الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا نقرأ ... ( 6 ) .. جنيف (2) ... العجي الما يعيش ، يبين من خغانو

حكيم العبادي

2014 / 1 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


لا أريد الخوض في المواقف السياسية للفرق المتحاورة في جنيف (2) ... ولا لطبيعة الأزمة السورية وتداعياتها ... ولا لشروط الحل الذي يمكن أن ينقذ الشعب السوري ... ولا لرأيي في هذه القضية ... لكنني أقول لكم وبإختصار شديد : هذا المؤتمر سيفشل فشلا ً ذريعا ً ... أما سبب الفشل فهو ، ببساطة ، واضح ٌ على خراء العَجي !!! .

العجي الما يعيش ، يبين من خغانو :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك مثل لطيف سمعته في الموصل حين كنت طالبا ً أدرس الطب فيها في السبعينات ... يقول المثل : (العجي الما يعيش ، يبين من خغانو ) ... ولمن لا يعرف لهجة أهالي الموصل أوضح بعض مفردات المثل ، وهي كما يلي :
العجي معناها الطفل ... وهو إستخدام موسع لكلمة عربية فصحى ، معناها ، اليتيم الذي ترضعه نساء أخريات بعد وفاة أمه ... لكنهم في الموصل إستخدموها لأي طفل ... وسوف أحدثكم عن مصدرها في مقال قادم ...و كلمة خغانو ، معناها : خرانو ... أي خراءه ... والخرء في اللغة هو : البراز ... وقد تحولت الراء غينا ً كما في اللهجة الموصلية الخفيفة اللطيفة ... ومعنى المثل كاملا ً : ( الطفل الذي سوف يموت ، يبين من خراءه ) ... أي أن طبيعة البراز ، وكميته ، ولونه ، ورائحته ، وإختلاطه بأشياء أخرى كالدم وغيره ، والعلامات المرضية التي تظهر عليه ، تعتبر دليلا ً أكيدا ً على شدة مرض الطفل ... ومنها يستطيع الطبيب الحاذق ، أو الأم المجربة ، أو الجدة ، أن تعرف مدى خطورة مرض إبنها ... وتستطيع كذلك التنبؤ بنتيجة هذا المرض .
من الواضح أن العجي في مثالنا هذا هو المؤتمر ... والخراء هو حديث وزيري الخارجية الامريكي جون كيري ، والسعودي سعود الفيصل في الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر !!! .
فالأطراف الخارجية التي تحضر مؤتمرا ً كهذا ، يجب أن تكون محايدة وتحاول التقريب بين وجهات نظر الأطراف المتصارعة إذا أرادت ضمان نجاح المؤتمر .
الذي رأيناه هو إملاء للشروط الأمريكية على لسان كيري مرة ، وعلى لسان الفيصل مرة أخرى !!! .. ولا أعتقد أن هناك عاقل واحد في العالم يتوقع النجاح لمؤتمر كهذا .
هذه الإملاء دفع بوزير الخارجية السوري إلى الرد وبشكل حازم على الوزير الأمريكي ... ومنذ هذه اللحظة ، سينقسم المؤتمر إلى جبهتين تتقاتلان بالكلمات ... سوريا وأتباعها بما فيهم إيران... والسعودية وأتباعها!!! .

كيف نقرأ هذا الموقف :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. هذا المؤتمر بلا قيمة عملية إطلاقا ً ... وغايته الوحيدة هو تبييض الوجه الأمريكي القبيح أمام العالم ، والقول بأنها سعت لحل المشكلة بوسائل دبلوماسية ... ولربما حصل هذا إستجابة لمواقف الروس .
2. هذا بالضبط ما حصل مع صدام حسين ، حين حاصروه بزاوية ضيقة ، بإملائاتهم غير المنطقية ، والتي لا يمكن لأي أحد القبول بها ليبرروا مهاجمته لاحقا ً... وكانت تلك هي الخطوة الأولى للإتفاق السعودي الأمريكي لغزو الشرق الأوسط .
3. لقد توضحت أسس الشراكة الأمريكية السعودية لتدمير المنطقة ... حرب طائفية في المنطقة تأتي على أخضر العرب ويابسهم ، تستفيد منها أميركا بتفريغ المنطقة من سكانها ، والسيطرة على منابع النفط ... وتستفيد إسرائيل بتحقيق الأمان والإستقرار الذي لم تشعر به منذ الأربعينات ، وتتجه عن التفوق الإقتصادي دونما إهتمام بالمجهود الحربي ، لتصبح يابانا ً أخرى في المنطقة ... لكن من دون زلازل ، ولا تسونامي !!! ... وتأمن السعودية على نظامها الحالي بدعم وحماية السلفيين مستقبلا ً كما تعتقد ... وتتخلص من شبابها اليائس ، و المتخلف ، والقادم من كهوف التأريخ حاليا ً.
نسيت ان أقول لكم أن المثل يتحدث عن العجي ... وهذا يعني إنه بلا منطق ، ولا عقل ، ولا خبرة من دروس التاريخ ... وهذا هو حال سعود الفيصل ونظامه الصحراوي ... فالنظام السعودي لن ينجو مما يجري ولو حلق إلى السماء السابعة ... فمليشيات السلفية لن تترك موارد النفط ومئات المليارات بجيوب هؤلاء ... لكنها لا تريد أن تفتح جميع الجبهات مرة واحدة ... هو إتفاق لصوص إذن ، و سيستمر حتى لحظة إقتسام الغنيمة ... وعند إقتسام الغنيمة ستسمع ( حس العياط ) ، كما يقول المثل العراقي .

إستنتاجات سياسية ، رغم كرهي للسياسة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. المؤتمر سيفشل ، ولا حاجة للذكاء لإدراك هذا ... ما هي إلا بضعة أيام ٍ من الصبر فقط .
2. رغم كرهي للأنظمة الدكتاتورية وظلمها الفظيع ، وخصوصاً العسكرية منها ...و الأنظمة الدينية وتخلفها وإستغفالها لعقول البسطاء ، والضحك على ذقونهم ... و الأنظمة المؤدلجة بجميع طيوفها ... لكنما المنطقة على شفا أبواب جهنم ... والحكمة ليست في التمييز بين المتناقضات ، كالجميل والقبيح .. أو النظيف والقذر ... أو بين السريع والبطيء ... الحكمة هي في تمييز تباين المتشابهات ، كالتمييز بين السيء والأسوء ... والقذر والأٌقذر ... والدموي والأكثر دموية !!!... خصوصا ً أنه لا يمكن لدولنا العبور نحو ديمقراطية ، ليبرالية ، حقيقية ، دون دم ٍ وخسائر ٍ وتضحيات .
أحمق من يعتقد خلاف ذلك .
3. الحل الوحيد هي في وعي الشعب ... وتضامنه ... ورفضه تسليم وطنه للمذابح... وللطائفية ... وتشكيله جبهة واعية تتحالف فيها كل القوى لإستلام الحكم دون المرور بمرحلة المتأسلمين ، ودون الإقتراب من النسختين العراقية أو الليبية ... ولكم في التجربة المصرية بديل لا بأس به حاليا ً... شرط أن لا تستلمها المليشيات الدينية في البداية .
4. على الروس أن يستميتوا في الدفاع عن مصالحهم ... فهذه المنطقة هي من آخر أسواقهم في العالم ... وآخر كرامتهم أيضا ً ... خصوصا ً وأنهم شركاء في المصيبة ... وهم هدف ثاني للإرهاب السلفي ... وعلى روسيا أن تستفيد من تجربتها الغبية في العراق ... فلو كانت وقفتها جادة كما يحصل الآن لما حوصر العراق ... ولما أستبيح أيضا ً ... ولما دُمِّر ... وهذا الكلام يعني الصينيين أيضا ً .
5. للمقال صلة بمفهومين قادمين خلال أيام ، لكن ليس لهما علاقة بالسياسة .

الدكتور حكيم العبادي
https://www.facebook.com/hakim.alabadi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين