الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يفرن ... بطاقة هويتي

مها الجويني

2014 / 1 / 17
سيرة ذاتية


يفرن يا فرحة العاشق ...
أذكر مرة انه دار نقاش بيني و بين أصدقاء ليبين حول الأمازيغ في تونس و كم عددهم و تحليل الحمضي لمعرفة الأعراق و تاريخ القبائل و العشائر و من هم العرب و من هم الأمازيغ .... و بينما نحن نتبادل أطراف الحديث قال أحدهم لي :" مها هل أنت من عائلة أمازيغية أصيلة ؟ كنت أفكر في السؤال و أصيغ في ذهني إجابتي . حينها أخذ صديقي سعيد الهنشير الكلمة و قال : هي أمازيغية 100 بالمئة و لا شكوك في نسبها ، أؤكد لكم و لكي يا مها .. أجبت : من وين عرفت ؟ رد سعيد بسرعة : بشرتك تشبه لون جبال يفرن ، وفيك من روح مدينتي.. الثائرة "
صمتت و إستمر النقاش حول دسترة اللغة الأمازيغية في ليبيا و لكنني ظللت أفكر في لون الجبل الذي يشبهني و قلت في نفسي كيف فأنا لست ببيضاء و لا سمراء و لا حتى صفراء .. لوني بين الأسمر الفاتح و الأبيض .. ربما خمري لا أدري . و لكنني لم أولد في الجبل و لم اعش يوما هناك و لا يمكن لي أن أعرف كيف تكون ألوان الجبال ...
مر أسبوع فاتصل بي سعيد ليدعوني لزيارة مدينة يفرن في اطار رحلة نظمتها بعض الجهات هناك لإستقبال صحفيين ليبين من بنغازي و من جهات أخرى لتعريفهم بيفرن و بتاريخها ، لبيت أنا الدعوة و حملت حقيبة ظهري التي فيها جهاز الكمبيوترو آلة التصوير و أجندة و حزمة أوراق لأقوم بتقرير حول تلك المدينة الجبلية و الآثرية . من كانت طوال عهدها حصنا منيعا أمام الغزاة و الطغاة و لا سيما قائد العروبة و صبي جمال عبد الناصر "معمر القذافي " .
كل التاريخ الذي أعرفه عنها لم يكن يستفز غريزة حب الإطلاع المزروعة فيا منذ الولادة بقدر ما إستفزنتي قصة لون جبالها التي تشبهني او انا التي أشبهها ، إنطلقنا من طرابلس عند الصباح وصلنا الى يفرن بعد الظهر . و في طريقنا إستوقفتني الطبيعة الخلابة و السباسب و الأعشاب و لون التراب الذي غدى يشبه لوني ما إن إقتربنا إلى يفرن .
حينها نظرت من بلور السيارة ومسكت كامرتي و لم أستطع إلتقاط أي صورة ... لقد سبقت دمعوي بالنزول .. و قلت " هذا التراب ليس بغريب عني " . و بدأ قلبي بالخفقان كما يخفق قلب المريد و هو في الطريق إلى شيخه ، كما يخفق قلب العاشق لأول موعد . لم أكن سعيدة و لم اكن حزينة ..
حطت السيارات أمام فندق يفرن للسياحة " و إستقبلني الجميع " بأزول فلام" يعني سلامي القلب لك ، و بإتسامة على شفاهم و بضحكات تعلو المكان ، ما أجملهم ... يقال أن المرأة هي حاملة الوطن و هي الحاضنة لكن في يفرن حضر رقي أمهاتنا في إبتسامة أؤلئك الرجال ... من يقال أنهم إيمناين إي فرسان أمازيغ ...
حينها نزلت من السيارة لألتقي بالجموع التي كانت تبتسم و فيهم من يتحدث اللغات و ويعزف اللغات و يفخر ببناته و بجمال مدينته، كانت دهشتي لا توصف .. لقد تصورت أنين سأرى مدينة يجوبها الدمار و آثار الحرب ... إنها يفرن التي حاربها القذافي و قاتل شبابها و حرم أهلها من التنمية .. ظنتت أن سياسية الإقصاء و التهميش التي إتخذها النظام العروبي السابق و الحرب الضروس التي قام بها ثوار يفرن قد يقجعل منها مجموعة من الأحجار .. لكنني تفاجأت .. بتلك الحضارة الصامدة .. تفاجأت بشعب يبتسم لذكرى الشهيد و معتقل ...
قال لي سيفاو تتواوة أحد الشباب الذين التقيت بهم هناك :" عندما رفضت مصلحة الآثار الاهتمام بآثار يفرن قمنا نحن بالحفاظ على مدينتنا و تأسست جمعية ديسير بدون الاذن من الحكومة ، و كنا ننسق فيما فيننا بطريقة سرية للغاية نحافظ على لغاتنا و على تاريخ اجدادنا .." ما إن انهى حديثه عن معاناته للحفاظ عن آثارهه حتى سألته : ماالحافز لكل هذا ؟ أجابني بكل ببساطة : نحن نعرف من نحن و هذه الاحجار تشبهنا و هي شهادة لنا .. أنظري الكهوف .. الديار ، المعاصر و النقوش و الاديرة و الجامع و المدارس إباضية .. و لا أعرف من القذافي و من أين جاء .. أنا أحافظ على نفسي بالدفاع عن ثقافتي ...
صمتت و نظرت للقرية غاسرو الجبلية و دار بالي الخيمة و حديث القذافي عن الوحدة و فهمت أن بدوي قومجي مثله لا يمكن أن يكون أمين على هولاء .. حديثه ذركني بما قاله المسيح : ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان . و ليس بالبترول و الغاز تحيا يفرن ..
إنهيت حديثي مع سيفاو تواوة و اتجهت لقصر ديسير و قبل الذهاب اليه أقترح عليا صديقي محمد مادي رؤية الكهوف التي تعود إلى العهد الحجري ، دخلت للكهوف و فوجأت بالأثر الأسود الذي لا يزال فيها و بالخطوط و الرسومات .. ثم مررت على باب الدير الذي علمت أن مفتاح الدير الي يفوق عمره الفين سنة يتم يتواثه منذ رحيل اليهود عند يفرن ... حديث محمد مادي عن الاخوة بين اليهود و بينهم كمسلمين جعلني أبتسم و اٌقول ألازال في وقتنا من يحفظ أمانة صاحبه ؟
ثم أنطلقنا الى بيت" ايسلين"و بيت ثقافي متحف يحمل القماش و الديكور و الحقائب و الاكسسوارات الامازيغية و الخزف و الزخرف الامازيغي القديم و معدات المطبخ و تابلوهات عليها صور ليفرن و وثائل لمراسلات سليمان الباروني و صور للنساء و ملابس و أكل و دفء و حسن ضيافة لقد أهداني حينها سعيد الهنشير مجوهرات أحجار مع حقيبة و علم و أقراط ملونة كانت معروضة في أحد الغرف ، من بيت ايسلين ترى الخضرة التي تغطي الجبال .. و ترى المياه .. و يصدق قول الشاعر :" يفرن عروس الكاف يا زيرها يسرك هواها و يعجبك منظرها " ...
توجهت لقصر ديسير الذي يعد من أكبر القصور الامازيغية في شمال افريقيا يضم ثلاث الاف غرفة ، هدم القصر في الحرب العثمانية على ليبيا ، فيفرن كانت عصية على الاتراك كما كانت عصية على العرب ، وعلى كل الغاصبين .. الناظر في تاريخ المدينة يفهم انها لا تنهزم ، فيفرن صمدت امام العرب و لم ينطق اهلها بالعربية رغم التقتيل و التنكيل الكر و الفر ، يفرن إعتنقت الاباضية و لم تغيرها رغم محاولات الاتراك لفرض مذهبهم ، يفرن ظلت امازيغية رغم ما اوتي للقذافي من قوة من دعم ...
أي مدينة أنت يا يفرن ؟ في ساحة ديسير التي كانت على قمة الجبل .. وقفت لانظر لهذه الجبال ، لاحاول ان افهم السر لابكي تاريخ ثلاث الاف سنة .. اخذت العلم الامازيغي الذي كان يرفرف عاليا بين يدي و التقطت صورة و انا احمله ... لم تكن صورة للذكرى بل كانت صورة تحويل وجهة حينها قررت أن لا اساند الثقافة الامازيغية .. حينها حملتها بين أضلعي و قلت هذه الأراضي تستحق دمائنا ...
و كم جميل لو يسكب دمي من أجل يفرن ... مرت سنة على زيارتي ليفرن مرت سنة على إتخاذي ذلك القرار .. حينما أسأل في تونس عن تلك الصورة أقول : انه عهدي مع يفرن .. صورتي في جبل ديسير التي كانت حافزا أمضي به أمام كل الناقدين و المستهجينين ، صورة ذكرتها عندما تحصلت على تكريم في مهرجان راس السنة الامازيغية بمكناس الايام الماضية
.. لاول مرة أنجح ويحملني الحين لأرض غير أرض تونس ... اهديك الجائزة يا يفرن .. و شكرا لتحويل وجهتي ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - آسقاس آمقاس لكل الامازيغ
Jugurtha bedjaoui ( 2014 / 1 / 18 - 17:32 )
آسقاس آمقاس لكل الامازيغ ولك خاصة يا حمامة الامازيغ لقد احببنا يفرن والشعب الامازيغي الشقيق في ليبيا لك الف تحية على هاده الصورة الجميلة عن الامازيغ وبلاد الامازيغ الجميلة والراءعة دات التاريخ العظيم الدي يفوت 2964 ولم تطمسه ايادي الغزاة ورغم هاد مازال قاءما على ارضه الطيبة ويرفض مفارقة شعبه الكريم لنا يفرن وكم يفرن لنا في سوس وتالة والقصرين والاوراس الشامخ والاطلس البهيج الدي يقابله جبال جرجرة الشامخة وكم هي بلاد الامازيغ جميلة وواسعة تقبل حتى اعداءها ولاترفض احدا انها بلاد الكرم والسخاء تحياتي اختي العزيزة وجميع من معك 00000

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو