الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهروب إلى الجحيم الإنساني ( الباطن يحترق )

سجاد الوزان

2014 / 1 / 16
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


عندما تتحدث عن الإنسان، فإنك تتحدث عن جحيمه وصراعاته وخيره وشره وكبريائه واستعلائه وتواضعه وتجبره وكبريائه، نتحدث عن الإرادة لننتقل إلى النفس، نتحدث عن إدراك الإرادة لننتقل إلى العقل، نتحدث عن باطن الباطن، نتحدث عن الأنا، نتحدث عن مجاهيل الروح وجهلنا بما يدير حركتنا .
لننتقل إلى العقل، ولنقف على عملياته وميكانيكياته وانفعالاته وانتقاله من اللامعلوم إلى المعلوم، ومن الجهل إلى العلم، ومن الشكل إلى اليقين بقضاياه .
هل شككنا يوماً بكل تلك العمليات، ومن قال إن العلم هو غياب الجهل من بعد وجوده، ومن قال إننا انتقلنا إلى المعلوم، ومن قال إننا ندرك، ومن قال إننا نتعقل إرادتنا وانفعالاتنا، ومن قال إننا موجودين حقيقتاً الآن وبلا أن نكون وهم الوجود وحلم الهروب من عالم المعنى، ومن قال إننا موجودين ككيانات مستقلة عن باقي الموجودات، ألا يمكن أن نكون نحن عبارة عن أرقام وأعداد كونية، انفردت عن سلسلة المصفوفة العددية للكون، ومن قال إننا نموت، أصلاً ما هو الموت، إنه كذبة ميتافيزيقيا مصطنعة .
هل حدث أن واجهت مثل هذه الأسئلة، ومثل هذه التساؤلات، ستقول نعم، أو قل لا، ولكنك بالنتيجة أنت منتقلٌ بينهما .
نعم إنسان اليوم يحترق، فهو يهرب من كونه إنسان إلى كونه إنسان يحترق ويتألم ويشعر شعور عميق، فهو يبتعد عن ذاته، عن كيانه، عن روحه، عن عالمه المعنوي، عن باطنه، ولا يستطيع أن يعود إلى ذلك العالم لأنه سيحترق مجدداً، وسيعطب بواطنه، بل وسيثور عليها وبلا انتظار، نعم إنه إنسان العصر، الذي أخذ يجعل من نفسه آلة وماكنة أرضية تعمل من أجل خدمة الطبيعة، وليس طبيعة وكونٌ لخدمته، نعم إنه يعمل ويعمل، ولكن متى سيرتاح من اشتعال الحريق الذي في باطنه، أين الذات، أين نحن، هل نحن حقيقتاً موجودين، هل نحن حقيقتاً إنسانيين، هل عندما يقول أيٌ منا (( أنا ))، يشعر بكامل نفسه وكيانه وروحه وعقله وهويته الإنسانية، قل أنا، أين آنيتك ومن أين خرجت، تتبعها معي قل مجدداً (( أنا ))، تتبعها أين هي، أوجدت ذاتك، ماذا أنت ........
أنا .... أنت ..... نحن .... ذاتي .... ذاتك ..... ذاتنا .....
ماذا حصل، لماذا ينكر البعض ذاته، لماذا ينتحل البعض ذات غيره، ويكون له أنا جديدة تعيش تلك الذات، هل حقيقتاً الإنسان الأصلي يحترق، هل سيموت هذا الإنسان الصالح المفعم بالخير والمحبة والسعادة والشعور بالآخر، ماذا لو اختفى هذا الإنسان الصالح من قطب الوجود، كيف ستكون الحياة، وكيف سيكون وضع الإنسانية، هل سيبقى وجود لمعنى الإنسانية، إن باطن الإنسان يحترق لأنه سيموت، نعم إن الإنسانية الحقيقية ستقتل وستقتل، ولا يؤمن من كونها ستهرب إلى الجحيم، إنها تتلوث، وإنها تغور بخبثها ولؤمها وفسادها وجرمها وقبحها، فقد بان جحيمها وظهر قبحها للعيان والبيان، وولج صلاحها هارباً إلى الخفاء والنسيان، فلا تجد حظاً للإنسان وإنسانيته المفعمة بالخير والصلاح والأحاسيس في هذا الظهور الواضح لإنسانية القبح والفساد والطغيان والظلم والخبث، هاهي تحترق في باطنها وجوانيها . هل توهم الإنسان في إنسانيته، الم يعرف الإنسان بعد ذاته الإنسانية، لماذا يحرقها ويتخلى عنها بسهولة وبسرعة، ولماذا يمتهن إنسان اليوم القتل والخراب والتدمير والظلم والإقصاء، كيف تبلورت تلك المفاهيم الإنسانية التعبوية الملقاة على عاتق الإنسانية الصالحة والحقيقية، فها نحن نجزم إن كل من يتخلى عن إنسانيته وصلاحيته هو يحترق ويشتعل لهيباً في باطنه ونفسه وعقله، ليتسنى له الاحتراق والاحتراق المعنوي والنفسي ليرى عذاب من يتخلى عن إنسانيته وحقيقته وذاته البعدوية ذات السمة الإنسانوية، لينتقل مرغماً ورغم أنفه هارباً إلى جحيم الإنسانية ذات الباطن المحترق والمشتعل بتأنيب الضمير وسوط النفس المريدة وسلطة العقل المدرك الحقيقي، ليرى قبحه وظلمه الذي كان يمارسه على كل إنسانٍ حقيقي وصالح وسوي .
هل لك أن تعترف بوجودك ؟ ... نعم
هل لك أن تعترف بموتك ؟ .... نعم
هل لك أن تعترف بذاتك ؟ .... نعم
هل لك أن تعترف بإنسانيتك ؟ .... نعم .... لا

قل نعم ولا تتردد، فمن تردد في بيان إنسانيته فهو لا يؤمن من ظلمه وشره وخبثه الباطن، فإما أن تكون إنساناً أو لا تنتمي إلى هذه السمة العالية، لنعرف إنك ضدنا وتريد قتلنا وإقصائنا، فأنت تخذلنا في أي وقت شئت، فأفصح عن نفسك يا هذا، فقد سئمنا العيش بينكم، ومللنا الجلوس بقربكم، فأنتم تقتلوننا وتشردوننا وترهبوننا، فلا داعي لأن تكون شريراً متأنسناً، ولا داعي لأن تضمر خبثك ولؤمك، بلا أن تعاجلنا بين الحين والآخر بكرهك وحقدك ومرضك .
هل الإنسانية تتعذب اليوم، هل نحن حفاة ننثر الخبث على البشرية، كلا نحن لبسنا رداء المظلوم فكنا ملوكاً بإنسانيتنا العظيمة التي يقع عليها الظلم والجفاء من قبل أشرار الأرض ودعاة الظلم ورعاته، ونحن أفضل من ارتدى خف البساطة والعيش مع باقي الإنسانيين على الأرض، نعم نحن من ينتقل من جحيم أولئك الظلمة والعابثين بالإنسانية على وجه الأرض، أرضنا ومنبتنا وحياتنا وهوائنا، إلى سعادة وخير وصلاح نفوسنا وإنسانيتنا وفكرنا ومداركنا، ليكون الإنسان الحقيقي فقط هو من يعيش الصلاح والإصلاح والخير والمحبة، دون غيره من الخبثاء المنتحلين لهذه السمة العالية .
وكما قال شريعتي : ثم تتقطع الأنا ذات الوجود المتصل قطعة قطعة، كل قطعة منها في مصيدة شهوة قذرة وهوى أجوف وأمنية سخيفة ... والمحصلة هي التضحية بأعز الأشياء من أجل الحصول على أسخف الأشياء وأقذرها .
فلماذا نضحي بأعز ما نملك في عالم القيم والأخلاق وهي الإنسانية، لكي نكون سخفاء المصحة والذات المريضة التي تريد الوصول إلى مكانة حقيرة، أو سلطة قهرية، أو سلطان جائر، فهؤلاء يزدادون دماراً لقيمهم الإنسانية، لأنهم وبكل بساطة (( سلمُ )) و (( أخضعُ )) (( ولم يرفضُ ))، عوالم الخبث والرذيلة والظلم، فلا ذاتٌ ليعود إليها، ولا نفسٌ لتردعهم، لأنهم أراذل الإنسانية .
ويبقى هؤلاء يعيشون الجحيم والباطن المحترق مهما وصلُ وحكمُ وتجبر، ويبقى الإنسان الحقيقي، والإنسانية الحقيقية وليدة الحاضر والمستقبل، وصناعة القيم والمبادئ والأخلاق ومعاني الروح الكبيرة، ومعاني الحب والاحترام وقبول الآخر والعيش مع الجميع بكل أخلاص ومحبة وصلاح .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -