الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة .. دجاجة تعاشر الديوك

عباس ساجت الغزي

2014 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


السياسة .. دجاجة تعاشر الديوك
كثيراً ما مرت على مسامعنا كلمة السياسة في حياتنا اليومية , بل كان البعض يعشقها حين كنا صغاراً فقد كانت المنقذ لنا من العقوبة والتوبيخ , فكلما كان الاب يغضب ويحاول ان يعامل احد الابناء بقسوة , تصيح به الام : على مهلك يا رجل سايسه ( أي عَيَّرَه وعامله بسياسة .. وجمعها ( سياسي)) , وحين اشتد ساعدي لقسوة ابي الذي لم يكن يعطي السياسة اهميتها ( خد وعين ) وجدت في المعاجم السياسية ان السياسة توصف بانها امرأة عاهرة , وما رَّسخ ذاك المفهوم بذاكرتي الحوار الذي دار بين الراقصة والسياسي في احد الافلام المصرية الجميلة ( الراقصة والسياسي ) .
حيث كانت الراقصة تتبجح بانها تسرق الانظار حين تظهر على الشاشات وتسلب العقول والقلوب من المشاهدين بتمايلها كغصن البان وجمال مفاتنها , في حين يُغير الناس القناة ان ظهر فيها سياسي يتحدث , فاخبرها السياسي بان "بضاعتها رخيصة فالكل يشتري وان بضاعته غالية الثمن فلا تروق لبعض الرخص من القوم" , لكنها كانت واثقة بان بضاعتها ليست مغشوشة في حين ان بضاعته كانت مجرد كلام ووعود التسويف والدليل انه عاشرها في يوم ما وانكر ان له معرفة بها .
وكان لزاما عليَّ ان اتابع تطورات كلمتي الجميل التي انقذتني في الصغر وانعشتني في فترة المراهقة لجذبها الراقصات الفاتنات , انتظرت مع الحشود نمسك بأيدينا سعفات أُمنا النخلة نلوح بها فرحاً بالتغيير القادم بعد سنين الظلم والحرمان والضحك على الذقون , صاح احدهم من على التل بلكنة فقدت بعض من اللهجة العراقية ( وصل المدد ..وصل المدد ) وما ان وصل الركب ! انقسم الناس على انفسهم وصار المشهد كالسوق الذي تباع فيه الجواري ( كلٌّ يغني على ليلاه ) .
كنت اجتهد بالبحث عن حكمة والدي وعطف كلمات امي العراقية ومبادئ السياسي ( الفنان صلاح قابيل) ورضيت بان اجعل القناة على رقص ( الفنانة نبيلة عبيد ) شرط ان تكون المقطوعة الراقصة لكوكبة الشرق ( ام كلثوم ) , لكن المدد كان عبارة عن غواني عاهرات اتعبهن التسكع بشوارع الغرب الليلية وحق لي ان اشبههم بـ ( الايمو ) لظاهر اسلوبهم في التعامل مع الوضع الراهن .
قررت ان لا اعود بخفيّ حنين ويشمت بي الشامت فلابد من ان اختار قناة تُغير حياتي .. لكن نفسي لم تطاوعني ! فالبضاعة كلها لا ترتقي لجذوري التاريخية واصالتي العراقية , وبعد التفكير رفعت راسي لأجد ان الجميع انصرف الى بيوتهم , لكني وجدت دجاجة تحوم في المكان اعتقدت بانها قسمتي من غنائم التغيير فقررت ان اعود بها الى الديار , وقبل شروق شمس اليوم الاول وجدت ان ديوك الوطن بل كل الجيران وتعدى الامر ليشمل الديوك الرومية تحوم حول دجاجتي ! وكان قراري الاخير بان اذبحها حفاظاً على سمعتي .
عباس ساجت الغزي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف