الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هذه الحياة(3)اوهام رجل..

امال طعمه

2014 / 1 / 21
الادب والفن



عاد الى بيته مبكرا هذا اليوم على غير عادته، أحسَ بصداع قوي فغادر عمله متذرعاً بمرض مفاجئ، فعلق بأزمة سير خانقة في طريق عودته الى المنزل ..استدار يمينا واخذ طريقا بديلة ودخل في متاهات الشوارع الفرعية .وصل الى طريق ..آه كم سلك هذا الطريق من قبل مرات ومرات!! كان هذا منذ زمن، زمن بعيد، تأمل المبنى القديم في اخر الشارع الضيق ،لطالما تسائل بحيرة عن وجود مبنى حكومي مهم في شارع فرعي مثل هذا الشارع!!
كان يأمل بأن يراها من بعيد ولكن موعد انتهاء الدوام لم يحن بعد.. فلم يلمحها!
سمع زوامير السيارات من خلفه تستحثه على المسير !! فهو توقف فجأه في منتصف الشارع!
اتجه في طريق اخر فرعي مودعاً الشارع الضيق الذي كان يوماً قبلة عشقه!!
عاد الى البيت رغم ذلك مبكرا !وأتمَ كل اعمال اليوم الروتينية..
تناول الغداء..الشاي..القيلولة ..اللعب مع بناته الصغيرات.. لكنه كان يشعر بالصداع يؤلمه اكثر
اخذ حبة مهدئة اخرى..
قال في نفسه لعلها افكاري هي التي توجع رأسي؟
حنينه الى ماض ذهب ..واسئلة تحاصر حاضره..اين انا؟ احساس غربة مفاجئ انتابه وكأنه سافر الاف الاميال عن وطنه!!
فتح التلفاز ليتفرج على الاخبار لم يكن له مزاج لرؤية نفس الاحداث بتواريخ مختلفة ..كل يوم نفس الاخبار ..تفجير ..قصف ..ندوات ..مؤتمرات ..مظاهرات واعتصامات..لم يعد يهتم بما يحدث من حوله!!
قام من مقعده ..رأى زوجته امام جهاز الكمبيوتر..ترى ما الذي يشد اهتمامها هكذا فهي منذ ساعة واكثر لم تتحرك من امامه!!
شاهدتني زوجتي وانا احوم حولها سألتني بدلع : بتريد شي؟
قلت بحزم:لا
راودتني فكرة مجنونة بأن اقول لها ما اريد حقا!اريد اشياء كثيرة ولكن لا اظنك تريدين او تقدرين ان تفعليها!
نصحها عدة مرات بأن تكمل تعليمها..فلم تستجب ايمانا منها بأنها لو تعلمت فان ذلك لن يفيدها شيئا طالما مكانها هو البيت مع اطفالها!عندها قال لها بأن تعمل !ضحكت وقالت له بأن ما ستجنيه من وظيفتها-ان لقيت وظيفة- لن يكون مجديا ،ومن سيرعى الاطفال!!
ربما لديها وجهة نظر!
اقترح مؤخرا عليها ان تنضم لاحدى الجمعيات الخيرية بعد ان شكت له الزهق من قعدة البيت، فكانت ان ذهبت يومين ثم لم تعد تذهب ،سألها عن السبب، قالت: جماعة نساوين شلل وتحزبات لم اجد نفسي بينهن!هي لم تقل له انها شعرت بانهن يتعالين عليها !!
بعدها لم ينصحها بعمل شيء خارج نطاق المنزل..فقط نصحها بالقراءة ،
- لم لا تقرأين هنالك الكثير من الكتب الشيقة على الانترنت؟
فكان ان استجابت ولكنها قرأت فقط كتب الطبيخ والتدواي بالاعشاب وفك السحر، اي سحر؟؟هل تعتقد ان هناك شخصا قد سحرني؟؟
احيانا فليسامحني الله اشعر بانها متخلفة ليست من القرن الحادي والعشرين! او انها فقط متخلفة عني
وعما أريده!
اكذب ان قلت لا احب شكلها ولا يستهويني جسدها الجذاب لكن بعد ذلك لا يوجد شي اخر ..اه نسيت طعامها اللذيذ ..الذي يشبه طعام امي!!
حاولت ان افرض ما اريده عليها ..ليس ارائي طبعا!! انما ما اتوقعه منها! حاولت ان ان اغير في طباعها؟
في نظرتها للامور..بمعنى اخر ان اغيرها تماما؟؟ فشلت فشلا ذريعا، وبعدها سألت نفسي هل انا محق في نظرتي هذه ام لا؟؟ان كنت لا ارى فيها الزوجة التي اريد فلم تزوجتها اصلا؟؟تزوجتها حتى لا اغضب أمي.. هل اتجنى انا عليها! هل انا فقط اريدها ان تكون نسخة عن من احببت ذات يوم!!
حتى امي لاحظت عدم ارتياحي ,, راحت تسألني عن معاملة زوجتي لي عرفت قصدها وضحكت في سري قلت لها :الامر ليس كما تظنين يا امي ! تعجبت وقالت اذن ماذا؟؟
قالت ذات يوم لي انت بتتبطر على النعمة روح شوف غيرك يتمنى يكون عنده نص ما عندك! لم أدر يومها ماهو الذي عندي وليس عند غيري بالذات؟ هل الممتلكات؟ لا اظن ان لدي حقا ما قد اسميه ممتلكات ، اهي الوظيفة؟؟ هنالك من يعمل في وظائف افضل ،هل هي زوجتي الجميلة ؟؟ حسنا الجمال ليس كل شيء..بعضا من الجنون ما اريد ..بعضا من الاختلاف ..بعضا من التشارك..بعضا من الحب!
تطلع الى زوجته القابعة خلف الكمبيوتر وقبل ساعات كانت امام التلفاز تشاهد حلقة معادة من مسلسها التركي المفضل والغريب انها تشاهد حلقاته مرتين لماذا؟هل تتأمل الاحداث والمشاهد؟ام انها تتأمل الاشخاص؟ ام تشعر انها هكذا اصبحت جزءاً من هذا العالم التركي ! بعد ان انتهى المسلسل التركي الممل جاء دور البحث على غوغل!!البحث عن ماذا؟ عن وصفات جديدة للطبخ والحلويات او كما رآها مرة خلسة تبحث عن وصفات لتكبير الثدي؟حسنا ربما الان بما انها الان تريد ان تحبل وتنجب ولدا، فقد تبحث عن وصفات اخرى!!
زوجتي من النوع التقليدي تهتم ببيتها وصحة زوجها واولادها، محور الاهتمام لديها، الطعام، النظافة والاعتناء بنفسها من اجلي !ليست نكدة تحب الاشياء البسيطة يفرحها ان نجد نفسها قد اتمت واجباتها اليومية تجاه عائلتها..
لاتهمل ابدا بيتها وانا اشهد لذلك، لكن؟
حسنا ربما لو قرأ احد افكاري لقال حقا اني اتبطر على النعمة!
لكني اشعر بالنقص !
تزوجتُ بناء على اختيار امي ! ابنة خالتي ، فيها كل المواصفات جميلة ،ست بيت ،وصغيرة أربيها على كيفي حسبما قالت لي امي!
جميلة، صغيرة ،ست بيت ،وماذا يريد الرجل اكثر؟؟
انتهى دور البحث على غوغل وقد عرف انها كانت تبحث عن الطريقة الصينية لتحديد جنس الجنين ؟؟
راحت توضب ما قد بعثرنه صغيراتها من العاب وحاجيات على الارض.
وجاء دور المسلسل التركي من جديد ، لكن حلقة جديدة ليست اعادة !!
قبلها اعدت له القهوة مع قطعة حلوى،،وجلست تشاهد مسلسلها بجانبه .
شعرت بأنه يراقبها ..منذ ان كانت امام الكمبيوتر ،،فكرت لربما اراد شيئا سألته فلم يجب بما ارادت،، تحيرت منه كما تحيرت كل يوم،، تحس أنه يريد شيئا ما وهي لا تعرف ماهو؟؟ هي لاتدري ماذا يريد منها؟
تربت على ان الزوجة عليها القيام بأشياء محددة ولاشيء غير ذلك؟ فماذا يريد ؟هي تقوم بكل ما قيل لها ،ولكنه يطلب طلبات غريبة منها، ان تكمل تعليمها مثلا! و ما الذي سيتغير فيها ان اكملت تعليمها؟؟
كان الجو هادئا ،فبناته الصغيرات- على غير العادة- نمن مبكراً هذه الليلة!
نظر اليها بتأمل وكانه لأول مرة يراها ،فجأة شعر برغبة قوية تجاهها ،،فمال باتجاهها ..واشتم رائحة عطرها المثير، فبدأ يقبلها بشغف..احس بشعور جارف ورغبة عارمة بأن يلتهم كل جسدها..
هي شعرت باقترابه اكثر منها ،وضع يده على فخذها ، اقترب من خدها..
مالت اليه وحوطته بذراعيها..
وبدأ المسلسل التركي ..لكنها لم ترد مشاهدته الان .. الان تشعر بأنه يريدها كلها..
وهو يشعر بأنها كل ما يتوق اليه الان!وكل ما يريده حقا!
اطفأت التلفاز ..واطفأت الاضواء ..وانطفأت شعلة الافكار اخيرا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فعلا من هذه الحياة
فؤاده العراقيه ( 2014 / 1 / 25 - 15:10 )

اهنئكِ عزيزتي آمال على كتاباتكِ الرائعة متمنية الأستمرار قدما
هكذا صبت مجتمعاتنا المرأة بقالب ضيق محصور بالرجل ومتطلباته فقط , أي سخرت هذه
المجتمعات المرأة لراحة الرجل باعتباره متعب من العمل دون أن يأخذوا بحسبانهم بالجهود الكبيرة التي تقوم بها المرأة واستسلمت المرأة وتعودت بأن حياتها للرجل وحتى احيانا يكون اعتناءها بجسدها لأجله فقط وأن غاب تركت ذلك الجسد مهملا لحين مجيء الزوج
فأي تعليم ينفع بعد أن انتهت حياتها وتوقفت بالزواج وانجاب الأبناء , فتركت نفسها وعقلها وفكرها فلا تهمها هذه أمام إنها حصلت على رجل ينفق عليها وفي نفس الوقت من حقه أن يتسلط عليها ويذلّلها بهذا الأنفاق
لكِ حبي ومودتي


2 - شكرا لك عزيزتي فؤادة
امال طعمه ( 2014 / 1 / 26 - 10:20 )
شكرا لك على تفضلك بقراءة قصتي هذه والكلمات الرائعة التي سجلتها بتعليقك فعلا ان محور حياة المراة الشرقية هو الرجل
،ان الرجل لا يرضى ويهنأ بزوجته فان كانت متعلمة ومثقفة وواعية لا يعشقها او يحبها
وان كانت حلوة وست بيت وتحت امره لايحترمها ،لكن ايضا الرجل مقيد ضمن الاطر التي رسمها المجتمع للزواج فنراه يتزوج حسب رضا اهله ونظرة المجتمع التي تنحصر بالفكرة التقليدية للزواج من حيث تناسب العمر والشكل والتعليم والمكانة وليس للمشاعر فيها مكان سوى من ناحية ظاهرية
شكرا لك مجددا ،ودمت بأحسن حال مع احترامي وتقديري


3 - رائع حضورك عزيزتى أمال طعمه ككاتبه بالحوار
سامى لبيب ( 2014 / 1 / 26 - 13:37 )
رائع هو حضورك ككاتبة عزيزتى آمال
إكتشفت مقالك من تعليق العزيزة فؤادة فى الصفحة الرئيسية وإعذرينى فأنا مقصر فى التجول بموقع الحوار فلم أعرف أنك كاتبة إلا اليوم
صدقينى فرحت بمقالك لأجد ان لديك 8مقالات أخرى إلتهمتها قبل كتابة هذه المداخلة لأجد أننى أمام كاتبة واعدة تنضم للكاتبات المميزات فى الحوار والذى احرص ان أقرأ لهم كليندا والكسولة رويدة سالم والثوريات فؤادة العراقية وسناء بدرى ومنى حسين فهنيئا لنا وللحوار بقلم رائع متميز
مقالك حلو بلا مبالغة فهو كفنجان قهوة لذيذ أثار تأملاتى وذكرياتى وأفراحى وأحزانى ووجدت أن القلم الفنى أروع الأقلام فهو يصدر احساس وألوان وظلال تكون ابلغ وأعظم من تلك الكاتبات الفلسفية السخيفة ولكن ماذا يفعل المرء فهذه موهبة الكاتب فهنيئا لك بها
صدقينى هذه القصة البسيطة التى كتبتيها فيها جوانب رائعة بل مرايا ننظر فيها لأنفسنا بدون تشنج لنراجع مواقفنا ونمر على ذكرياتنا ومشاعرنا وأحلامنا المهدورة لنتوقف ونترفق بالآخرين قبل ان نترفق بأنفسنا ولكن هل يجدى إزالة برود السنين
انتى رائعة يا آمال ونتمنى المزيد والمزيد من الكتابات التأملية التى تغوص فى أعماقنا لتقدم بلسم لحياتنا


4 - استاذي سامي لبيب
امال طعمه ( 2014 / 1 / 27 - 09:44 )
عزيزي الاستاذ المفكر الكبير سامي لبيب
شكرا لتفضلكم بقراءة قصتي هذه
لا تتصور كم سعدت وانا اقرأ تعليقك؟ حتى انني لست اقدر على التعبير
كذلك سعدت ان القصة اثارت اهتمامك كرجل اولا وثم كمفكر فذ ، احسست بما اردت قوله، واثارت عندك التأملات
كما ان المرأة لديها همومها في مجتمعنا والتي قد تختلف جوهريا عن هموم الرجل لكن ايضا الرجل لديه همومه النابعة من تخلف مجتمعاتنا،واماله التي بعثرها الزمن ،وراحت وغيبت قراراته المحكومة اصلا بإفرازات مجتمعاتنا التقليدية احلامه
فإذا كان الرجل غير قادر على التغيير واتخاذ قرارات تعاكس اتجاهات المجتمع؟ فكيف الامر سيكون اسهل للمرأة في مجتمعنا؟

اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟