الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- حلم بلاستيك - مقاربة نقدية لعرض مسرحي

أماني فؤاد

2014 / 1 / 20
الادب والفن




عُرض في معهد الشارقة للفنون المسرحية " حلم بلاستيك " للمخرج "شادي الدالي" وهو العرض الذي مثّل مصر في مهرجان المسرح العربي في دورته السادسة التي ضمت إحدي عشر عملا من الدول العربية .
اعتمد العرض في تشكيلاته الحركية والرمزية علي إحدى الوسائل المسرحية المساعدة ، التي لاحظت أنها ملمحا أساسيا في معظم العروض التي قُدمت في هذه الدورة ، وجميعها تحيل إلي رمز ما ، كما أنها تشكّل وسيلة وأداة للمخرج للتعبير عن إطار رؤيوي يتحرك فيه النص علي خشبة العرض ، ويدفع بالحياة في حركة المثلين وحركة الصراع ذاتها .
اعتمد "الدالي" علي قطعة قماش سوداء كبيرة شكّلت رمزا للمنطقة الغائمة والملتبسة التي كانت تحياها مصر أيام حكم الإخوان ، اوضاع كثيرة كانت ــ ولم تزل ــ لا تبعث علي التفاؤل وتقع في منطقة مظلمة ، كما عدت القماشة السوداء أداة للكثير من التشكيلات الدرامية التي تَحرك من خلالها فريق العمل الذي ضم تسعة من الممثلين الشباب الواعدين : " سمر جلال ، رانا عصام ، أحمد يحيى ، محمد مسعد ، محمود سامي ، وئام عصام ، رنا حمدي ، ربا الشريف "
الحلم بعد أن بدا مبدعا منذ 25 يناير تكشف عن خواء وظلام ، انتهي إلي مادة مبتذلة ورخيصة ، أصبح بلاستيكيا ، ثورة خطفتها جماعات متأسلمة لا تتناسب أفكارها مع حركة التاريخ وتطور العالم من حولنا.
مارس العرض تفكيك كثير من الموروثات الدينية والمجتمعية المتوارثة ، من خلال طرحها وانتقادها بمنطق كون الإنسان نتاج بنية فكرية إيديولوجية معينة ، من شأن صناع المسرح إدراك القوانين الاجتماعية المتحكمة فيها ، فضلا عن الإيمان بإمكانية تغيير السلوك البشري والارتقاء به من خلال رسالة المسرح .
تتكون المسرحية من مشاهد متنوعة يجمعها ناظم رؤيوي يلفت الانتباه إلي عبثية الزيف الذي نحياه غالبا ؛ لنعيد غربلة هذه الموروثات ، إنطلاقا من لا أبدية ما يتحكم بالبشر ، وبعث الأمل في أن الإنسان كائن تجاوزي قابل للتغيير ، صراع آخر يتناقض مع الرؤية الميتافيزيقية للمسرح الأرسطي الذي كان يحاكي الإنسان وكأنه زج به في عالم مغلق مجهول ، ذي بنية دائرية غير قابلة لتغيير.
وربما تأتي ميزة هذا العرض بأنه لا يقصر مشاهده علي الفاعليات التي ترتبت علي وجود ثورة ، لكنه أيضا يشير إلي طبيعة فكر وسلوك ينتهجه المصريون في حياتهم الاجتماعية ، ربما هو ما أدي بتراكم أشكاله إلي الأوضاع التي تسببت في استشراء الفساد والأفكار البالية ، وانعدام الحرية ، ومن ثم في السخط العام الذي تملك المصريين .
يتجلي بالعرض انتهاج فلسفة "برخت" في الرغبة في الكشف والمعرفة والتغيير لا التماثل والتطهير الأرسطي .
يبدأ العرض بمشهد لمجموعة من السياح تتخاطف أعينها ومشاعرها فوضى الشارع المصري والممارسات العشوائية التي تحكمه ، ثم تتوالي المشاهد التي ترسم معاناة الشباب المصري ورغبته في الهجرة ورحلات الموت في البحر ، ظاهرة التحرش ، والفهلوة ، والادعائية عند معظم المصريين ، ومشاهد سياسية تكشف توغل الإمبريالية وتوحشها في مقابل الشخصية الهلامية التي حكمت مصر في العام الماضي ولم تكن تليق بهذه الدولة العريقة بتعدد هوياتها .
ربما لم يجد شباب هذا العرض النص المواكب للحدث الثوري الذي يحمل رؤية درامية مبدعة ، ذلك لأن الواقع يرسم تطوراته ويتشكل ويتغير كل يوم بأسرع مما تواكبه الكتابة التي تتطلب تكوين منظومة فكرية ، ولذا لجأ المخرج إلي هذه الكوميديا السوداء الارتجالية المشهدية التي تعبر عن اللحظة ويجمعها رؤية نقدية حول الديمقراطية والحرية والسعادة ، النص الذي تخلق في ورشة كتابة وإعداد لفريق العمل مجتمعا .
اتسم العرض بالصدق الفني والتعبير البسيط عن هموم الشباب في المجتمع المصري ، ولذا جاءت حركة الفريق متناغمة ، وحواراته كشفا للمعتاد والبديهي من ممارسات ، وإيقاظ الدهشة فيه بتعريته ومحاولة دفع المتفرج إلي إعادة التفكير مرة أخري في مظاهر الحياة من حولنا .
لقد حاول العرض أن يقوم علي منهج التقطيع ، و نظرية الديالكتيك البرختي التي تلتقط الصراع بين المتناقضات من قيم ، ويحسب له أنه يمثل أملا في شباب مبدع من خريجي كلية الفنون الجميلة بالقاهرة ، لا يعرف معني اليأس ويتجاوز الواقع المحبط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا