الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطيئة -كلمة- في سراديب الظلام

نوزاد نوبار مدياتي

2014 / 1 / 25
الادب والفن


لن أعد أمتلك تلك الذاكرة التي تجعلني أبتسم لذكرياتي الشقية البعيدة فعلاً و قولاً ، فأوردة دماغي تشبعت بتسارع عقارب الحياة و بارود الحروب والخوف والهروب والتلصص عبر نوافذ أحلام بات الأغلب فيها يقضة ، لكن مازال هنالك بضع من خيوط العنكبوت تربطني برقعة جغرافية وأثر لإقدام المارة في أشبه تلك الأرصفة العتيدة بحرارة الأسمنت التي تلسع مؤخراتنا بعد الجلوس طويلاً مختبئين عن نظرات " الأب " خوفاً من السكائر التي كنا نلتهمها بقوة و رعب وشغف يلاعب رئة ورديه جميلة كشفاة تلك الجميلة التي تدرس في الثانوية القابعة في زقاقنا المليء بروائح " القداح و الشبوّي " ، روائح كانت ترقص كرقصة "فوكس تروت" بتقارب عفويتنا الباردة والمندفعة أغلب الاحيان بالضرورة .
الإنتظار صباحاً ضمن رزنامة لايشطب منها إلا يوم الجمعة " فقط " وجدولاً يفوق أهمية جدول الدروس ، والظهيرة كانت أكثر لهفة من روائح الطبيخ في شوارعنا المتحابة بعضها الأخر ، أعوام تمر والأمر ذاته يتكرر رغم روتينيته ومستنقعه الساكن من أي حركة غير رمي نفس الحجرة بالسكون والحديث عن الدوائر التي تختفي برقة وأدب !
لا أذكر مرة واحدة على الأقل أنها أبتسمت بوجهي أو حتى لفتُ إنظارها التي كانت تلازم الشارع هاربة من أشعة الشمس القاسية على بشرتها الناصعة لكني وبغرور وتعنت وكذب مبالغ به مع ذاتي كنت أصر على أنها تبتسم ليّ وتأخذني العزة بالنفس لأقسم لرفيقي الذي يشاركني كل ليلة الحوار " بها أو عنها ! " أقسم له إنها تبتسم بوجهي وأذهب بعيداً بتأليف قصة عن حب سري جداً محذراً أياه أن لا يفصح عن سِرنا المركون على رفوف أمنيات مراهق يرتجف من رفيقه أن يخطفها منه !

كانت أكذوبة بريئة أنانية عديمة المسؤولية رغم جماليتها عندما تكون حقيقة أو حتى حلماً أستعيره وأخلد به لزمن يتسارع كروح تائهة أنيقة بمظهراً أو عطراً أسرقه من خزانة أبي محاولاً الدخول الى قلبها بإي شكلاً من الأشكال حتى لو كان عن طريق أنفها الذي أذكر ملامحمه جيداً للأن !
عام دراسي جديد وبتكرار ذات الجدولة التي نمارسها صباحاً لن تعد تظهر هذه الإنثى وبإنتظار يصحبه الملّ عن كل يوم حتى بات غيابها يأخذ حيزاً من التفكير وعدة أحتمالات أو تحليلات عن غيابها يرفقه مشاكسة من رفيقي محاولاً إظهار " كذبتي " بمناورات تارة ومواساة تارة إخرى ، الحديث بيني وبين رفيقي بارد وفتور صاحب إختفائها عن لقائنا اليومي الذي أوله إبتسامة عريضة تخفي بين طياتها محاور حديث الليلة " عنها " هي !

تمضي السنون وللنسيان دور كبير يداعب شيب رأس تغزل به ناظم الغزالي وهو يخاطب إنثاه السمراء من قوم عيسى !

مشاغل الحياة لعبت دوراً لأكون من ذوي المستويات الرفيعة والشخصيات المهمة في المجتمع ، ثقافة تلحفت بها بصورة جيدة وجاه وخدم يدورون في فلكي وحرس من جنسيات أفريقية بجسد يحجب أشعة شمساً ليس من الممكن أن تتجاوز على بشرتي وتلسع شيء لن يعد من حقها !
إختفت من قواميسي تلك الإنثى كإختفاء نجماً في ليالي الرعد القاسية وإنشغلت بغيرها الكثير والكثير من سهر ليالي حمراء ماجنة ينثر فيها أوراقاً نقدية على رؤسهن تارة وبين مفرق ثدي أجملهن رقصاً تارات عِدة و عدة !

كانت ليلة الثلاثاء هي الأقرب على مزاجي للسهر وفي صباح يوم الأربعاء ثمة زحمة للسير توقف فيها الطريق بصورة شبه كاملة عند خروجنا من المرقص ، ثمالتي تعدت حدودها والنعاس كان يداعب أهدابي بقوة رغم صلابة رفيقي " ذاته" ومحاولاته البائسة لإخراج جن النُعاس من جسدي المخمور ،، زجاج سيارتي المظلل هو الاخر كان يساعدني على النوم بعد مضي تلك الليلة الصاخبة جداً !
لولهة ؛ ثمة طَرقات على زجاج سيارتي بنعومة بالغة وبعد صراعي مع النعاس فتحت عيني فوجدت إمراءة بثياب رثة و وجه عريض مبتسم رغم عبوسيته التي أكل منها الزمن جزء كبير من إنثوتها عبر حكيات أعوام مجهولة الهوية !
كلمات إعتدنا على سماعها من الفقراء المتسولين في شوارع بغداد إلا هي نطقت بكلمات لم تكن معتادة النطق الفقراء ، الزجاج كان حاجز ليظلل الأحرف التي تنطق بها . الفضول وربما " الصدفة " أرغمتني على فتح شيء بسيط من النافذة :

" تدخنين؟
لا
أتشربين؟
لا
أ ترقصين ؟
لا
ما أنت ِ ؟
جمعُ لا ؟
أنا التي تراني
كل خمول الشرق في أرداني
فما الذي يشدُ رجليك إلى مكاني ؟
يا سيدي الخبيرَ بالنسوان
أنّ عطاء اليوم شيء ثانِ
حلّقْ !
فلو طأطأتَ ...
لا تراني " .

كانت هذه الكلمات للمبدعة لميعة عباس عمارة ترددها هذه المتسولة كإنها تقصدني أو تريد أن تقصدني ؟!
أبتسامة عريضة رسمتها على وجنتي المحمرة من تدفئة السيارة عكس إحمرار وجناتها من قسوة شتاء الفقراء .

طلبت من السائق أن يركن العجلة بسرعة ، ترجلت لها بهودء وخطوات مبعثرة ، تقترب المسافة ويرتسم على وجهها الف تعبير متخبط غريب غير مفهوم !

صباح الخير سيدي ، شكراً لتواضعك ونزولك لكوكب الفقراء !
باغتتني بهذه الجملة كمحاولة أخرى لجمع كل غموض العالم في ذهني !

من أنتِ ؟!

لايهم ،، ممكن حسنة لوجه الله ؟!

كم يلزمكِ لتغادري الشارع للأبد ؟

ههههه ! يلزمني القليل من الزمن لكن قبل ذلك أخبر رفيقك إنك لن تلازمني الفراش يوماً ولن تعاشرني يوماً ما ولستُ عاهرة كما أخبر مجتمعنا الشرقي !
غير إني أعترف كنت أميل لك عندما كانت أشعة الشمس تلسعك على الارصفة ليس كما الأن تلسع ظهري المليء بخطايا تلك الليالي في سراديب الظلام التي تتسكع بها أنت ، و أخترت أن أكون في الشوارع متسوله حتى لا أراك أنت وهو تنعمون بحور عين غبائكم !

يا أنت ... الفرق بيننا بات كبير والاهم أنا وظميري نتسامر حتى يغلبنا النعاس وننسحب بهدوء للنوم بعمق أكبر من أعماق أمنياتنا الصغيرة جداً!

إرحل !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل