الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على مهاتير وبن بلة وكلارك ودوما الاعتذار للعراقيين وللانسانية ايضا

سردار عبدالله

2005 / 6 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


على مهاتير وبن بلة وكلارك ودوما الاعتذار للعراقيين وللانسانية ايضا
منذ القاء القبض على صدام واخراجه ذليلا مستسلما من جحره المخزي, وقريحة الكثيرين وفي ارجاء متعددة من العالم انفتحت على اشدها لتزايد على العالم وعلى ضحايا صدام ونظامه وفي مقدمة هؤلاء الضحايا طبعا العراقيون الذين كانوا يعانون تحت وطأة العزلة وشعور بالوحدة المطلقة المخيفة, في البداية ظهر علينا بعض من الاخوة المتشدقين ب¯(عروبتهم), وفي غالبيتهم كانوا ممن شبعوا حتى حدود التخمة من عوائد كوبونات النفط التي كانت ترمى اليهم على حساب الشعب العراقي, وللتغطية على جرائم الابادة التي صدام يرتكبها بحق العراقيين من اقصى البلاد حتى اقصاها. ثم بدأ فصل آخر من المسرحية بدعوى الدفاع عن صدام ورموز نظامه, وتشكلت هيئات للدفاع عنهم, ووصل الامر في بعض مراحل المسألة الى حد مخجل بات هؤلاء في موقع هجومي واخذوا يشنون حملاتهم المسعورة على العراق والعراقيين وكل من كان يطالب باحقاق الحق وتنفيذ العدالة كاملة. هذه المهزلة استمرت من دون ان يشعر (ابطال)ها بأدنى قدر من الشعور بالخجل, وغدى كل ظهور لصدام او احد القتلة في نظامه مناسبة للمزايدات التي لها اول ويبدو انه ليس لها من آخر.
قبل ايام حدث (تحول) كبير في هذه الوتيرة, وهو في الحقيقة خطير وخطير للغاية, فقد (تطوع) جمع من الشخصيات العالمية مؤلف من رولان دوما الفرنسي, مهاتير محمد الماليزي, احمد بن بلة الجزائري, ورمزي كلارك الاميركي, واعلنوا في بيان لهم عن حرصهم وغيرتهم على الدفاع عن (الكرامة الانسانية) وطبعا شكلوا لجنة من اجل انجاز هذه المهمة التي سيكون مهمتها الاساسية الدفاع عن صدام, ويبدو ان الكرامة الانسانية حسب هذه اللجنة قد اختزلت في شخص صدام. بالرغم من التزام السلطات العراقية في العهد الجديد باجراء محاكمة عادلة وشفافة ونزيهة لصدام واعوانه, واعلانها عن التمسك بعدالة هذه المحكمة واجراءاتها الا ان هذا لم ينفع بشيء, حتى ان بعض المسؤولين العراقيين لجؤوا احيانا الى المبالغة والافراط في هذا الامر, فعلى سبيل المثال ايام كانت النجف تحترق بالمعارك والحرب في الفلوجة على اشدها, كان وزير حقوق الانسان العراقي بختيار امين منشغلا عن كل هذه الحرائق والحروب والانتهاكات التي كان يتعرض لها العراقيون, وكذلك متناسيا جميع الجرائم التي ارتكبها نظام صدام بحق العراقيين, ومركزا جل وقته وجهده على صحة صدام فكان يطلع علينا كل يوم ليبشرنا بأن صدام لا يزال يتمتع بكامل صحته وان لا خوف عليه من الاصابة بمرض في البروستات وبأن خصيان الرئيس السابق طبعا بخير ولا خوف عليها, وليهنأ العراقيون وتقر عيونهم, طبعا نحن متفقون على ان العدالة يجب ان تسود ربوع العراق, وان للمساجين حقوقهم التي يجب ان تحترم كاملة وان يتم الالتزام بها كلها دون زيادة او نقصان, وهنا يجب التركيز على عبارة دون زيادة او نقصان, فالسلطات العراقية مطالبة باحترام حقوق السجناء بما فيهم صدام احتراما كاملا دون اي نقص, ولكن يجب ان نؤكد هنا ان(دون نقص) هذه يجب ان لا تتحول الى زيادة تكون على حساب العدالة واحقاق الحق والتنفيذ السليم والعادل للقانون, ان محاكمة صدام بالنسبة للعراقيين ليست مجرد محاكمة عادية وهي اكبر حتى من تأخذ طابع عملية ثار او قصاص, بل هي امتحان كبير يمكن يترتب على نتائجه الكثير بالنسبة لمستقبل العراق, وكما ان قتل الزعيم عبدالكريم قاسم على ايدي البعثيين قد اسس لبداية عهد دموي منقطع النظير في تاريخ العراق الجمهوري, فان التعامل مع صدام ورموز نظامه ممن اجرموا بحق العراق وكل المنطقة سوف يؤسس لحقبة مغايرة, ان الالتزام بالعدالة والقانون والشفافية حتى في محاكمة صدام سوف يؤسس بالتاكيد لعراق عادل يحترم نفسه ويحترم ابناءه ولذلك كله فهو يحترم العالم وجيرانه, ويبدو بان قادة العراق الجدد مدركون تماما لمغزى هذه المسألة لذا فهم يتحلون بأقصى درجات الحرص والمسؤولية . ويبدو انهم مصرون على بناء عراق عادل يليق بابناءه وتكون الكرامة الانسانية مصونة ومحترمة على ارضه, لذلك لا قادة العراق الجديد ولا ابناء الشعب العراقي الذين علموا البشرية اسس التشريع والعدالة ومنذ الاف السنين, ليسوا بحاجة الى ان يأتي حفنة من السياسيين السابقين المفلسين لكي يزايدوا عليهم في العدالة واحترام الكرامة الانسانية ويعلموهم كيف يمكن ان تحترم حقوق الانسان وكيف يمكن ان تصان الكرامة الانسانية, فحرص العراقيين على هذه المسائل واضحة وضوح الشمس وهاهو رئيس الجمهورية الذي هو متربع على رأس سلطة الدولة يرفض التوقيع على قرار اعدام صدام, طبعا ليس حبا بصدام, بل لان الرجل يحترم توقيعه الذي وضعه قبل سنين على بيان صادر من قبل هيئة محاميين دولية للمطالبة بمنع حكم الاعدام في العراق, وكل نعرف بأن الشخص الوحيد الذي يستثنى من قرارات العفو التي كان يصدرها صدام بين الفينة والفينة كان جلال الطالباني, ونستطيع ان نتلمس وبكل وضوح ان هذا الرجل وهو متربع الان على راس الدولة يتحلى بشجاعة كبيرة وصدق نادر مع نفسه اولا ثم مع شعبه, ليطال صدقه حتى اعداءه وصولا الى عدوه اللدود, فهو لم يغتنم الفرصة ليثار من صدام, واذا كان هذا هو المثال الرائع الذي يمكن ان تقدمه القيادات العراقية الجديدة للعالم, فإننا نستطيع ان نؤكد ودون ادنى شك او تردد بان المرحلة اللاحقة التي ستاسس على مثل هذه المفاهيم النبيلة السامية, سوف تكون مرحلة خير وحق وعدالة وقانون, لذا فإن العراقيين ليسوا بحاجة الى من يعلمهم الحق والعدالة والقانون, لانه لا يوجد من يعرف قيمة هذه القيم والمثل اكثر من العراقيين الذين حرمهم منها صدام ولعقود طويلة. وكذلك فهم ليسوا بحاجة لمن يمارس عليهم دورا ضاغطا للالتزام باجراء محاكمة عادلة لصدام واعوانه, واحترام حقوقهم, لانه لا يوجد على وجه الارض من يدرك اهمية اجراء هذه المحاكمة بنزاهة وعدالة وشفافية بقدر ما يدرك قادة العراق الجديد اهمية هذا الامر. فالعراقيون ليسوا ملزمين بالالتزام بما يمكن ان يمليه عليهم حفنة من قدامى السياسيين, وهم التزموا بالمعايير الانسانية في التعامل حتى مع صدام ليس خوفا من هؤلاء, بل لسبب اكبر واقوى وهو انهم مؤمنون بن عليهم ان يفعلوا ذلك.
لكن دعونا نتساءل: ترى متى تحول صدام الى نبي للانسانية يختزل معاني الانسانية والكرامة الانسانية? ولماذا خرج علينا هؤلاء فجاة بموقفهم المخزي المدافع عن صدام وهم ادرى الناس بأن قيادة العراق الجديد متمسكة بقيمها الاخلاقية وبصدق ولعل موقف الرئيس العراقي جلال الطالباني يمثل خير دليل على ذلك? ترى اين كان هؤلاء الابطال المدافعون عن الكرامة الانسانية عندما كان صدام ينتهك كل الحرمات وكل معاني الكرامة الانسانية, حتى وصل الى درجة بات قريبا من ابادة بني الانسان في العراق? اين كان ابطال الانسانية المتجحفلون من شرق المعمورة وغربها للدفاع عن صدام عندما اشعل نار حربه مع ايران وراح ضحيتها مئات الآلاف من ابناء الشعبين? اين كانوا عندما احتل صدام وعلى مرأى العالم ومسمعه دولة الكويت وقرر مسحها من على وجه الخريطة العالمية والحقها بالعراق, ثم دمرها? اين كانوا واين كانت غيرتهم عندما كان ابناء الكويت يموتون كل يوم الاف المرات حسرة على ابنائهم من الاسرى الذين حرموا من كافة حقوق الاسرى? اين كانت غيرة هؤلاء على الكرامة الانسانية عندما كان صدام يبيد جنسا بشريا بالكامل, اين كانوا عندما دمر صدام اثناء عمليات الانفال اغلب مدن وقرى كردستان, وقتل 182000 من الكرد العراقيين كلهم كانوا من المدنيين العزل? اين كانوا عندما اختنقت »حلبجة« بالغازات الكيمياوية السامة? بعد هذا الصمت المخزي على كل هذه الجرائم المنقطعة النظير, يحق لنا ان نتساءل: ترى لم هذه المسرحية وفي هذا الوقت بالذات? انكم ايها السادة مطالبون بالاعتذار وبشدة للعراقيين ولجيران العراق الذين تعرضوا لظلم صدام, وعليكم ان تعتذروا للكرامة الانسانية التي دنستم حرمتها عندما سمحتم لانفسكم باختزال في شخص ديكتاتور مجرم كصدام.
ينشر بالتزامن و»إيلاف« و»الفرات« الدولية
[email protected]
* السليمانية ¯ كردستان العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24