الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أَكثرُ من شخص في صورة ٍواحدة

ابراهيم زهوري

2014 / 1 / 15
الادب والفن



إِضافة إِلى أُسمي الواضح والصريح يوجد على قيد الحياة في عائلتنا الآن أَربعة أَشخاص يحملون ذات الأُسم وهم على ما أَظن حسب ترتيب تاريخ الولادة عمي إِبراهيم الدمشقي أَخُ أَبي من أُم ٍثانية كان قد تزوجها جدّي قبل الهجرة من فلسطين بعد وفاة جدّتي بِحُمّى شديدة ألَّمَتْ بها بعد تجربة صعبة وعسيرة لمخاض ولادة توأَم ٍفاشلة , هو قد تجاوز الستين من عمره ومايزال يبدو في عز الأَربعين تعرفتُ عليه للمرة الأُولى أَثناء مراسم عزاء رحيل والدتي قبل عدة سنوات خلت .. منهمكاً كان في مشاغل شؤون عائلته الكبيرة ويبحث عن فرص عمل مناسبة لأَولاده الذكور.
وإِبراهيم إِبن عمي " اللّزم " كما يقولون يكبرني بخمس ِسنين يعمل في الأَعمال الحرة ولم ينل حظاً وافراً في التعليم , يعيش مع جميع أَفراد أَسرته في مخيم النيرب حيث فقد إِبنه الشاب البكر في حادث ِسير ٍأَليم وهو المخيم ذاته حيث أَسكن أَنا وأَعيش ومما أَذكرهُ أَنه ربحَ يوماً جائزة اليانصيب الوطني كان قد اشتراها له أَخي الكبير وجاء حينئذ ٍالناسُ فرادى ومجتمعين يهنئونني على ساعة الحظ السعيد التي ضحكت لي باكراً دون الآخرين , ماذا يفعل الآن .. يُلّوح بعصاه الغليظة ويوزع الشتائم بأَعلى صوت يستطيعه كُلّما دَبَّ به الحماس وحاصره كرب ضيق الحال وفي نهاية النهار يسطو على المعونات المستحقة على سجلاتي الرسمية أو ربما عن طريق الخطأ كما صرح بذلك المتعاونون معه .
وأَيضاً إِبراهيم إِبن خالي من مخيم مدينة حمص حيث كلانا وُلِدَ في السنة ذاتها ونحمل على كاهلنا نَفْس العمر من شقاوة السنين , شاركته خبرة طفولته أَيام العطل الصيفية ودوداً كان .. يعشق قراءة الشعر ويُحب التقاط الصور وهو منذ نعومة أَظفاره نافس مسيرة الثورة الفلسطينية الحديثة - التي تكبرنا نحن الإِثنين بعام ٍواحد فقط - أَوج عظمة ترحالها شِبلاً يافعاً ثائراً من الطراز الجيفاري أَيام الستينات , امتطى وحده رحلة ترحاله واستّقر في نهاية المطاف في بلاد البلجيك هناك في أَقصى شمال الشمال حيث أَضاء لنسله العتيد ثمرة نضرة ولداً سَّماهُ ياسين عقب زواجه فتاة من أَهل تلك البلاد , تزاحمهُ الأَفكار إِلى نقيض حواف نهاياتها ولا يَمَّلْ .. يراوده مخيال بَرْدُ الطّقس القارص ليرتاد دوماً عرين عشقه دفء مغامرات خَمَّارة أَحلامه التي لا تنضب ولا تذبل في روعة شغفها ذكرياته الحافلة بالنساء ومصائر الأَحداث .
وأَخيراً إِبراهيم إِبن عمتي التي لا أَعرفها في مخيم اليرموك حيث لم يسعفني جدول الزمن الجليل إِلاّ في لقائه مرتين طوال حياتي وكان قد تردد أُسمه هذه الأَيام في نشرات الأَخبار وظهرت صورته مؤخراً في شريط ٍمصور وهو عبارة عن تحقيق أَجراه بعض نشطاء الثورة السورية مع مرتزقة ٍقدموا من العراق ووقعوا في الأَسر وأَشاروا إِليه بأَنه الشيخ إِبراهيم الفلسطيني المعمم بعمامة ٍبيضاء ويرتدي عباءة سوداء واسعة لعلها تخفي بدانته المفرطة ويشغل حالياً كما قال أَحد المرتزقة مديراً لمكتب مرجعية روحية مرموقة للطائفة الشيعية تقطن هي الأُخرى مُتخفيةً في بلد مجاور لا ينطق العربية , صورته بهذا الشكل فاجأَتني قبل أَن ترميني بشرر الذعر ومن ثم أَطْلَقَتْ من جوفي صرخةً عالية ًمن علامات التعجب .. يتوسط مزهواً مجموعة من مُشايِعيه ِالمأُجورين يحملُ دونَ خجل الرشاش الآلي مبتهجاً في إِذكاء نار حربه المقدسة متفاخراً بالدفاع عن بؤس خرافته الدموية .
كل هذه الإِبراهيمات تحاولُ عبثاً ما أَرادت وهو نُطْقُ نَقْشِ سيرتها على اختلاف تعرج مسارب لهجاتها في حديقة شلال الحياة الأَزلي الزائل , فأُسم إِبراهيم المُكَوَن من عدة حروف لعدة أَصوات اجتمعت في ترابطها حيناً من الدهر وما زالت هي في نهاية الأَمر حسب المعجم العربي وهو من حُسْن ِحظِّنا لفظٌ أَعجمي .
مخيم النيرب / حلب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل سيبدأ پيو بالغناء بعد اكتشاف موهبته؟ ????


.. حكايتي على العربية | التونسية سارة الركباني تحترف السيرك بشع




.. الفنان درويش صيرفي: أعطيت محمد عبده 200 دانة حتى تنتشر


.. بأنامله الذهبية وصوته العذب.. الفنان درويش صيرفي يقدم موال -




.. د. مدحت العدل: فيلم -أمريكا شيكا بيكا- كان فكرتي.. وساعتها ا