الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب وأزمة تفعيل الخطاب الفني والثقافي.

احمد جمعة زبون
أستاذ أكاديمي وسياسي عراقي

(Ahmed Jumaa Al-bahadli)

2014 / 1 / 18
الادب والفن


لتحقيق الارتباط الفني والثقافي العراقي بالمشروع الثقافي العربي والعالمي. علينا أن نتحرك وبشكل جاد إلى دعم النشاط الفني والثقافي ذاته، عبر مواكبة المهرجانات العربية والعالمية والمشاركة فيها، وهذا يتطلب منا بذل المزيد من الجهود لإعداد نخب شبابية لها القدرة على تمثيلنا في الأوساط والمحافل الدولية. لان الثقافة بمفهومها المتجدد لا يمكن لملامحها الفعلية أن يشار لها إلا بعد أن تدخل في مفهوم أوسع منها وهو (المثاقفة).

نحن على يقين بان العزلة الثقافية التي يمر بها العراق هذه الأيام، ناتج عن الانقطاع الطويل لإنتاج العالم من توجهات ثقافية وحراك جمالي مؤثر، وعلينا أن نفكر بإعادة اللحمة بين الثقافة العراقية والثقافات المجاورة، وان كان ذلك على المستوى (الالكتروني) والتواصل عن بعد، فان لم يتحقق التواصل الفعلي لعدم جاهزية المؤسسات الثقافية لإدارة المشهد الثقافي والفني العراقي، أو لاعتمادها على المحسوبيات واختيار الشخصيات ذات الحضور المتواصل لمتثيلنا في مجمل محافل الثقافة والفنون العربية والعالمية، وكأن العراق لم لينجب الا بعض الوجوه المنتفعة. لذلك أدعو لتكوين نشاط الكتروني بين مؤسسات المجتمع العراقي وبين مؤسسات مجتمعية أخرى. وتوطيد العلاقات الثقافية وتفعيل الحراك العلمي المثمر، لتكون لنا بصمات جادة على ارض الواقع في القريب العاجل.

أتوقع الكثير من فئة الشباب، لأنهم أحرار بكل ما تعنيه هذه الكلمة، فهم غير خاضعين لمفاهيم الحزب الواحد، كما نشأت ثقافة القومية والثقافة التدميرية التي مزقت جسد الأمة في السابق، وكونت جماعات ثقافية لا تزال متسيدة للمشهد الثقافي، وبعضهم وللأسف أصبح طائفيا ومنحازا لأفكار رجعية لا تنسجم والواقع الفكري العالمي الذي ينادي برفعة الإنسانية. لذلك علينا أن نتحرك وبشجاعة لكشف الستار عن ثقافة الأحرار، وأنا اقصد (الشباب) العراقيين، لأن (الشباب) وفي كل المجتمعات يمثلون الطاقة الحيوية التي يتعكز عليها جميع بلدان العالم، وهنا أود أن اطرح التساؤل الآتي:

ترى لمصلحة من، لا يتم الاهتمام بشريحة الشاب المتحرر؟

تحديدا وان أي قراءة منصفة تؤكد أن الشاب العراقي شاب أبي وعصي على الأفكار المتطرفة، الأمر الذي دفع ببعض القوى الخارجية إلى استيراد شباب من جنسيات أخرى لتدمير المكون العراقي، وفك لحمته المتصاهرة عبر مئات السنين، في امتداد يعجز (الماقبل) كمفهوم من تحديد تاريخ هذه الظاهرة الاجتماعية . حتى أن أي مراقبة حاذقة للمشهد السياسي تؤكد أن الشاب العراقي غير آبه للتمزق والتفرقة السياسية التي ينادي بها هذا الطرف أو ذاك. فالشباب في الشارع وفي الجامعات وفي بعض مراكز العمل تجدهم منسجمين ومتفاعلين على الرغم من اختلاف مفاهيمهم (الثيولوجية: الدينية)، وفي كثير من الأحيان يؤكدون وحدة الخطاب عبر رفضهم للوجود الطائفي والعنصري.

لذلك على مراكز الثقافة والفنون أن تحتضن أبنائها في عموم البلاد، وان تفعل ملامح الخطاب الثقافي عبر برامج معدة لهذا الغرض، من خلال الندوات وطباعة المؤلفات والدورات التي تتبنى شروحات الاتجاهات الثقافية العالمية، وعروض الأفلام الجادة والمسرحيات المهمة في تاريخ المسرح، وتفعيل عروض التشكيل بمختلف مستوياتها، وإصدار المجلات المتخصصة، وفتح المكتبات العامة هنا وهناك. أنا اعلم بأن المهمة صعبة وشاقة، لكن تحقيقها ليس أمرا مستحيلا، وكل ما نحتاجه للشروع بنقطة البداية هو تعزيز الثقة بنفوس الشباب، والانطلاق بهم عبر جدولة منظمة لتفجير طاقاتهم. وحينها سيقف كل واحد منهم موقفه الجاد في رفض الجلابيب البالية لجيل سابق خصوصا بعد أن ظهر منها عفن الفساد الإداري والمالي والاجتماعي وغير ذلك.

أبناء اليوم هم جيل المستقبل، وأي عاقل لبيب يفكر في أولاده، ليكون لهم طريقا فاعلا في الغد، وهذه سنة الحياة، لكن المشهد الثقافي والفني يكشف عن رعاية كبيرة لجيل دون جيل آخر، بدعوى الاحتراف واكتناز الخبرات وغير ذلك، وهذا ما دفع بالعراق لان يكون بلدا متأخر في المحافل الشبابية، تحديدا في المهرجانات العالمية، المعروف ثمارها على نفوس المشتركين فيها، الأمر الذي دعا إلى تهشيم نفسية الفرد، وتركه يعاني مخاضات اللاجدوى من التعليم واللاجدوى من الاشتغال في إطار الثقافة والفنون، على اعتبارها مجالات ترفيهية، حتى أصبح الواقع اليوم يؤكد حضور الشاب الهزيل والمنعزل، وفي كثير من الأحيان نجده متمسك بمفاهيم غريبة عن مفاهيم المجتمع العراقي، جراء إطلاعه المغلوط، حتى أننا فقدنا نهضة الشباب الجادة والحقيقية.

لم يكن للحداثة الأوربية من حضور لولا تحرك الشبيبة الجاد في الثورة الفرنسية، حتى أصبحت الثقافة والتجديد هي السمة الغالبة على المجتمع الأوربي، تحديدا بعد دعوات (غرامشي) لتحقيق المفهوم المراد من المثقف العضوي. وفي تطور الحراك الثقافي نشأ وبشكل جاد كذلك ليصك العلامة الراحل هادى العلوي مفهوما جديدا وسمه بـ(المثقف الكوني)، والمسؤولية الكبيرة لا تتمثل فقط في رعاية الشباب وتأمين احتياجاتهم بقدر ما تتمثل في رسم مسارات ثقافية جديدة لهم، وترك ثقافة السلفية وثقافة الإرهاب والعنف والطائفية وغير ذلك. وبشكل عام يرتبط تحقيق هذه الخطوات في ملامح الخطاب النهضوي الجديد بالتعليم الابتدائي وما يأتي بعده في مؤسسات التربية. وهكذا مؤسسات التعليم العالي؛ لان منطق الأفكار المتقدمة لا يمكن له ان يكون بشكل منفصل الحلقات، وإنما علينا أن ندرك مستوى التقدم في الحلقات ذاتها، وبشكل متوالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال


.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب




.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان