الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظلم .. في العراق سيبقى أزلياً

ياسين الياسين

2014 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


العراق خيره في أرضه وشرّه في أهله .. وتكاد هذه الثنائية أن تكون صفة متلازمة للعراق حتى كادت أن تكون لازمة ضرورية له تشكلت من خلال التركيبة النفسية لأهل العراق مهما تبدلت وتغيّرت ملامح الحياة على وجه البسيطة ، ومهما تقدمت شعوب وتأخرت أخرى ، وهو هو العراق .. نفسه لا من المتقدمين ولاهو باق مع المتأخرين ، فحتى أولائك المتأخرين مازالوا يحتفظون بقيمهم وأخلاقهم والأسس التي نشأوا عليها أول مرة ، ولم يحيدوا عن طقوسهم تلكم البالية لأعتقادهم سلفاً أنها ولاغير هي المنجي لهم من مرابع الشر ، وهي المنقذ ، وخلاصهم من العذاب .
والظلم واحدة من تلك سجايا البشر التي لاتخلو من عنجهية الظالم والحاكم على مر العصور والأزمنة حتى دغدغ الظلم مشاعر منحرفة عند شرائح كبيرة ، وباتت له رائحة يتحببها أولائك الرعاع من الناس ، وتثار لها شهيّتهم فيعاجلون لها بأمرهم بغير ما وعي وإدراك لحقيقة مايفعلون ، وكأن القدر خلق منهم وجعل فيهم خصلة الظلم والظلامة وإستعباد العباد ، وعبادة القائد الظالم والمتحكم برقاب الناس وتأليهه وتنزيهه من الأخطاء لأنه القائد والضرورة ورجل المرحلة ، وإذا ماحصل وإنفلت من لدن الحاكم الظالم وصلبه خليفة على قاعدة الطيب من الخبيث ، فأن هذا الطيب سرعان ماتسري إليه العدوى وحمى الظلم بسبب الحاشية اللعينة والبطانة الفاسدة التي إبتنت لها مقاعد ثابتة نابتة في جوف السلطة رغماً عن السلطة والسلطان ، فلامناص له من الخنوع والخضوع لكل أهوائها ورغباتها والأنصياع لما تحب وترضى ، ولاسلطة له ولاسلطان أبداً في المكنة على التحرر والخلاص من شباك الشيطان إيّاها التي حبكوها بدراية وخبرة على مر سني الظلم والأستعباد للآخرين والهيمنة على مقدراتهم ، ولذا ترى الظلم يستبطن الظلم ، والمحسوبية والمنسوبية لاتستسقي أحداً غير نفسها ، وذاك الطبع فيها متأصّل ومتجذّر لأسباب تتعلق بفواتير حساب يدفعها العراقي على مر السنين ، وينبجس منه كل مايترتب على أثر ذلك من حيف وقهر وحرمان للشرائح الأكبر من المجتمع ، فضلاً عن عمليات النصب والأحتيال والمخاتلة ، وعند ذاك ترى السلطان وقد هيّأوا له بأنفسهم كل أسباب النزاهة فيما يدّعيه إن كان غافلاً أو مستغفلاً في أحسن حالاته ، أوهو يحاول أن يدّعيه فيما لوكان على دراية بما يجري على الأمة من عمليات نصب وإبتزاز وإحتيال من باب مكرمات الرئيس وعطفه الأبوي ورعايته لكل شرائح المجتمع وهو لايفرّق بين غني أوفقير ، وتراه وقد زيّنوا له ذلك أنه يقيم بينهم حكمه بالعدل والمساواة ، ويساوي بينهم في المكرمات ، وأحجيته في ذلك عليهم كل مايسوّغه أولائك المنتفعين من السلطان من بين أرباب المناصب التي تسلّقوها وهم يضحكون على الذقون من تلك التي عفا عليها الزمن في النسيان ، ومن تلك التي لم تحصل حتى على الوعد مجرد الوعد من السلطان قبلاً ، وهاهم أذكوا فيهم شعلة الأمل بخبث وأعطوهم مايتمنون من الوعود ولكن بلا عهود ، فكان أن علا الظلم وإستعلى على العباد فضاع عليهم الحساب وباتوا لايفرّقون بين الديمقراطية والديكتاتورية فالظلم هو هو في الأثنتين سيّان ، وحار الجمع وإحتار فيهم عقلاء قومهم فيمن سيصدّقون وفيمن سيكذّبون ، وهذه هي واحدة من الأشكاليات وواحدة من أزليات الظلم في العراق . وفي العراق الجديد مازال الجديد قديماً ، وقد تجمّل القديم بأبهة الوجه الجديد ، فأستبشر فيه خيراً من أن دنياه وعالمه مازال عامراً زاهراً بظلمه وإستعباده شاخصاً في نفوس أربابه وأزلامه ، وأن تغيّرت عناوين هويّاتهم ، ولكن بختم العصر الجديد والعهد الجديد ، وبتوقيع العم سام وبختمه ، وهو دالة العالم الجديد وأي غطاء هو أجمل من أن يلتحف المرء في أتون القرن الحادي والعشرين بلحاف العولمة ، ووداعاً للظلم ، ووداعاً لأزمة السكن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف