الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإلحاد في اليمن..اختيار يُحترم أم رِدة لا تُغتفر؟؟ - 3

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 1 / 24
مقابلات و حوارات


استكمالاً و إنهاءاً لموضوع الإلحاد في اليمن أحاور اليوم ملحدة و ليس ملحد..رويدا الطيار يمنية مُقيمة في اليمن و لكنها بخلاف سامي فهي تشابه راسبوتين في حالة التستر خلف قناع الاسم المستعار و لا ألومها على ذلك..فهي تجد أن كونها أنثى و أيضاً ملحدة سيجلب عليها من الهجوم و المشاكل و ربما العقاب ما يتعدى مرحلة شد الأذن..ففي مجتمع ما زال يتعامل مع الأنثى على أنها ضلع أعوج و "عورة" لن يكون هناك أي احترام لخيارها "الشخصي"..فهي "قاصرة" فكرياً حتى إشعار آخر لا يأتي.

و مع رويدا كان هذا الحوار...

-رويدا السيطرة الذكورية شملت كل شيء حتى في مجال الإلحاد ففي العادة نقابل ملحدين و لكن أن نقابل ملحدة ما زال يعتبر هذا الأمر غريباً بعض الشيء..فهل تعتبرين إن المجتمعات ربطت الإلحاد بالرجل لا إرادياً لأنها تؤمن أن المرأة كائن لا فكري أو ناقص عقلياً؟
-لا فرق بين الرجل والمرأة و كلمة ناقصة عقلياً أرفضها تماماً و هي مستمدة من الموروث الديني..فالمرأة كانت رفيقة الرجل في الثورة الفرنسية و كان للمرأة صالونات أدبية اسمها صالونات الملحدين فلا يوجد غرابة في الأمر خصوصاً بعد أن أصبح العالم قرية كونية فوسائل التواصل الاجتماعي فتحت الآفاق للجميع للتعرف على ما يدور في العالم و الإلحاد -بفضل ذلك- منتشر اليوم في كل مكان.

-إذاً ما الذي في رأيك ساعد الإلحاد على الانتشار و بقوة مؤخراً؟
-ركاكة و ضعف الخطاب الديني الذي خدَّر الناس طويلاً أثار تساؤلات عدة لدى الناس فبدأ الكثيرون في البحث و التقصي و مع وجود العلوم الحديثة و الاكتشافات التي أثبتت أن الكتب التي يسمونها مقدسة ما هي سوى كتابات "وقتية" كتبها أشخاص على فترات مختلفة و مع وجود الإنترنت سهل كثيراً الوصول إلى المعلومة و انتشارها من مصادرها دون تزييف بالإضافة إلى محاولات بعض الدول منع كل من يحاولون الجهر بإلحادهم من الحديث كل تلك العوامل مجتمعة دفعت الناس لطلب الحقيقة حول الفكر الذي يحمله الملحدون.

-إذاً هل تجدين أن الإلحاد كفكر يحقق لك السلام الذاتي الذي ننشده جميعاً أم أنك كأغلب معتنقي الأديان تمرين بلحظات من الشك؟
-بعد طول تفكير و قراءة عميقة للأديان و ما جاء فيها من خطاب و بعد بروز العلم و خصوصاً علم الحفريات الذي يبحث عن أدلة حقيقية و ليس مجرد روايات مبثوثة هنا و هناك لا يقبلها عقل أصبحت قناعتي يقين ولا يخالطني الشك بل أنا اليوم على يقين مما أقول أكثر مما كنت في السابق.

-بالعودة لموضوع الأديان أنت قبل إلحادك كنت مسلمة فهل تجدين أن الإسلام كدين ظلم المرأة أم أنه كتطبيق مارس الآخرون الظلم باسمه عليها؟
-النصوص الدينية سواء كانت آيات أو أحاديث ساعدت على ظلم و تهميش المرأة..حيث نعاني اليوم من قضايا كثيرة فيما يتعلق بحقوقنا كنساء يبحثن عن حقهن كي يكن فاعلات في المجتمع..فتلك المشاكل التي ما زلنا كنساء نعاني منها هي رد فعل فقط لما أفرزته الأديان و العادات و التقاليد التي زادت من الطين "بِله" خاصةً و أننا مجتمعات لازالت ترزح تحت عقلية القبيلة.

-هل من الممكن أن تعطيني مثالاً على النصوص التي تعتبرينها ظالمة للمرأة؟
-أحكام الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين..دية المرأة تختلف عن دية الرجل..دية الحرة تختلف عن دية الأمة أو "العبد"..شهادة المرأة نصف شهادة الرجل..زواج الرجل بأربع نساء و تفصيلات أخرى في ما ملكت الأيمان و السبي و الاتجار بالنساء و التي كانت مسموح بها في وقتها و لم يعد مسموحاً بها الآن "ظاهرياً" و نحن في القرن الواحد والعشرين..و هناك أشياء أخرى تؤدي إلى تأسيس ثقافة إهانة المرأة كحديث:"يقطع صلاة المرء الكلب و المرأة و الحمار" و آيات تقرن المرأة بالغائط كما في آية "أو جاء أحدكم من الغائط أو لامستم النساء" و أحاديث و آيات تحث المرأة على عدم الخروج من البيت إلا للحاجة القصوى وغيرها الكثير.

-إذاً ما الذي تطالبين به للمرأة من حقوق و تجدين أن الأديان أو الإسلام في حالتك قد سلبتها إياه؟
-أبحث عن المساواة التامة و في كل شيء بين الرجل و المرأة و أن يكون مفهوم الإنسان هو المعترف به بعيداً عن التصنيف بين رجل و امرأة و أن تسن قوانين تكفل للمرأة حرية الاختيار على كافة الأصعدة و إصدار قوانين صارمة فيما يتعلق بالمشاكل التي نعاني منها في مجتمعنا اليمني كنساء كالعنف ضد المرأة و زواج القاصرات و هذا الأخير نجده مُبرراً من قبل رجال الدين و مُدافعاً عنه بشراسة و بحماس ديني منقطع النظير بالإضافة إلى غيرها من المشاكل.

-هل تجدين أن في اليمن متسع للملحدين للإعلان عن هويتهم الفكرية أم أن حالة وضع الاسم المستعار ستستمر للأبد؟
-لن يستمر كبت الحريات للأبد و لكننا نحتاج إلى وقت طويل و تغيير تدريجي في عقلية المجتمع أو ثورة فكرية حقيقية قد تمنح الحرية لجميع الفئات وليس للملحدين فقط..لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد ملحدين حالياً في اليمن فعندما تتواجد البيئة و الفرصة المناسبة سيعلنون عن أنفسهم و سيصبح الفكر الإلحادي و الذي هو شأن شخصي في المقام الأول أمراً عادياً و مُتقبلاً..أو على الأقل أتمنى ذلك.

-في الغالب يُعتبر الملحد "عدواً" للأديان و هناك صورة نمطية عنه أن لديه هوس بمهاجمة الأنبياء و سبهم و سب الله..فهل تجدين نفسك تتبعين الصورة التي رسمها رجال الدين للملحد و التي لا يمكن الإنكار أنها موجودة في بعض المُلحدين أم أنك تختلفين تماما عن تلك الصورة و تجدين أنها مُلَّفقة؟
-من يشتم و يسب هو ببساطة لا يفهم الإلحاد..الإلحاد ليس شتائم بل هو طريقة في التفكير لما يحيط بنا من أسئلة عن الوجود..و الذين يسلكون طريق الشتم باسم الإلحاد لم يطلعوا بشكل متعمق لذلك فهم لا يزالون يتخبطون في طريقة تعبيرهم عن إلحادهم..فالإلحاد ليس عدواً للأديان بل هو ناقد للخرافة ونصيراً للعلم.

-هل تجدين المشكلة في تقبلك كملحدة ممن هم حولك يكمن في الخطاب المشحون من قِبل رجال الدين ضدكم أم أن الإنسان الطبيعي سيرفضكم حتى لو لم يمارس رجل الدين ذلك الشحن العاطفي و العقلي للعامة ضدكم؟
-المجتمعات بطبيعتها مجتمعات متدينة نتيجة أنها انتمت لدين معين دون إرادة منها فنحن نجد الدين كما نجد الوطن و الأهل..و لكن عندما تتغير عقليات الناس سيكون لكل حادث حديث..و رجال الدين يرتبطون مع الحاكم الطاغية و يبررون له ظلمه و لذلك فك الارتباط بين رجل الدين و الحاكم هو الخطوة الأولى للحرية في مجتمعات تسعى للعلمانية وللديمقراطية وحرية الرأي و الاعتقاد.

-رويدا شهر رمضان قادم و لقد أخبرتني سابقاً أن لا أحد من أسرتك يعلم بأمر إلحادك فهل تجدين أن التظاهر بالصيام نوع من النفاق المجبرة على ممارسته أم أنك ترينه أي الصيام رياضة جسدية قد تمارسينها؟
-ليس بالنفاق بل مراعاةً لظروف مجتمعي و ليس من الحكمة المجاهرة بالإفطار في مجتمع قبلي عشائري..و الصوم ليس رياضة بل هو عادة قديمة وجدت عند الأمم القديمة بتفسيرات مختلفة..و أثبتت الدراسات أن له أضرار عديدة خاصةً في ما يتعلق بحاجة الجسم إلى الماء.

-رويدا كلمة أخيرة تعبر عن أمر لم أسألك عنه و تودين التنويه عنه؟
-أتمنى أن ينتشر العلم في مجتمعاتنا و أن تتغير العقليات من عقليات قبلية لعقليات منفتحة على العالم تعي ما يدور حولها و أن يكون هناك دولة مدنية همهما الوحيد هو المواطن بغض النظر عن جميع المسميات و التصنيفات الأخرى.

و هكذا انتهت سلسلة حواراتي مع أشخاص امتلكوا الجرأة ليعلنوها بشجاعة أنهم يمثلون فئة لعلها بسيطة في المجتمع اليمني و لكنها فاعلة و مؤثرة إلكترونياً على الأقل..فراسبوتين و سامي و رويدا ليسوا كائنات فضائية بل لعلهم جزء من نسيج أصبح منتشراً في اليمن و يكبر كل يوم و لكنه يفضل الصمت علناً و ممارسة حريته في الخفاء و من خلف قناع ليتنكر أمام الموت و بحثه الدائم عنهم..الإلحاد قد يكون مشكلة في نظر البعض و قد يكون حرية شخصية في نظر البعض الآخر و لكن في كلا الحالتين نجد أن الله يقول لكلا الطرفين:"فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر"..فهل سنتجاهل الله سبحانه كالعادة أم سنمارس أخيراً الإصغاء و التفكر في كلماته العظيمة المعنى؟؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود إيجاد -بديل- لحماس في غزة.. إلى أين وصلت؟| المسائية


.. السباق الرئاسي الأميركي.. تاريخ المناظرات منذ عام 1960




.. مع اشتعال جبهة الشمال.. إلى أين سيصل التصعيد بين حزب الله وإ


.. سرايا القدس: استهداف التمركزات الإسرائيلية في محيط معبر رفح




.. اندلاع حريق قرب قاعدة عوفريت الإسرائيلية في القدس