الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقسام وارادة اليسار الفلسطيني

نايف جفال

2014 / 1 / 18
القضية الفلسطينية


الانقسام وإرادة اليسار الفلسطيني
نايف جفال - تتكامل هموم المواطن الفلسطيني ما بين ملاحقة الاحتلال وعراقيله المبتكرة، وبين همومه المعيشة المهينة بفعل الوضع الاقتصادي المأزوم، وبين السقف السياسي المنهار بسبب التفرد الحاصل من القيادة المتنفذة بالسلطة ومنظمة التحرير، وبين تبعات الانقسام المدمر، الذي اضعف كل الخطى التي يجتهدها الفلسطيني بكل ممارساته، وما أثبته من إقصاء مجتمعي وسياسي ووظيفي مدمر، تتجلى انعكاساته على شاشات الإعلام ذو اللون الواحد، وفي أروقة المكاتب الحكومية، وتحت أسقف المنازل ومباني الجامعات، وفي شوارع الوطن المحاصر بطرفيه المتناحرين.
ولم يعد بوسع المواطن العادي أن يتحمل كم الضغوط والعراقيل الفلسطينية منها والصهيونية، ما جعله في دوار مزمن، يفتقد خلاله سبل الراحة والأمان ويجعله متعايشاً مع الخوف ومتشائماً من المستقبل، كأنها فريضة أوجدت للفلسطيني لكي يتخلى عن حلمه ويتعايش مع مصابه كأنه طبيعة، كل هذا تبينه النداءات المتكررة للشارع الفلسطيني من خلال وسائل الإعلام المسموعة منها والمرئية والمكتوبة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتُجرم الاحتلال ومن بعده الانقسام، وتطالب بضرورة طي صفحته وإنهائه، وإعادة العملية الديمقراطية لمسلكها لتسّير كافة مؤسسات المجتمع الفلسطيني، وتخرجها من الدائرة المفرغة التي تطيل من عمر الاحتلال وتقوي من بطشه وعدوانه، وتعود على الشعب بالعقم الدبلوماسي، والشلل السياسي، وقتل طموح الدولة والعودة وتقرير المصير.
والواضح للعيان أن الانقسام أصبح واقع مثبت ولن ينهار، إلا بفعل قوة وإرادة فلسطينية وواقعية تستمد شرعيتها من الشعب، تعلن خلالها النفير العام مترافقاً مع حملات إعلامية، توّعي وتحشد في الضفة الغربية وقطاع غزة، هدفها تعرية الانقسام وأقطابه، وتوضح الكوارث التي حققها الانقسام، وتحدد أولويات الشعب وعلى رأسها الحفاظ على الثوابت، من خلال فرض مسيرات واعتصامات تجوب كافة شوارع قرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة، تهدد بالعصيان المدني لتخلق أرضية ضاغطة وفعلية على طرفي الانقسام عملا لإزالته.
كل هذا لا يتحقق الا من خلال قيادة موازية لقيادة الانقسام المتمثلة بطرفيه بين حدود قطاع غزة والضفة الغربية، وهذا ما يدعونا من جديد للبحث عن عنوانً التيار الثالث، والمتمثل بقوى اليسار الفلسطيني الذي يزاحم نفسه في الشارع الفلسطيني، ويبقي حقوق الشعب ومطالبه مرهونة قيد النزاع بيد طرفي الانقسام.
فاليسار الفلسطيني ومنذ بزوغ بوادر الانقسام أوضح رفضه الخجول لذلك، وفي بعض الأحيان سخر قوته لرفضه لكن دون متابعة او محاولة لتنسيق الجهود بين كافة أطرافه، حيث كانت جهوده نسبية بين تيار وأخر من قوى اليسار، فمنهم من اكتفى بالشجب والاستنكار الإعلامي، ومنهم من خرج بمسيرات رفضا للانقسام ولكن دون جدوى، فالعمل الجماعي والمنصوص عليه في كافة أدبيات قوى اليسار مفقود بين تياراته، وكافة المبادرات والاجتهادات التي حاولت توحيد قوى اليسار الفلسطيني باءت بالفشل بفعل بعض المصالح الشخصية والنزعات الزعماتية، أو بفعل تبعات الانقسام نفسه التي تجلت على وحدة الصف والقرار للقوى اليسارية نفسها.
فالشارع الفلسطيني أصبح يمتلك حقيقة بينة وهي أن لا رجعة عن الانقسام في ظل جلسات الحوار المتعددة الثنائية، والوعود المتزايدة التي يطلقها طرفي الانقسام بتجريمهما لبعضهما البعض، وظهور الشخصيات المنتفعة من حالة الانقسام وخصوصا أصحاب رؤوس الأموال المستفيدين من حصار غزة.
وهنا تلوح الفرصة التي يجب ان يستثمرها اليسار الفلسطيني الذي يتحمل مسؤولية كبيرة عن بقاء حالة الانقسام لوقتها الحالي، وان لا يكتفي بدوره الناقد من بعيد، فعليه تطبيق شعاراته الثورية التي تملا الشوارع، من خلال حمل هموم الشارع الفلسطيني والتصدي لكل المحاولات التي تعمل على تشتيت بوصلة الثوابت الفلسطينية ودروبها النضالية، واهم ما يمكن سلوكه من طريق هو الاتفاق على برنامج سياسي نضالي وحدوي يمثل كافة اطر وتيارات اليسار الفلسطيني كحد أدنى أن لم يتمكن من السير بخطاه نحو الوحدة، ويأخذ الحياد من طرفي الانقسام وينحاز للشعب بهمومه وتطلعاته.
فبغير هذا يبقى الفعل منقوص وتبقى كافة المبادرات والنداءات وحتى النضالات التي يخوضها اليسار الفلسطيني منفردة ومجزوءة، ولا تحقق أدنى ضغط على طرفي الانقسام، ولا حتى في المشروع الوطني ، وهذه أصبحت حقيقة لا مفر منها، إن بوحدة اليسار من الممكن ان يتحقق شيء على صعيد إعادة بناء الوحدة الوطنية وتنظيم وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، الذي استفحل بداخله الفساد والتشتت بفعل كم العوامل التي عرقلة مسيرته و أهدافه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ