الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور لشَرْعَنة الانقلاب!

جواد البشيتي

2014 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
إنَّه السيسي، لا غيره، مَنْ يَحِقُّ له أنْ يُلقَّب، من الآن وصاعداً، بلقب "بطل العبور (السياسي)"؛ فهو سيَدْخُل التاريخ حتماً، ولقد دخله، بصفة كونه "المُنْقِذ (المُخلِّص)" الذي شَقَّ "بَحْر 25 يناير" بعصا العسكر الغليظة، عابِراً بمصر وشعبها من "الشرعية"، في الحُكْم، إلى "اللاشرعية، ومن "اللاشرعية" إلى "الشرعية"!
"عمله التاريخي" بدأ بانقلاب عسكري، مُزْدان بـ "ثورة شعبية عارمة جارفة (30 يونيو)" تتوسَّل إليه، فَفَعَلَها، ناقِلاً مصر من حُكْم رئيسها الشرعي إلى حُكْم العسكر اللاشرعي؛ ثمَّ شرع يعد العُدَّة لـ "دَسْتَرة" اغتصاب العسكر للحُكْم، فَخَلَق لمصر، من "العَدَم الثوري"، "دستورها الجديد"، واستكمل، من ثمَّ، "عمله التاريخي"، إذْ عَبَر بها من "اللاشرعية"، التي جسَّدها انقلابه العسكري، إلى "الشرعية الدستورية"!
إنَّني لم أتفاجأ بما تَفاجأ به كثيرون من ذوي النيِّات الحسنة إذْ صَدَّقوا قَوْل السيسي، في "إعلانه الدستوري" الذي أصْدَرَه بعد عَزْل واعتقال مرسي، إنَّ الانتخابات التشريعية (البرلمانية) ستُجْرى قَبْل (لا بَعْد) الانتخابات الرئاسية؛ فبعد بضعة أيَّام من انقلاب السيسي، كَتَبْتُ الآتي: مُذْ أعلن عمرو سليمان أنَّ مبارك تنحَّى عن الرئاسة، ناقِلاً سلطاته وصلاحياته إلى "المجلس العسكري الأعلى"، والمؤسَّسة العسكرية تعمل، وفي طرائق شتَّى، لإنهاء الثورة، وللدفاع عن بقائها "دولة في داخل دولة"؛ وأقول لكل من يستبد بعقله وَهْم "الشعب والجيش يد واحدة"، إنَّ قانون العمل السياسي للبيروقراطية العسكرية المصرية هو "خلع كل رئيس يتسبب بأزمة يمكن أن تعصف بدولة العسكر"؛ فالعسكر لا يمتثلون، ولا ينتصرون، لإرادة الشعب؛ وهُمْ بدلاً من أنْ يتغيَّروا بما يجعل إرادتهم من إرادة الشعب، هيَّأوا من الأسباب والأحوال والأوضاع ما حَمَل جزءاً كبيراً من "الشعب" على أنْ يريد ما يريدونه هُمْ؛ وهُمْ يريدون دائماً "رأساً مدنياً" تحرِّكه "الرَّقبة العسكرية"؛ وهذا ما يجعلهم ينتصرون دائماً لنظام الحكم الرئاسي، ولتقديم الانتخابات الرئاسية على الانتخابات البرلمانية؛ فالحكومة البرلمانية التي تتمتَّع بجُلِّ صلاحيات وسلطات السلطة التنفيذية هي خصمهم اللدود.
والآن، ليس لكم والله إلاَّ أنْ تتفاءلوا بالخير؛ فإنَّ مصر، بعد "دستورها الجديد"، قد أتاها الطلق؛ ولسوف تَلِد، عمَّا قريب، "الدولة المدنية"، التي أُولى علامات دُنُوِّ قيامها أنْ يَسْتَبْدِل السيسي الزِّيِّ المدني بزِيِّه العسكري، وأنْ يَنْزِل على إرادة الشعب، الذي عَبَر به إلى "صحراء التيه"، فَيَقْبَل، ولو "على مضض"، التَّرّشُّح للرئاسة، في انتخاباتها الوشيكة؛ وهذا الزَّاهِد في السلطة، التي أتته منقادةً، إليه تُجرِّر أذيالها، قد يستبدُّ به مستقبلاً الشعور بجسامة المسؤولية التاريخية، فيُعَدِّل "دستوره الجديد" بما يسمح له بالعبور إلى ولاية رئاسية ثالثة، فرابعة..؛ فهو لن يتخلَّى عن المسؤولية ما دام في صدره قَلْب ينبض!
السيسي، وعلى أهميته التاريخية المستمدَّة من كَوْنِه النُّسْخَة الهزلية من جمال عبد الناصر، يَعْرِف قدْرَه؛ فهو ليس خبيراً في كتابة الدساتير؛ لا بل ليس معنياً بهذا الأمر، فَتَرَك كتابتها لذوي الاختصاص؛ لكنَّه أَلْزَمهم مُراعاة ما يشبه "الآيات المحكمات"؛ فالدستور الجديد لن يكون "جيِّداً" إذا لم يُمَكِّن لـ "المؤسَّسة العسكرية" في الحياة السياسية للبلاد، ويجعلها تتمتَّع بـ "حصانة (دستورية)" تقيها، حاضراً ومستقبلاً، "شرور" إصلاحٍ يُحتِّمه عليها منطق تطوُّر "الدولة المدنية"؛ وإذا لم يُمهِّد للسيسي الطريق إلى رئاسة مصر، على أنْ يكون منصب الرئيس، الذي سيشغله السيسي، مركز السلطة التنفيذية في البلاد؛ وإذا لم يحظر جماعة "الإخوان المسلمين"، بدعوى أنَّها جماعة إرهابية، وتشتغل بالسياسة على أساس ديني؛ فـ "المؤسَّسة العسكرية" لا يمكنها أنْ تحكم، وأنْ تستمر في الحكم، ما بقيت مَصادِر قوَّة "الجماعة" في الحفظ والصَّون.
إنَّه، وعلى ما زعموا، دستور مصر، ودستور المصريين جميعاً؛ لكن كيف له أنْ يكون كذلك إذا ما نال تأييد 98.1 في المئة مِمَّن أدلوا بأصواتهم، وإذا ما كان هؤلاء يمثِّلون 38.6 في المئة مِمَّن يحقُّ لهم الاقتراع؟!
وكيف للمؤيِّدين أنْ يكونوا بنسبة 38 في المئة تقريباً (مِمَّن يحقُّ لهم الاقتراع) إذا ما كانت نسبة الذين أيَّدوا وعارضوا الدستور في عهد مرسي 32.9 في المئة (مِمَّن يحقُّ لهم الاقتراع)؟!
إنَّ "التزوير" هو خير تعليل وتفسير لهذا الفرق الهائل في النِّسَب والأرقام.
ولو صدَّقْنا زعمهم أنَّ نحو 19 مليون ناخب من أصل 53 مليون مواطِن يحقُّ له الاقتراع قد أيَّدوا دستور السيسي؛ أَفَلَيْس من الأهمية بمكان أنْ نتعرَّف "فئات المجتمع" التي إليها ينتسب هؤلاء المؤيِّدين من المصوِّتين؟!
إنَّنا يكفي أنْ نعرف الفئة التي إليها ينتسب "المؤيِّد" حتى نَقِف على دافعه (الحقيقي) إلى التصويت لمصلحة دستور السيسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مسكين أنت
عادل الليثى ( 2014 / 1 / 20 - 16:59 )
لم تتذوق يوماً طعماً لوطن ... فجئت لتكتب عن مصر وعن المصريين


2 - الطيور على اشكالها تقع
د/ سالم محمد , , دكتوراه فى تاريخ مصر ا ( 2014 / 1 / 20 - 18:11 )
نصحنا هذا البشيتى
ان يقرأ جيدا قبل ان يقدم على كتابة اى شئ عن مصر
و لكن يبدو ان الحماقة داء لا علاج منه
لهذا سندعه يغنى للاخوان
هؤلاء الذين تحالفوا مع الشيطان للوصول للسطة
هؤلاء الذين قالوا طظ فى مصر و اللى جابوا مصر
هؤلاء الذين باعوا سيناء لتوطين الشعب الفلسطينى متآمرين مع اسرائيل
هؤلاء الذين اخونوا الدولة و زرعوا ازلامهم و جلاوزتهم فى مفاصل الدولة
هؤلاء لا وطن لهم
لهذا يدافع عنهم هذا البشيتى
فعلا , , الطيور على اشكالها تقع


3 - تم منع نشر التعليق لمخالفته لقواعد النشر
KHALED ALMASRY ( 2014 / 1 / 20 - 20:42 )
الأخ ( خــــروف ) البشيتى ,,,,, عندنا فى مصر مثل بيقول اللى مايشوفش من الغربال يبقى أعمى ,,,,,, معلهش راح الأخوان و سقط المشروع الأمريكى بالمنطقة ,,, الصدمة كبيرة و الأمر جلل

عندما يتكلم ( جواد ) عن الأخوان فأنة يتحول الى ( خروف )

وقد تم منع نشر التعليق لمخالفته لقواعد النشر

خالد المصرى ( شبرا مصر ) مصر أم الدنيا ,,,,, رغم أنف رعاة الغنم و قوى الأستكبار العالمى


4 - الأستاذ جواد البشتي
ضرغام ( 2014 / 1 / 20 - 21:29 )
الأستاذ جواد البشتي
باين عليك بتفهم!!! أنا دلوقت بس عرفت أنت بتفهم منين...وكمان بليغ في اللغه العربيه، عارف الزبير بن العوام؟ كان أسمه كده لما كان صغير، طبعا أنت عارف الزبير دي تصغير شنو. راح أبعت لك الزبير الكبير أوي علشان يدخل في مخك شويه مفهوميه. وشكرا


5 - يا خيبتي فيك
حليم الاطرش ( 2014 / 1 / 20 - 23:44 )
من يقرأ مقالاتك في الفيزياء والكونيات لا يحسب انك لا تقدر خطورة الاخوان فخطورة الثقب الاسود أهون كثيراً من خطرهم بل ان خطر القاعدة أقل كثيراً في ابتلاع الربيع العربي الامل الوحيد في ايصال 350مليون انسان الى شواطئ الحضارة
مع التحية


6 - فزورة
عادل درويش ( 2014 / 1 / 21 - 10:28 )

مادى ملحد .!!. وبيدافع عن مشروع الخلافة الاخوانى

مشروع الجهل والتخلف والقذارة

طيب نحلها ازاى ... ؟


7 - تسلم الايادي
قلم رصاص ( 2014 / 1 / 26 - 13:02 )
تسلم الايادي والاكيد انها ليست ايادي هذا الكويتب بل ايادي المعلقين ..وللمعلومة نتحدى هذا الكوتيب على مدى اكقر من عامين ان يقول رأيه بملك السعوديه او الملك الاردني وفي كل مره يقبت لنا انه رخيص ومأجور وفاقد اي مصداقيه اخلاقيه .

اخر الافلام

.. مرشحو الدورة الثانية للانتخابات الفرنسية يحاولون جذب أصوات ا


.. هآرتس: الجيش الإسرائيلي يسيطر على أكثر من ربع قطاع غزة| #نيو




.. إسرائيل توافق على أكبر عملية مصادرة لأراضي الضفة الغربية منذ


.. الإصلاحي بزشكيان والمحافظ جليلي.. تعرف على مرشحي رئاسة إيران




.. الجيش الإسرائيلي يواصل حرق منازل بحي الشجاعية شرق مدينة غزة