الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة القرضاوي، انتقامية أم إصلاحية؟

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2014 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


المصري الهارب إلى قطر، الشيخ يوسف القرضاوي، يكاد يتحول إلى الرمز الأبرز لثورة إسلامية مزعومة يجري التحريض عليها والاعداد لها على قدم وساق منذ عدة سنوات الآن في موطنه مصر وعدة أقطار عربية أخرى. قد عرف الشيخ وجماعته كيف يتسربون إلى أغلب ثورات الربيع العربي ويركبونها لأهدافهم الخاصة في أكثر من مكان. لكن السقوط المدوي للجماعة في بلدها الأم، مصر، كاد يفقد الشيخ العجوز عقله، ليستنهض فيه جنوناً ثورياً ربما لا يقل شراسة ودموية عن زعماء ثوريين مشاهير قد سجلتهم جيداً كتب التاريخ الحديث بعدما اكتوت بنيرانهم الثورية شعوبهم أنفسهم من مثل زعيم الثورة البلشفية فلاديمير لينين في روسيا، أو قائد الثورة الإسلامية المرشد الأعلى علي خامنئي في إيران. الشيخ الداعية الهادئ الرصين قد تحول جراء المفعول الثوري إلى كتلة ملتهبة من النيران الحارقة.

كان النداء الأبرز كما تردد صداه بقوة عبر أثير ثورات الربيع العربي انطلاقاً من تونس هو "الشعب يريد إسقاط النظام". وفي مصر، قد ردد الثائرون هناك أيضاً منذ 25 يناير 2011 المطلب ذاته: الشعب يريد إسقاط النظام. هذا ’النظام‘ الذي كان، وإلى حد ما لا زال، يريد المصريون إسقاطه هو النظام الحاكم، بمعنى السلطة التنفيذية أو الحكومة السياسية للبلاد. وقد أزاد البعض مطلباً آخر يربوا إلى ضرورة تطهير بقية سلطات ومؤسسات الدولة الأخرى مما قد علق بها بالضرورة من فساد وركود وعجز عن الأداء جراء تغول وتنكيل النظام الحاكم وإساءة استعمال السلطة طوال عقود عديدة. على هذا، قد انطلقت الدعوات الثورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة، وتطهير القضاء والشرطة والإعلام، وضرورة إخضاع مؤسسة الجيش للسيطرة المدنية والمساءلة القانونية أسوة بسائر سلطات ومؤسسات الدولة الأخرى. في أثناء ذلك الوقت الثوري البكر، ما كان ثائر قط يتخيل حتى أن يوجد من بين رفقاء الثورة الأوائل من كان يريد ’إسقاط الدولة‘ بالكامل بدلاً من مجرد استبدال النظام الاستبدادي القديم بآخر ديمقراطي يتولى بدوره تطهير مؤسسات الدولة وإخضاعها للشفافية والمساءلة وسيادة القانون، لكن مع المحافظة عليها سليمة وعدم محاولة تقويضها في الوقت ذاته.

بالفعل قد أسقط الثوار النظام السياسي القديم واستبدلوه بآخر، وبقيت سليمة إلى حد ما مؤسسات الدولة غير السياسية التي لا ينكر أحد حاجتها الملحة للإصلاح والتحديث. عندئذ أخذت تتضح إلى الوجود صورة مناقضة تماماً لما كان في ذهن الثوار الأصليين. النظام الجديد، مجسداً في جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم من تيار الإسلام السياسي العريض، كان لهم تصور آخر غير معلن للغاية من الثورة. هم، في الحقيقة، لم يكونوا يوماً ثواراً ولا يعنيهم في شيء لا الثورة ولا شعارها "الشعب يريد إسقاط النظام"؛ بالنسبة لهم لم تكن ثورة 25 يناير ومطلبها الرئيسي "الشعب يريد إسقاط النظام" سوى تكتيك مرحلي ضمن استراتيجية أكبر: إسقاط الدولة كلها. في الحقيقة، الإسلام السياسي منذ ظهوره كردة فعل رافضة لتفكيك نظام ’الخلافة الإسلامية‘ وقيام أنظمة ’الدولة الوطنية‘ على أنقاضها سواء في موطن الخلافة نفسها، تركيا، أو في سائر الدول العربية والإسلامية الأخرى وهو يضمر ويعلن للدولة العلمانية كراهية أقوى من كراهية الشيطان ذاته، ويحملها المسؤولية عن زوال الخلافة وحكم الشريعة، ويرى في زوال نظام الدولة حتمية تاريخية لإحياء الاثنين معاً ولو في لباس بدلة ورابطة عنق أنيقة.

ثورة الإمام القرضاوي، ومن خلفه كل أطياف الإسلام السياسي، هي في الأصل لا تعترف بشرعية الدول العلمانية القائمة، لا في تركيا ولا في مصر ولا في تونس، ولا حتى في السعودية أو قطر أو أي دولة عربية أو إسلامية أخرى. القرضاوي والإسلام السياسي لا يعترفون إلا بتنظيم شرعي وحيد- الأمة الإسلامية، المعادل الديني لنظام الخلافة الإسلامية على مستوى الحكم السياسي.

بينما كانت ثورة 25 يناير ولا تزال تستهدف بالأساس التحرر من الاستبداد والقمع والظلم الذي تمارسه الدولة القائمة بحق الأغلبية العظمى من مواطنيها، القرضاوي وأتباعه كانوا ولا زالوا يريدون القضاء على الدولة كلها بما لها وما عليها، لأنهم في الأصل منذ تأسيس المنظومة الدولية الحديثة لم يعترفوا بشرعيتها يوماً. هل يتساوى علاج المريض مع قتله؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ