الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شَبيهيَ في المرآة ..

يحيى علوان

2014 / 1 / 19
الادب والفن




ما لَكَ ، يا شبيهيَ في المرآةِ ، تُحملِقُ فِيَّ ..؟!
أَتُراكَ أَنتَ أَنـا ؟ أَمْ أَنا أَنتَ ..؟!
أَمْ تُراكَ تَستكثرُ عليَّ غُرفَةً صغيرةً عند البحرِ في هذا البرد لأنَّني لا أقوى
على أُجرتها في موسم السياحة ؟
..............................................

وجهُ شبيهي ، إفتَـرَّ عن إبتسامَةٍ غامضةٍ ، لا تَشِي بشيءٍ .. !!

لا تَسألني ، عن المسالِكِ ، يا شبيهيَ في المرآةِ ، فلربَّما ثَقُلَتْ عليَّ طراوَةُ الأغصانِ
فـي مـدىً مُسَوَّرٍ بالصمتِ والريبة .. !
مُتجَهِّمٌ أَنتَ .. أَتُراكَ غاضِبٌ من وجهِكَ ، نَطَّتْ عظامُه ؟!
أم تَرى النَجمَ نُدوبـاً في وجه السماء ؟!
أمُستاءٌ من فُقرِكَ وغِلظَةِ إمرأةٍ " تَنِقُّ " صباحَ مساء ...؟!
أَمْ حانِقٌ من الحروب ومن عَجزِكَ عن الإمساكِ بقرنِ الريح ، تعبَثُ بالزمنِ ، بحثاً
عن عقارِبِ الساعاتِ ، تُوقفهَا .. ؟!
.........................................

أَعرِفُ ... باردَةٌ ، هيَ ريحُ بحرِ الشمال ، تَبعَثُ فيكَ رَعشَةَ "يونس" في بطنِ حـوتِ ،
أَضاعَ دربَـه ، فأستَقَرَّ عندَ صخـورِ نينـوى !!
أَمّـا أَنا .. فقدْ سئمتُ قَطيعَ عَنزٍ (1)، يُصِـرُّ على صحَّـةِ "المقايضة" مع الذئبِ .. !
أبحثُ في مُعجمِ الليلِ عن مُفرَدة ، تُحيي الفرَحَ وهوَ رميم ... !
فـ"الصَحْبُ" مُنشغلٌ يَنفَخُ في مزامير التبريرِ ، بَعدَ أَن إختلَّ المعنى وتـاهَ المُرتجى ..

جئتُ أَحطُّ رِحـالَ الأرَقِ ، وأُسَرِّح أَحلاميَ المُنهَكةَ ..
جئتُ أُلاحِقُ فِكرَةً ، قَدَّتْ حروفيَ من "قُبُلِ "! وفَرَّتْ ..
أَتيتُ أُطـارِدُهـا ، أُراوِدُهـا عن نفسِها ، علَّها تُطاوِعني ... فنعيشَ "الخطيئةَ " سَويَّةً ،
نُغنِّي " نشيدَ الفرح "(2) حتى نحترِقَ ، قبلَ أَنْ يلفُّنـا الصمت ...
فمـا توالَدتِ المَعاجِمُ من الإشاعاتِ ، أَو من تُرَّهاتِ الفضائياتِ ، ولا تَكَسَّرَ الماءُ
من أَسمائه ...!!
وفي ساعةِ الجزرِ ، حينَ يَحني الموجُ هامَـه ، سنوقِظُ المـاءَ ، نَبُـلُّ به عَطَشَ
الأَسلافِ ... ونوقِدُ مَجْمَرَةً تَعِـجُّ صَمتاً ... فلا أَجمَلَ من صمتٍ في حضرةِ النـارِ والجَمْـرِ ...
صَمتٌ يملأ الفراغَ تَرَقُّباً ، فقَدْ تُغوِي النارُ ، على ساحِلِ بحرِ الشمال ، سيوفَ الفايكنغ والكَلتِيينَ ،
فتُسبى أسرارُ الصمتِ ...

..........................................
..........................................

آهٍ .. لو تَدري ، يا شبيهي ، كَمْ وَدَدْتُ لو كُنتُ فَنـاراً عَتيقَـاً ، يُومِضُ مُتَهادِيــاً
لأَشباحٍ ، رَكِبَتْ سَفائنَ من ورَقٍ .. وأَبحَرَتْ صوبَ التِيـهِ .. ،
... لَـو أَنَّني قيثـارةٌ تَتَنَفَّسُ لَحنَـاً ، يَصرَخُ من قاعِ المُهجَةِ على مَقامِ
الـ"عُشَّاق "(3)..
لَـو أَنَّني أَتسَلَّقُ سُلَّماً نحـوَ القمَرِ ، علّني أَصيرُ حُلُماً جميلاً يسكنُ صغيرتي ...
يَفُكُّ ضفائرها قبلَ أَنْ تنـام ...
وإنْ تَكَرَّمْتَ ، يا شبيهي ، ضَـعْ لِـي مَهـداً في غُرفتِهـا ، فأنـا " صغيرُهـا " المُشاكِسُ ،
علَّها تُهدهِدُنـي وتمسحُ على رأسي ، مثلما كانت تفعلُ أُمّـي ... فقَدْ أَخَّرتُ زماني
بمـا إختزَلتُ من العُمـرِ ، كـي لا أَجـيءَ قبلَكُم ، فأُرمى بشبهةِ الشيخوخةِ والتَخَلُّفِ
عن "روحِ العصر "!!
....................................
....................................

لا عَليكَ !! تَسأَل عمَّا بيدي ؟!!
فهذا حَبْلٌ ، أَتَرَفَّقُ بـه ، "سَوطاً وأَفعى !".. أُذَكِّـرُ بـه خِضِرَ المـاءِ ،"المُعَلِّم "
أَنْ يتدارَكَ الأَمرَ فلا يُلدَغَ للمَرَّةِ الألف من الجُحـرِ عينه ، أَوْ مِمّـا يتَزَيَّـا بغيره ..!
وإنْ لَـمْ يَرعَوِ ، سأسوطهُ بذاتِ الحَبْلِ ، فضريبةُ الدمِ أَغلى من الجَلْد .!!

...........................................
...........................................

لا تَبتئس ، يا شبيهي !! لا تَرمِ خوذَتَكَ !
ماذا لَـو صَنَعتَ فيهـا عَصيـدَةً ، تَطهـوها ، على نَيزَكٍ تاهَ عن مَجَرَّتِـه ..؟؟!
فالصمتُ مُنشَغِلٌ هُنـاكَ .. يتضاعَفُ في بُطُـونِ وادٍ ، دَوَّخَتْـه العاصِفَةُ ،
قَـدْ تجيءُ إلينـا فَتُحَفِّزُ بغُبارهـا الرَبْـوَ الكَمُـونَ .....


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تحكي واحدة من قصص الأطفال عن عنزةٍ ـ رمز الغباء في التراث الألماني ـ إلتقتْ ذئباً ، خافت أَن يفترسها.
قال لها" لاتخافي ، فأنا أشعُرُ بالبرد .. وأنتِ يقُضُّكِ الجـوع ! أَعطني جلدَكِ، فأعطيكِ ذاكَ الجبل المليء
بيانِعِ الزرع.. وافَقت العنزة على المقايضة..!! عندها يصيحُ الصغار، لمَّا يسمعون الخاتمة.."غبيَّة، غبيَّة ،
عنزة غبية !
(2) قصيدة للشاعر الألماني ـ شيلَرـ إستخدمها بيتهوفن في سيمفونيته التاسعة، وكانت المرّةَ الأولى ، التي إستُخدِمَ
الكورال فيها ضمن عملٍ سيمفوني .
(3) مقامٌ فرعيٌّ من مقام البَيَات ، ويسمّى ( عُشّاق ـ تُركي) وآخر يتفرّعْ من مقام النَهاوَند ويسمَّى (عُشّاق ـ مصري).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا