،

ما زالت أؤمن -بقوة التجربة- أن البشر متشابهون، و أن ما يسيرهم هي نزعاتهم و رغباتهم و حاجاتهم و مخاوفهم، لذلك تجد في التاريخ خيرا ً مصدره النص الديني و مصدره النص الفلسفي و مصدره الإلحاد،،،،

،،،، كما تجد شرا ً مصدره النص الديني و الفلسفي و الإلحاد،،،،،

يعني بعباراة بسيطة: الإنسان سيبحث عن الأيدولوجيا التي تخدمه، و يسيرها لخدمته، و هنا في هذه المنطقة مذهبان في التخريب: مذهب الدين و مذهب المعارضة من خارج الوطن. كلاهما يقتل الوطن، لا يهمني شكل الراية التي يحملها طالما أن النتيجة واحدة

ليس فيهم على اختلاف أطيافهم قائد واعي مدرك مُتجرد من المصلحة و يملك القدرة على التغير، كلهم أصحاب مصالح بلا تميز، لكن المأساة حينما ينبري كاتب أو كاتبة ليحدثنا عن الكرامة و العزة و الإنسان فيما يحدث في سوريا

لا أحد يمتلك الشجاعة ليقف و يقول: كفى توقفوا نحن جميعا ً مخظئون فلنجلس و لنتفاوض! أخي محمد بن عبدالله، لقد أضاعوا بغداد و أضاعوا بيروت و أضاعوا الشام، و قبلهم جميعا ً أضاعوا فلسطين. ثم نسأل: لم يسموننا العالم الثالث؟ الصواب أن يسمونا العالم الثالث و الثلاثين تحت الصفر

دمت بود.


5 - نعم يجب أن نجفف منابع الارهاب
سوري فهمان ( 2014 / 1 / 15 - 13:56 )
إلى علي العبيدي

نعم يجب أن نجفف منابع الارهاب وليس فقط من السعودية ولكن أيضا بمحو من يطالب بولايت السفيه وكتائب بدر وأبو الفضل العباس وحزب اللات التكفيري إذا عندها فقط ننجو من ذلك
أما المتخفي تحت إسم محمد ن لم يكن من مخابرات الأهبل فاعتقد أنه يعرف أننا كسوريين متنا في حماه بالالاف على يد والد
الوريث وبميات الألاف على يد القاصر الذي كان دايما شعاره الأسد أو نحرق البلد

اخر الافلام

.. نجل الزعيم جمال عبد الناصر: بشكر الشعب المصري الحريص على الا


.. مقابلة مع وليد جنبلاط الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي




.. فى ذكرى وفاته.. منزل عبد الناصر بأسيوط شاهد على زيارة الضباط


.. فى ذكرى رحيله.. هنا أصول الزعيم جمال عبد الناصر قرية بنى مر




.. شرطة نيويورك تعتدي على متظاهرين داعمين لفلسطين وتعتقل عددا م