الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهام المستقلين الوطنية ومحنهم..!

سنان أحمد حقّي

2014 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


مهام المستقلين الوطنية ومحنهم..!
ان تكون مستقلاّ فإن الأمر يتطلّب كثيرا من الفطنة والشجاعة والمرونة والكياسة ، فإن وجدتَ موقفا صائبا لأحد الأطراف فإن الأطراف الأخرى تدينك وتعتبرك بالضد منها وإن وجدتَ موقفا غير صائب لأحد الأطراف الأخرى فإنه يُعاديك ويستعدي الناس عليك ، وإن وجدت في خضم الأحداث شيئا صائبا وآخر غير ذلك فأنت منافق ومتذبذب وبهذا فإنك لا تستطيع ان تقدّم نصحك ولا رايك لأحدٍ ما دون أن تدفع ثمنا باهضا من حياتك أو رزقك او رزق وسلامة عيالك وكل الأطراف تضعك في خانق ضيق فإما الإحتواء اي أن تصطفّ إلى جانب ما ويقع المحضور وتنخرط في المساعي التي قد لا تتفق مع رؤيتك وأهدافك ولا مع مصالحك وإمّا ان تتجرّع سمّ ما وصفنا من الإتهامات والاراء المتباينة وربما التسقيط.
وقد يسأل سائل ، ولماذا الإستقلال ؟ والجواب وإن كنا أجبنا عليه ضمنا الاّ أن هناك مقاصد واهداف سامية ليس لها حدود في إنتهاج منهج الإستقلال ، فإننا نعتقد ان تضييق مساحة المستقلين لا تعني إلاّ شيئا واحدا مهما وهو أن الإستقطاب يبلغ مدى كبيرا ويجعل الصراعات الداخليّة تتزايد وتتفاقم وتجعل كذلك الإصطدام بين الفرقاء المتنافسين أكثر حدّة وضراوة وقد تشعل فتيل العنف والعنف المقابل وتُعجّل من نشوب حرب اهليّة واسعة ، وحيث اننا لا نرى أن ذلك في مصلحة أحد مطلقا فالبلاد تحيا تحت ظل مخاطر حقيقية لا طائل لها والأوار الإقليمي مستعر ويُنذر بأخطار شديدة وكذلك الوضع الدولي يُنذر بأخطار وأطماع هائلة رغم ان إنتهاء الحرب الباردة كان من المفروض ان يُلقي بظلال السلام والأمن ولكن للأسف فإن الأمور تسير بغير هذا الإتجاه كليّا، على الأقل في منطقتنا.
وأن توسيع مساحة المستقلين من شانه ان يصنع حيزا عازلا يحول دون تفاقم الصراعات بين المتضادات ولكي تتزايد هذه الفئة السياسية فإن الأمر يتطلب ان تُعتبر ذات حق وذات مشروعيّة في إقامة علاقات وديّة مع الأطراف المختلفة ولكن مفهوم وديّة لاينبغي ان يعني مداراة الخواطر بل تعني علاقات صحيحة وسليمة وصريحة لكي يتمكن المستقلون من مناقشة الأطراف المختلفة ومحاورتها وأنه من الممكن أن تلعب تلك الشريحة دورا فاعلا وحقيقيا في تفعيل مصالحة وطنيّة شاملة بمساعدة اطراف أخرى مقبولة أو شخصيات مستقلة أمميّة .
إن دور المستقلين لا يجب ان يُستهان به لو حفظت لهم مكانتهم وتم إحترام مواقفهم السياسية المستقلّة كما أن موقفهم المستقبلي المحتمل في القيام بدور وسيط مقبول لا يمكن أن يتم أداؤه دون منهج مستقل يتبنى محاورة كل طرف من الأطراف الوطنيّة وفق سياق معروف ومجرّب فالوسيط لا بد له ان يدخل في حوار تفصيلي مع أحد الأطراف من منطلق خصومه وبتبني موقف الخصم ثم يفعل نفس الشئ مع الأطراف الأخرى وهكذا دواليك حتّى يستطيع أن يقف على مقترحات ممكنة التطبيق ويقوم بعرضها على الجميع واحدا بعد الآخر ثم يُعيدها مرة بعد أخرى على الخصوم والمتنافسين إلى أن تلقى قبولا شاملا من جميع الأطراف وهذه عملية يقوم بها كل من ينبري لمثل هذه العمليات سياسيا وغير سياسيا وهذا يتطلب من الأطراف ان تتفهم هذه الاليّة ولا تعقّد الأمور ولا تسد الطريق على الفرقاء التي تقوم بأي وساطة ولهذا فإن المستقلين لو تم قبولهم او جزء من المستقلين لمهام وطنية من هذا القبيل فإن مهمتهم تتطلب ان تكف الأطراف المختلفة عن محاولات الإحتواء او التسقيط لأنها بهذا تحكم على مثل هذه الأوساط بالفشل كما ان الصراعات التي أشرنا إليها سلفا ستتفاقم ويكون ما يحذر منه الجميع من مضاعفات أكثر خطرا وكلما افشلنا هذه الجماعات وأعني المستقلين وكلما ضيّقنا مساحة المستقلين سواء بالإتهامات أو بالإحتواء المقصود فإن تفاقم الصراعات واقترابها من الحرب الأهليّة سيكون أكثر إحتمالا واكثر ضراوة بسبب تفاقم الإستقطاب
كما نودّ ان نشير ان الإستقطاب المذهبي والقومي الحاصل في البلد له شريحة من المستقلين لا يُستهان بها إذ ان المستقلّ هنا لا ينحصر مفهومه على الموقف السياسي بل المذهبي والديني والقومي ايضا بل أساسا وكثيرا ما نجد بين القوميات والأديان والمذاهب والطوائف من ينتمون وينتسبون لقوميتين أو طائفتين او دينين وهم في الواقع يُشكلون شريحة لا يُستهان بها إطلاقا ويمكن أن نُخرج من بينهم كثيرا من ذوي الوعي والحكمة والإطلاع على الشان العام والسياسي ممن يمتلكون القدرة للقيام بهذا الدور المأمول خصوصا إذا قام بمساعدتهم بعض الشخصيات الأمميّة المستقلة والمقبولة من الأطراف الوطنيّة المختلفة
لقد حانت ساعة الحوار الشامل بين الفصائل الوطنية المتعددة وكذلك ساعة البدء بمصالحة وطنيّة حقيقيّة لا تستثني أحدا من القوى السياسيّة الموجودة في الساحة السياسية باستثناء من تلطّخت أيديهم بأعمال مشينة بحق الشعب واضرّوا بمصالح البلاد الرئيسة ، وهذه مهام لا يمكن ان تنفرد بها قوة سياسية واحدة فضلا عن ان مضي سنوات طويلة على الأزمة السياسية المزمنة يتطلب المناورة بالسبل والبرامج المعتمدة وإحداث تغييرات جذريّة في البنية السياسية الفكرية المطروحة بهدف إخراج البلاد والعباد من سلسلة الأزمات المتلاحقة .
وتجدر الإشارة إلى أن من يُمسك عصا السلطة تقع عليه المسؤولية في طرح المبادرات والمقترحات لأنه معنيّ ببسط نفوذ الدولة على عموم أرجاء البلاد وهذا يعني سيطرة الجهة الموصوفة على الحياة العامة وبالتالي إمكانية الدخول في حل بقية أوجه الحياة العامة الأخرى كالخدمات والبناء والإعمار وغيرها وليس من الصحيح إهمال ضرورة معالجة بؤر الخلافات ولا إبقاء اية نزاعات لتأخذ أشكالا مزمنة تؤدي إلى تناقص نفوذ الدولة باستمراروان على من يُمسك بالسلطة ان يستنفد كافة الوسائل والسبل السياسية الممكنة تفاديا لما يمكن أن يقع في منهج أعداء البلاد ويتيح لهم تقويض السلطة والنظام وهدم الدولة ومؤسساتها وهذا أمر خطير جدا راينا له نموذجا في الماضي القريب ولا نظن أن أحدا يرغب في عودة مثل تلك الكوارث لا سمح الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال الرئيس الفرنسي ماكرون عن اعتراف بلاده بالدولة الفلس


.. الجزائر ستقدم مشروع قرار صارم لوقف -القتل في رفح-




.. مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب رفع العلم الفلسطيني خلال


.. واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في سياستنا ودعمنا العسكري لإسرائيل




.. ذا غارديان.. رئيس الموساد السابق هدد المدعية العامة السابقة