الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإلحاد في اليمن..اختيار يُحترم أم رِدة لا تُغتفر؟؟ - 1

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 1 / 22
مقابلات و حوارات


أن تكون مُلحداً في أي بلد إسلامي فهذا يُعد مخاطرة كبيرة و لكن أن تكون مُلحداً في اليمن فذلك يُعد عملية انتحارية..فالمُلحد اليمني يُغلف نفسه بأكثر من ألف قناع حتى لا تُكتشف هويته..و لعل وجود مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك منح الكثير من الملحدين حرية التعبير و الحديث و في حالات نادرة "المطالبة" بالحقوق التي يرون أنهم يستحقون الحصول عليها من مجتمعاتهم.

الغريب أن اليمن ما زالت تتعامل مع تعدد الهويات الفكرية أو الدينية بسياسة 100%مسلمين..أي أن سكان اليمن جميعهم يدينون بالإسلام!!..و هو الإسلام الموجود في بطاقة الهوية أو بالوراثة و لكن ليس بالاقتناع..فمركز بيو فورم للأبحاث الدينية و الحياتية نشر في عام 2012م دراسة عن توزيع المعتقدات الدينية في العالم..كان فيها أن اليمن الذي يبلغ عدد سكانه 24 مليون نسمة "وقت إجراء المسح الديني في 2010" يعتنق 0.1% من مواطنيه الفكر الإلحادي..أي بحسبة بسيطة نجد أن عدد الملحدين في اليمن في عام 2010م وقت إجراء المسح بلغ 24050مواطن..يحيون بلا حرية تعبير أو حتى كشف للهوية الفكرية فما بالكم بالهوية الشخصية!.
أثناء إعدادي لهذا التقرير واجهتني مشكلة واحدة فقط و هي إقناع أي مُلحد يمني بالحديث..فالجميع يخشى على عنقه الخاص و لا ألومه على ذلك..فـ "نحن لسنا في السويد" كما أخبرني أحدهم..و لكن هذه العبارة البسيطة تجسد معاناة الملحد..فهو في الغالب إما متخفي أو مُطارد أو منفي من وطنه..لهذا يختفي الأغلبية تحت أسماء مستعارة لحين يُحدث الله أمراً و يصبح خارج أسوار المعتقل أو الوطن ليرمي بأقنعته و يتحدث بم يُمليه عليه عقله و ضميره.
"راسبوتين" كان أحد الملحدين الذين تمكنت من إقناعهم بالحديث معي عن معاناتهم و عن أفكارهم و عن مطالبهم الإنسانية "كما يصفها"..و معه كان هذا الحوار...
-راسبوتين لعل من أخطر الأمور في حياتنا أن نكون مختلفين و أن نصرح أيضاً بهذا الاختلاف..ألا تجد في تصريحاتك "الإلحادية" في مجتمع مسلم متدين و لو ظاهرياً نوعاً من المجازفة بالكثير؟؟
-طبعاً هي مجازفة كبيرة و أكذب أن قلت العكس..فنحن نتخفى لأن المجتمع لا يسمح لك بأن تمارس حرية المعتقد أو الفكر.

-متى بدأت تعتنق الإلحاد كفكر؟؟..ماذا كانت النقطة المفصلية التي جعلتك تلقي بالأديان وراء ظهرك؟؟
-المجتمع الذي أعيش فيه مجتمع متدين و قد كنت متدين و متدين متشدد أيضاً و لكن أي تساؤلات لدي كنت أجد من هم حولي كمنظومة دينية يمارسون تجاهها سياسة "آمِن و لا تفكر..آمِن و لا تفهم"..و هو ما يخفي وراءه ديناً متناقضاً لا يسعني الإيمان به.

-أعطني مثال على هذا التناقض؟؟
-كمثال لماذا لم ينزل الرب دين واحد فقط بدلاً من أن يجعل الشعوب تتصارع فيما بينها لإثبات من هو الذي على حق؟؟.

-إذاً بماذا تؤمن حقاً؟؟
-الإلحاد لم يستطيع إنكار وجود الله ولا حتى الأديان تستطيع أن تثبت وجود الله..الإله قد يكون في الطبيعة في السماء في الكون..و لكني كمُلحد أتساءل:"إذا كان الله موجوداً لماذا لا يخسف بإسرائيل أو بالأصح إذا كان مهتماً بالبشر فلماذا لا ينظر إلى أطفال الصومال وهي تموت جوعاً!!".

-هل يعلم والديك بأمر إلحادك؟؟
-كلا فما زلت أحترم بيئتي.

-إذاً ماذا تفعل عندما يحين شهر رمضان و يصوم أو يتظاهر بالصوم أغلب من هم حولك؟؟
-أتناول طعامي بعيداً عن الأنظار احتراماً لمن هم حولي و لصيامهم.

-هل تثق بالملحدين الذين حولك؟؟..هل فكرت أن تلتقي بأحدهم بشكل شخصي أم أنك لا تحبذ المخاطرة؟؟
-أعرف أغلبهم بشكل شخصي و نلتقي كثيراً فهم أكثر من أصدقاء و أعتبرهم كالأخوة بالنسبة لي فما يجمعنا هو فكر واحد.

-أثناء متابعتي لكتابات الملحدين اليمنيين على وجه الخصوص وجدت أن الأغلبية للأسف تفهم الإلحاد بشكل خاطئ..فالملحد يُلغي الأديان و يلغي الرب..و أنت عندما تلغي شيئاً لا تعد مكترثاً لأمره و لا تفكر حتى بمهاجمته و لكن الملاحظ أن أغلب الملحدين في اليمن تجد أن خطابهم إما ساخر من الأديان أو بذيء عند الحديث عن الرب و عنها..ألا تجد إن قلة وعي الملحد في أصول فكرة الإلحاد لعلها تكون أحد أسباب رفض الآخرين لكم و لخطابكم؟؟
-هناك الكثيرون ممن لا يستطيعون أن يحاوروا أو يقنعوا الآخر وعندما يشعرون أنهم في موقف ضعيف أمام المتدين يبادرون إلى السب و الشتم و من هذا القبيل..و هو ما لا أمارسه أو أحبذه..و لعل السبب أيضاً في تلك اللهجة الهجومية أن أغلبية الملحدين اليمنيين يختلفون عن الملحد الغربي..فالملحد الغربي جاء إلحاده عن قراءات و إطلاع و قوة حجة بينما نحن لا تجدين أن الأمر على هذا النحو لدينا.

-لماذا برأيك بدأت ظاهرة الإلحاد في النمو و خاصة في اليمن؟؟..أو لنقل لماذا بدأت عبارة "الإلحاد قادم و بقوة" تتحقق و لو بشكل جزئي من حولنا؟؟
-أولاً لأن الكثيرون أصبحوا لا يؤمنون بشيء لا يجدون دليلاً مادياً عليه أو لا إثبات عليه..و ثانياً رجال الدين لدينا لهم تأثير و دور كبير في انتشار الإلحاد..لأنه إذا كان لديك من قبل قليل من الإيمان كمسلم فأنهم يسعون جاهدين لكي تنهيه..فتشددهم يلعب دوراً كبيراً في هذا الأمر و الانقسام الذي أسسوه في مجتمعنا مذهبياً و طائفياً يجعلني أؤمن أن الإلحاد هو ما سيجمعنا إنسانياً بعد أن فرقنا رجال الدين على ذات الصعيد.

-سؤالي الأخير ماذا تريد ممن هم حولك كأفراد و ماذا تريد من وطنك كمنظومة أن يقدما لك كملحد؟؟
-لا أريد شيئاً ممن حولي..فالوطن للجميع و الدين لله..لماذا لا نحيا كأخوة؟؟..لا يقتلني المسلم و لا أتهجم على دينه..أنا لا أريد من المجتمع أن يلحد أو أن يصدقني كلا..فحتى من يقرر أن يعبد حجراً لن أتدخل في قناعاته تلك..ما نريده كملحدين هو قانون لا ينتمي لأي دين أو طائفة أو جماعة..قانون يكفل حقوق الجميع..و يكفل أيضاً الحرية الفكرية و العقائدية للجميع.

-كلمة أخيرة؟؟
-أنا إنسان قبل أن أكون يمني و أريد أن أعيش ضمن قناعاتي بشكل علني و أن تُحترم تلك القناعات فقط لا غير.

هنا انتهى حواري مع "راسبوتين" و في اللقاء القادم سأتحاور مع ملحد فضَّل الإقامة خارج أسوار اليمن بعكس حال "راسبوتين" الموجود بداخلها..ملحد "قال" لي أن محمد عبد المجيد الزنداني و والده "تقدَّس سرِه" كانا قد أصدرا فتوى بإهدار دمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت