الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة لكل الشعوب

عديد نصار

2014 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يدفع الشعب السوري فاتورة الدم والتهجير والدمار عن جميع الشعوب المضطهدة، ولكنه يصر على تقديم المزيد من التضحيات من أجل إنجاز مهام ثورته التي تصب في خدمة تطلعات كل الشعوب في النهوض والتحرر والتقدم.
لقد أريد للثورة السورية أن تكون عبرة في تأديب سائر الشعوب وتلقينها درسا قاسيا في طلب الحرية، وإفهامها أن الثورات لن تحصد غير الخراب والتهجير والقتل والخيبات. فما على الشعوب إلا الرضوخ لإرادات الحكام المتسلطين، وتقديم فروض الطاعة العمياء، والتصفيق الحار لهم، مهما ساءت أفعالهم ومهما مارسوا من موبقات بحق المجتمعات والأوطان.
ولكن إصرار الشعب السوري على استكمال ثورته وتجذيرها بوجه نظام شديد الدموية، مارس كل أشكال الإجرام بحقه من مجازر متنقلة إلى محاصرة الأحياء والمدن ودكها بمختلف الأسلحة، إلى تفجير البيوت، إلى تهجير السكان وتشريدهم في الداخل والخارج دون أي معين أو سند، إلى قصفهم بالطائرات والصواريخ بعيدة المدى، إلى ضربهم بالأسلحة الكيماوية .. وصولا إلى قتلهم جوعا بمنع الطعام والدواء عنهم. لا يميز بين أطفال أو نساء أو شيوخ أو مقاتلين، هذا الإصرار سيكون درسا في التضحية والتفاني في طلب الحرية والمثابرة على إنجاز كافة أهداف الثورة مهما طالت وكلفت، لتستعيد الشعوب الثقة بطاقاتها وقدرتها على التغيير.
لقد زج النظام السوري كل طاقات البلاد وإمكانياتها التي دفع الشعب السوري من عرقه ودمه، وسكوته على الاستبداد لعقود، ثمنا لها من أجل مواجهة الكيان الصهيوني المحتل، ولتحرير الأرض المغتصبة، زجها النظام المجرم، ومعها كل الدعم الذي يتلقاه من حلفائه، لسحق الثورة وحاضنتها الاجتماعية، والإجهاز على إرادة الشعب السوري في التحرر والتغير.
فقد أكد هذا النظام منذ اللحظة الأولى، ومن خلال التغاضي عن التنكيل بأطفال درعا، وعن قتلهم تحت التعذيب، ثم عن إهانة وإذلال ذويهم على أيدي نفس المجرمين، وعدم محاسبته لهم، وإنما المبادرة الى القتل المباشر للمحتجين على تلك الجريمة المزدوجة، أكد أنه ليس إلا عدوا للشعب، غاصبا لحقوقه ومنتهكا لكرامته.
لقد جسد النظام المافيوي الدموي في سوريا شعاره الأول في مواجهة ثورة الشعب السوري: "الأسد أو نحرق البلد!" بطريقة ممنهجة طالت الأحياء والمدن والنواحي جميعها، بكل صدق، مستغلا الدعم اللامحدود من أنظمة إقليمية ودولية، وتغاضي باقي أنظمة العالم وتواطئها، كونها جميعا ترى في ثورة الشعب السوري، إن نجحت، تهديدا مباشرا لها لأنها تعرف سلوكها العدواني تجاه شعوبها التي سيأتي دورها في الثورة عاجلا أم آجلا.
فلم تتوان الأنظمة الداعمة لعصابة الأسد عن توظيف كل جهد عسكري أو مالي أو إعلامي للتغطية على جرائمه، كما لم تتوان أنظمة الرجعيات العربية وأسيادها في الغرب عن تفخيخ الثورة السورية بقوى ظلامية مرتبطة بأجهزة استخباراتها تمارس كل أشكال التشويه للثورة والتنكيل بقواها الحية في محاولة لإسقاط الجوهر التقدمي لهذه الثورة وحرفها نحو الاقتتال المذهبي والطائفي والعرقي المدمر والذي لا ينتهي.
ولكن الشعب السوري لا يزال يؤكد، في كل مرحلة من مراحل ثورته، وفي مواجهته لعصابات النظام من جهة، وللعصابات الظلامية التي اندست في خندق الثورة من جهة ثانية في الآن نفسه، توجهه التقدمي في التغيير الجذري واستعداده الكامل والنهائي لإسقاط الاستبداد، كل استبداد، حتى لو تلفع عباءة الأنبياء والصديقين، ومهما أظهر من وحشية وعناد.
وعليه، فإن واجب كل الشعوب العربية، التي اندفعت الى الميادين طلبا للحرية، وكذلك كل الشعوب المضطهدة في العالم، ليس أن تتضامن مع الشعب السوري في معاناته وأن تذرف الدموع لما أصابه فقط، وليس في المساهمة المادية من أجل تخفيف المعاناة عن المشردين والضحايا فحسب، بل أن تنتفض لاحتضان ثورته ومدّها بكل أشكال الدعم اللازم، سياسيا ومعنويا وإعلاميا وماديا، حتى بلوغه النصر النهائي وتحقيق أهداف ثورته جميعها بعد أن يقتص من عصابات القتلة سواء كانت في السلطة أو من تواطأ جهرا أو مواربة معها على إجهاض هذه الثورة التي هي ثورة لكل الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للكاتب المقصر
امل كمال ( 2014 / 1 / 24 - 04:19 )
تحيتي للكاتب على عواطفه النبيلة تجاه الشعب السوري
ولا يجوز نقده لأنه لم يقل كلمة عما بعد التخلص من عصابة الأسد
لكن لا يجوز السكوت عن نقده للساكتين وهو نفسه يسكت عن زلم الأسد في لبنان وأولهم حزب الله وما يسمى بالحزب الشيوعي فهو لم يقل كلمة عن جرائم حزب الله وعن عهن وعفن الحزب الشيوعي
الأمانة كانت تستوجب منه القول
ثم الدوغمائية جعلته يزعم أن للغرب دوراً في تعاظم القوى الظلامية في سوريا
سفالة الولايات المتحدة حولت انتفاضة ودماء الشعب السوري إلى حماية إسرائيل فصادرت سلاح الأسد الكيماوي والسلاح الذري الإيراني وستحول مؤتمر جنيف إلى مقاومة القاعدة والتطرف وسيكون كل ما خرج به الشعب السوري هو حماية إسرائيل
طبعاً ما كانت أميركا لتحقق كل ذلك إلا بمساعدة المافيا الحاكمة في روسيا

اخر الافلام

.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة


.. الشرطة الفرنسية تحاصر مؤيدين لفلسطين في جامعة السوربون




.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت