الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الذي يحرض على الفتنة الطائفية في العراق ؟

أياد السماوي

2014 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


من الذي يحرض على الفتنة الطائفية في العراق ؟
يوم أمس قرأت مناشدة لأحد الأخوة على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك يطلب فيها من المقيمين خارج العراق السكوت وعدم إثارة الفتنة الطائفية , وهذا هو نص هذه المناشدة (( إلى أخواننا وأهلنا المقيمين خارج العراق والذين يهددون وينفلتون من بعد , إذا كان الكلام من فضة فإنّ السكوت من ذهب , وإذا كان لديكم كلمة طيبة تداوون جراح أحد جنودنا .. تصبّرون فيها قلب أم ثكلى بإبنها .. أو تطيبون خاطر زوجة أحد شهدائنا .. أو تمسحون بها على رأس أحد أيتامنا .. أو تطيبون بها خاطر أب مكلوم بولده فلا بأس , هاتوها وبارك الله بكم , ولكن أن تثيروا الفتنة الطائفية من وراء المدافئ في الغرب أو تشعلوا نار الحرب وأنتم وعوائلكم على بعد الآلاف من الكيلومترات , أو تهديدات بالويل والثبور للطائفة التي لا تعجبكم وأنتم تسكنون في بلاد المسيح واليهود , فهذا غير مقبول منكم , وعليكم مراجعة أنفسكم وكتاباتكم التي تسبب بقتل الناس في العراق , وإلا فإنّ صفة الجبناء والقتلة ستكون أقل ما تستحقونه , وإلا إذكروا الله بإخوانكم وكونوا محضر خير لا محضر شر )) .
ولولا معرفتي الحقة بكاتب هذه المناشدة وسريرته النقية , لقلت إنه مدفوع من جهات لها علاقة بتغييب الحقائق وخلط الأوراق , وأنا أفترض أنها نابعة من نوايا طيبة تهدف إلى درء الفتنة الطائفية وتجنيب بلدنا وشعبنا آثارها المدّمرة , لأن فيها الكثير من الحنق على عراقي الخارج واتهامات ليست صحيحة لهم بإثارة الفتنة الطائفية , فهو يعتبر أنّ الفتنة الطائفية التي يشهدها مجتمعنا العراقي بعد سقوط النظام الديكتاتوري المجرم قد جائت من الخارج , وهذا صحيح إلى حد كبير , لكن ليس كما يتصوّر أخي كاتب المناشدة , نعم الفتنة جائت من الخارج لكن ليس من كتابات عراقي الخارج , بل إنّ من زرع بذور هذه الفتنة الطائفية هو النظام الديكتاتوري السابق الذي تسلّط على رقاب الناس حين ضرب شعبه بالأسلحة الكيمياوية وشنّ حملات الإبادة على على الشعب العراقي في الأنفال وبعد انتفاضة عام 1991 , وبعد سقوط النظام البعث الدموي واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية , وجدت دول الجوار مصلحتها في إثارة الفوضى وعدم الاستقرار من خلال إثارة الصراع الطائفي , فكانت لكل دولة من دول الجوار حصتها في هذا الخراب والقتل والتدمير الذي أطال كل مدن العراق وقصاباته خصوصا العاصمة بغداد , وكانت ذروة هذا التصعيد الطائفي البغيض هو عندما أقدمت قوى الإرهاب والتطرف على تفجير مرقدي الأماميين العسكريين في سامراء , فكان بمثابتة الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية و الطائفية التي اندلعت بعد هذا التفجير الإجرامي , وكادت الفاتنة أن تموت وتنتهي لولا اندلاع ما يسمى بثورات الربيع العربي ودخول قوى الإرهاب والتطرف على خط هذه الثورات .
والعراق كان من أكثر البلدان تأثرا بهذه الثورات وما يحدث في سوريا تحديدا , فالأحداث في سوريا وما تلاها من سيطرة لقوى الإرهاب والتطرف , انعكست آثارها بشكل مباشر على الأوضاع في العراق الذي لا زال يعاني من تنامي قوى الإرهاب وتمددها في العراق , وبروز ما يسمى بدولة العراق والشام الإسلامية ( داعش ) , فهذه المنظمة الإرهابية المتطرفة سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم بسبب الأوضاع السياسية الداخلية والدعم المالي والعسكري الذي تقدمه السعودية وبعض دول الخليج , وهذا ليس اتهاما للسعودية برعايتها للإرهاب في المنطقة , بل أن الولايات المتحدة وروسيا والعراق يملكون الأدلة الدامغة على تورط السعودية في دعم الإرهاب الدولي في المنطقة والعالم , ومجلس الأمن يدرس حاليا إدراج السعودية تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كونها دولة راعية للإرهاب .
فإثارة الفتنة الطائفية يحتاج إلى أدوات لتأجيجها , وهذه الأدوات يجب أن تكون على درجة عالية من الاستفزاز , كاستهداف الناس الأبرياء في الشوارع والأسواق ودور العبادة أو كاستهداف زوار الحسين ( ع ) أو الاستفزاز على طريقة المعتوه ثائر الدراجي أو المعتوه الآخر البطاط , وليس هذا فقط فالفتنة الطائفية تحتاج إلى نار أكبر وأوسع من هذه , فلا بدّ من تجنيد بعض السياسيين ورجال الدين وبعض الشخصيات الاجتماعية النافذة كشيوخ العشائر وغيرهم , فكانت تصريحات بعض السياسيين مدخلا لهذه الفتنة , ناهيك عن البيانات والفتاوي التي أصدرتها بعض الشخصيات الدينية المؤثرة كعبد الملك السعدي ورافع الرافعي , وتصريحات بعض شيوخ العشائر الذين وقفوا مع الإرهاب ووفروا الدعم له , وهم المسببين الحقيقين لهذه الفتنة , وهذا كله يجري بتخطيط وتنسيق عالي مع الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة .
ولهذا فمن غير المنطق والمعقول أن نغض الطرف عن المسببين الحقيقين للفتنة ونختزلها كلها في خانة كتابات عراقي الخارج وتحميلهم مسؤولية مايجري من فتنة , وربّ سائل يسأل ويقول هل إنّ كتابات عراقي الخارج هي التي تدفع القاعدة وداعش لشن حربها القذرة على الشعب العراقي ؟ وهل أنّ عراقي الخارج هم من يموّل هذا الإرهاب ؟ وأين هي هذه الكتابات التي تسببت بهذه الفتنة ؟ وهل هنالك نموذجا واحدا لمثل هذه الكتابات المثيرة للفتنة ؟ لمصلحة من تبرئة المجرمين الحقيقين الذين يقفون وراء هذه الفتنة ورميها بخانة عراقي الخارج ؟ مع العلم إن كاتب المناشدة يعلم علم اليقين إنّ قادة القاعدة وداعش في العراق هم من أزلام النظام السابق من ضباط الأمن والمخابرات والجيش السابق , فلماذا هذا الاستهداف غير المبرر لضحايا النظام السابق الذين أجبرهم ظلم النظام وطغيانه على ترك العراق ؟ .
فمن يريد درء الفتنة وتجاوزها فعليه أن يؤشر لمتسببيها الحقيقين وبتصدى لمن يؤججها بالمال والسلاح والدعم اللوجستي , وليس بهذه الاتهامات اللا منطقية والساذجة .
أياد السماوي / الدنمارك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر