الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى الثلاثين للانتفاضة الشعبية ليناير 1984

البديل الجذري

2014 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


عرف التاريخ الكفاحي للشعب المغربي عدة انتفاضات شعبية. وكانت تعكس حدة الصراع الطبقي في كل مرحلة من المراحل، وتجسد دائما أقصى درجات المواجهة والتحدي للنظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي، رغم التصدي لها بالحديد والنار وبأبشع الأساليب الإجرامية، من قتل واعتقال وتعذيب وتشريد...
وانتفاضة يناير 1984 تعد واحدة من تلك المحطات النضالية القوية التي أكدت من خلالها الجماهير الشعبية المضطهدة عن رفضها للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية حينذاك.
فبماذا تميزت تلك الظرفية؟
عرفت نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي دينامية نضالية متواصلة، تضاعفت مع الإضرابات البطولية لشغيلة الصحة والتعليم، وخاصة مع الانتفاضة الشعبية ليوم 20 يونيو 1981 بالدار البيضاء، وبرزت أكثر من خلال الإضرابات داخل الثانويات والجامعات والأنشطة الإشعاعية المكثفة بدور الشباب، بالإضافة الى الإضرابات العمالية والعديد من الاحتجاجات المتفرقة. كان ذلك رغم التواطؤ الطبقي للقوى الإصلاحية ومؤامراتها ورغم شراسة القمع...
لم تكن تلك الدينامية غريبة أمام الآثار المدمرة لسياسة التقويم الهيكلي التقشفية المملاة من طرف المؤسسات المالية للإمبريالية، وبالخصوص صندوق النقد الدولي. فالمديونية فاقت 15 مليار دولار وتفاقم العجز التجاري تجاوز 11 مليار دولار والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية تعثرت وتم تفويت العديد من المؤسسات العمومية وضرب الخدمات الاجتماعية (الصحة والسكن والتعليم والشغل...)، أما أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية فلم تعرف توقفا. وزد على ذلك أنه حينذاك، كانت نسبة أكثر من 45% من المغاربة تعيش حالة الفقر المدقع وأكثر من مليونين من المغاربة تقطن في السكن الصفيحي (البراريك القصديرية) وأكثر من مئة (100) ألف طالب جامعي معطل عن العمل...
وبماذا تميزت الانتفاضة؟
كأي انتفاضة سابقة عنها تعرضت أعداد هائلة من المحتجين الى القمع والتنكيل اللذين وصلا ذروتهما بشمال المغرب. وقد وصل العداء بالحسن الثاني المسؤول الأول عن الإجرام الذي طال الانتفاضة الى حد نعت أبناء الناظور والحسيمة وتطوان والقصر الكبير في خطابه الشهير ليناير 1984 ب"الأوباش العاطلين الذين يعيشون على التهريب والسرقة". وكان الخطاب في مجمله تعليمات صارمة الى مختلف الأجهزة القمعية لتشديد تعذيب المعتقلين وإغراقهم في السجون وإحكام الخناق عليهم.
وكأي انتفاضة سابقة عنها، تأكدت الحاجة الى الأداة الثورية المنظم والمؤطر للفعل الثوري للجماهير وفي مقدمتهم العمال، سواء كان انتفاضة أو إضرابا أو مسيرة أو أي شكل احتجاجي آخر.
لكن الميزة الأساسية هي شساعة رقعة الانتفاضة. فجل المدن والقرى المغربية (مراكش وأكادير وبني ملال ووادي زم وخريبكة والحسيمة والناظور وتطوان ووجدة وبركان والقصر الكبير والعرائش وفاس ومكناس وسلا والرباط والجديدة...) عرفت الاحتجاجات والمظاهرات، باستثناء مدينة الدار البيضاء التي حوصرت بترسانة قمعية غريبة لضمان مرور "القمة الإسلامية" التي انعقدت بها في ذلك الحين، في أجواء عادية. ونظرا لتوسع لهيب الانتفاضة كانت أعداد الشهداء والمعتقلين كبيرة جدا. وهو ما تمثل في المقابر الجماعية السرية وفي الزج بالمعتقلين من مختلف الأعمار، نساء ورجالا، في المخافر السرية والعلنية وفي الأحكام الثقيلة في العديد من المحاكم..
والميزة الثانية هي إرغام النظام على إعلان التراجع عن قرار الزيادة الذي كان جاهزا. وجاء ذلك في خطاب الحسن الثاني ليوم الأحد 22 يناير 1984: "والآن وقد تم الإحصاء بالأمس، وبمجرد ما اطلعت على أرقام الإحصاء، قررت أنه لن تكون هناك زيادة في الأثمان"؛ وفي فقرة أخرى من الخطاب: "الزيادة غير واردة". علما أنه لا الخطاب ولا هذا القرار قد أوقفا مسلسل الزيادات وأشكال الاضطهاد الأخرى..
وأمام استمرار نفس الأوضاع الآن، بل وتفاقمها، لا يمكن إلا انتظار الانتفاضة تلو الأخرى. فلم يعد أمام النظام من حلول لأزمته الهيكلية ولضمان استمراره غير تعميق جراحنا بواسطة النهب والقمع والقهر. وبالمقابل، لم يعد أمام شعبنا غير المواجهة والتصدي بكل ما يتطلبه ذلك من تضحيات.
إن مسؤوليتنا اليوم في تيار البديل الجذري المغربي ومسؤولية كافة المناضلين تتحدد بالدرجة الأولى في توفير شروط التصدي لإجرام النظام القائم وللحرب الطبقية الاستنزافية التي يشنها على شعبنا. فلن نقبل أن تهدر دماء أبناء شعبنا من انتفاضة الى أخرى، بل من يوم الى آخر. إن قوتنا في وحدتنا وفي رص صفوفنا وفي حضورنا الميداني المنظم في قلب كافة المعارك النضالية، ابتداء من الانتفاضة المستمرة ل20 فبراير. ومؤشر تقدم فعلنا النضالي لن يكون حب الوصاية على المناضلين وركوب تضحياتهم أو التراشق العبثي والمجاني بالشعارات والنعوتات والاتهامات مع الأشباح، إنه التجذر الفعلي الى جانب العمال والفلاحين الفقراء وكافة المضطهدين بهدف إنجاز ثورة شعبنا المؤجلة.
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ