الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموسيقار شوبرت وتحليل السمفونية الثامنة الناقصة

مازن المنصور

2005 / 6 / 21
الادب والفن



الموسيقار شوبرت وهو من فطاحل العصر الرومانتيكي أيضا ا سوة با الفنان بيتهوفن الذي سبق ان تحدثت عنه في مقال سابق . وهو عبقرية
ملموسة ظهرت مواهبه في سن السادسة عشرة عندما وضع أولى سمفونياته ، التي بلغت صفحاتها الخمسة والثلاثين . وقد تجلت مواهبه بصورة خاصة في تلحين الأغاني الأ لمانية ، فكان طابعه يمتاز بوضع خاص تتوافر فيه التعبيرات الصوتية . كما كانت الأغاني متوافقة مع مقاطع الشعر ومعانيه. كان شوبرت مخلصا من كل جوارحه إ لى فن بيتهوفن الرمانتيكي العميق . وفي إحدى المناسبات عرضت بعض أ لحان شوبرت على بيتهوفن الذي قال جملته المأثورة ( إن صاحب هذه الألحان شخصية روحية تستضئ بقبس من النور الآ لهي ) وعندما توفي بيتهوفن كان شوبرت ضمن حملة المشاعل في جنازته ، بل كان اسم بيتهوفن آ خر كلمة نطق بها شوبرت أثناء احتضاره في النفس الأخير من انفاسه ، كما وأوصى أن تدفن جثته بجانب بيتهوفن وبالفعل نفذت الوصية ، ومات شوبرت في سن مبكره لايتجاوز الثانية والثلاثين . ولاكنه خلف وراءه تراثا فنيا من الأ لحان ، ستظل خالدة على مدى الدهر .
ومن مؤلفات شوبرت : تسع سمفونيات ، وعدد وافر من الصوناتة ، والالحان التي بلغ عددها حوالي 1634 أغنية . ومن أ شهر الحانه السرنادةالمعروفة بأسمه ، والأنشودة الكنسية تحت عنوان (Ave Maria )، أي انشدك ( الرحمة يامريم ) وقصائد عديدة منها رحلة الشتاء ، وعلى شاطئ ، والمسافر وغيرها .
ومن قصائد شوبرت الملحنة اغنية ( ملك الغاب) ، ومن اشعار ( جوته ) . تصف لنا رجلا يحمل طفله الصغير أ مامه على فرسه ، ويخرج به في ليلة شتاء قارسة البرد ، كثيرة الأمطار . وقد يخيل للطفل من آونه لأخرى أن ملك الغاب ينظر إ ليه من بين الأشجار، يستدعيه إ ليه ليضمه إ لى صدره الحنون . ويحاول الأب أ ن يصرف ذهن الطفل عن هذه التخيلات والأوهام ، مؤكدا له أ ن مايسمعه ليس صوت ملك الغاب ولاكنه صفير الرياح وأزيز العواصف . وعبثا تنجح محاولات الرجل لأن صوت الملك مازال يطن في أ ذن الطفل . وعندما يعود الرجل الى داره يجد طفله قد فارق الحياة بين يديه .

من ناحية التحليل الموسيقي للقصيدة ، فقد جاهد شوبرت في أغنية ملك الغاب أ ن يصور مشاعر الرجل الحزين على طفله ، فتبدأ المقطوعة بأكورات رهيبة عميقة ، يعزفها عازف البيانو لتصف لنا ظلام الليل القاتم . ثم ننتقل من اللحن المهيب الى ( نوطات ) زخرفية مهرولة كأنها حوافر جواد تنهب الارض نهبا . وسرعان ماتتزايد النغمات في شكل تصاعدي ( كريشندو ) تمثل فزع الطفل المتزايد عندما يصل إ لى أ ذنه صوت الملك المسحور ، وكأنه حفيف الشجر او صفير الرياح وتختم الأغنية بأعادة الحان الحزن والأسى على نهاية الطفل المفجعة .

السمفونية الثامنة ( الناقصة ) : لحنت هذه السمفونية من مقام ( سي ماينر ) . هي أ لحان رومانتيكية بحته، نلمس فيها معاني الأفراح ، إ نها موسيقى روحية تفيض بالنغمات العذبة الحلوة الرنانة .وتتألف السمفونية من الحركتين الأولى والثانية ، ومطلع الحركة الثالثة المشيد في قالب (الاسكرسو) المفرح .

وضع شوبرت هذه الموسوعة الفنية قبل وفاته بخمس سنوات . وقد لحنت بمناسبة ترشيح شوبرت عضوا في الجمعية الموسيقية لمدينة (جراتز ) في النمسا . فلما فاز في العضوية أ راد أ ن يعبر عن مشاعره تجاه مدير الجمعية ، فوعده بتلحين سيمفونية وإ هداءها له بمثابة شكر وإمتنان . وبالفعل عكف شوبرت على إ نجاز هذا العمل فأنهى منه الحركة الأولى السريعة ، والحركة الثانية البطيئة ، ومطلع الحركة الثالثة الخفيفة . ولكن انشغاله في نواح أخرى جعله ينسى البر بوعده ، وإرسال السيمفونية كاملة الى مدير الجمعية . ولما مات شوبرت عثر (أنسلم هوتنبرنر ) تلميذ بيتهوفن وصديق شوبرت على المخطوطات ، فعمل منها وضعا خاصا لآلة البيانو ومكثت النوطة في حيازة ( هوتنبرنر) مدة 42 سنة بعد انتقال شوبرت إ لى العالم الآخر ، حتى عزفت للمرة الأولى في ( فيينا) في اليوم السابع عشر من كانون الأول 1869 .

تحليل السيمفونية : الحركة الأولى :تتميز بطابع معتدل السرعة مشيد على فكرتين موسيقيتين أساسيتين ، تبدأ الحركة بجملة لحنية من آلة الفيولونسل في صورة خافتة عميقة ، وكأننا نواجه مكانا رهيبا أ و غابة موحشة . وسرعان ماتتبدل النغمات الرهيبة بأخرى حزينة ، تعزفها آلات الفلوت والكلارينيت في تجاوب رائع . وقد تلعب الكمان دورا هاما في تحلية المجموعة بنوطات إيقاعية زاهية ، يتلوها تسابق بديع بين مجموعة العازفين ، فالفلوت تستقبل نغما متهاديا كنفحة النسيم ثم تلاحقه آ لة الكورنو ، تود أ ن تتغلب بأصواتها الخشنة على عواطف الفلوت والكلارينيت . وتأبى الآلات النحاسية والخشبية إلا أ ن تتحد سويا ’ وتسيطر على الموقف با يقاعاتها القاسية التي تمثل الرهبة والانتظار . وتستمر في هذا الصراع الموسيقي حتى تعلن آ لات الكمان دخولها في نغمات مفرحة خفيفة تتبعها الآلات الخشبية بألحان هادئة رزينة تصور الإ نتقال من الظلام إ لى النور . وتختم الحركة الأولى بالعودة الى اللحن الرهيب التي بدأت منه .

الحركة الثانية : نغمات متهادية في معناها ، عميقة في مبناها ، تمثل معاني الرفعة والسمو . فالمفردات الموسيقية العذبة تبعث بنا الى عالم روحي يسيطر عليه عظمة الفن وقوة الإبداع . وقد نلمس في هذه الحركة الرومانتيكية أ لحنا تصور تبدد السحب وتفرقها ، ثم تظهر الشمس بأشعتها الذهبية فتظئ الكون بنور الحياة .


الفنان
مازن المنصور
Oslo . Norway
http://www.rezgar.com/m.asp?i=

[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟