الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يكون الشعب،أو لايكون!

سامر عبد الحميد

2005 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن غايتنا على الاطلاق،في أي يوم من الأيام،النّيل من شعبنا العربي الكبير،أوالسخرية منه ،ولا تسفيهه أو احتقاره،والعياذ بالله.بل كان هدفنا دائماً وأبداً تحريضه على أن ينظر لوضعه الراهن،ولتخلفه المزمن،وتدهور أوضاعه التي لاتسر إلا الأعداء.
فعبر نقدنا وهجائنا لترهله وعجزه واستكانته الفظيعة،فإننا نحثّه في ذات الوقت على إعادة النظر بكافة قيمه الموروثة،وعاداته،وأخلاقياته،وقناعاته التي أكل الدهر عليها وشرب.
ولاشك لدينا بأن عدداً محدوداً فقط من الناس، قادر على فهم غاياتنا النبيلة التي نرمي إليها من خلال نقد مقولات مثل (شعبنا العظيم..أو..شعبنا الأبي..أو..شعبنا الأشم...الخ)،في الوقت الذي تنتهك فيه يومياً كافة حقوقه الوطنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والانسانية،على أيدي حكامه وبساطيرهم أولا،ودبابات وقنابل أعدائه الخارجيين ثانيا،دون أن تنم عنه نأمة واحدة تدل على عظمته وإبائه وشموخه!!،إلا في بعض الاستثناءات النادرة.
ومن ينزل من برجه العاجي،ويتخلى عن خطاباته الانشائية التي لاتغني ولاتسمن من جوع،وينزل إلى الشارع العريض،لاجتاحت أسماعه عبارات شعبية متداولة بكثرة بين الناس مفادها السخرية من الذات،والتهكم على الشخصية العربية واحتقارها،إلى ماهنالك من عبارات (جلد الذات)هذه،التي يجلد بها المواطن العربي العاجز نفسه بها صبحاً وعشية،كتعبير عن إنكساراته وإخفاقاته وخيباته التي لاتحدها حدود!.
فكم مرة شنفت أسماعنا عبارة(كله عند العرب صابون)،أو(العربان الجربان)كناية عن جهل العرب،وقذارتهم،وهمجيتهم.
أو(حالنا نحن العرب،مثل بول الجمال دائما لورا!)أو(عمرنا ما رح نصير بشر)...الخ.
هذه العبارات وأمثالها لايطلقها علينا أعداؤنا فقط،بل نحن أيضا نطلقها على أنفسنا فنشعر ببعض التحسن النفسي،في آلية يعرفها محللو علم النفس الجمعي و(سيكولوجيا القطيع)!!.
ونحن،بعض الكتاب العرب،لانفعل في كتاباتنا غير تكرار مايقوله المواطن العادي يوميا عن نفسه.لكن الفرق بيننا وبينه هو أننا لانكتفي بهجاء أنفسنا،وشتم واقعنا الأليم المنحط فقط،بل نحاول بشتى الوسائل فهم الأسباب التي أدت وتؤدي بنا ألى هذا الحال من البؤس والتخلف،ومحاولة إيجاد الحلول الناجعة للخروج من مستنقعنا الآسن هذا.
لكن محاولاتنا الحثيثة لوضع اليد على الجرح،عبر تعرية الواقع العربي،وكشف زيف أخلاقياته الحالية وقيمه البالية،تصطدم بشراسة ردود أفعال الأغلبية الساحقة من الكتاب و(المثقفين) والمنافقين والمتحذلقين وأصحاب الشعارات والخطابات الرنانة الفارغة من المضمون والمعنى.
فينعتنا بعض من هؤلاء بأننا عملاء للامبريالية والغرب إذا تحدثنا عن حرية المواطن واحترام حقوق الانسان.وبعض آخر يجعلنا في فسطاط الكفر والزندقة إذا وجهنا كلمة نقد واحدة لرجال الدين المنتشرين كالسرطان في جسد أمتنا العربية،والذين لاهم لهم سوى الحفاظ على سلطاتهم الروحية والمادية عبر تعميم ثقافة الجهل والتعصب الديني والطائفي .
وبعض يخلع علينا صفة الاباحيين عندما نطالب بحرية المرأة واحترام كرامتها!.وصفة الملحدين إذا رفعنا من شأن العقل، عبر الحض على احترام العلم والعلماء،وعلى نبذ الخرافة!.وصفة أعداء الشعب والوطن إذا رفضنا الحروب.....
يريدنا هؤلاء أن نحترم قيم الشعب العربي،وعاداته،وطقوسه، وأخلاقه،ورموزه،و(مزاميره!)،بصالحها وطالحها،لاأن ننتقدها.وأن نحترم أسلافنا ونجلّهم لا أن نحرّض الأبناء على احترام أنفسهم .وأن نعلن على الدوام بأننا " خير أمة أخرجت للناس" حتى لو كنا مازلنا نتداوى بالحجب والتعاويذ وبول البعير،ونحن في الألفية الثالثة..
هؤلاء الذين يحاولون الضحك على ذقن الشعب العربي بإيهامه بأنه شعب عظيم وعلى خلق،هم عملاء أمريكا وإسرائيل،وهم من يعبّد الطريق أمام الأنظمة العربية القمعية كي تستمر في قمعها لشعوبها إلى مالانهاية.
وكل من يسعى لتأبيد قيمنا وموروثاتناالتي كانت تناسب أعماق الصحراء،فهو إنما يسعى لتأبيد الجهل والفقر والاستكانة والخنوع والظلامية.وبالتالي فهو يسعى،بقصد أو بدونه،لتهميش الشعب وتغييبه وتنويمه،وتسهيل مهمة المستبدين الداخليين والخارجيين على حد سواء.
فلو كانت قيمنا وأخلاقنا وهويتنا على هذه الدرجة من الرفعة والسمو،كما يتشدق (مثقفو الشعب)،لما كانت حالنا على هذه الدرجة من السوء.ولما كنا على الدوام لانخرج من نير احتلال حتى نقع تحت نير احتلال آخر.ولا ينزل عن ظهرنا مستعمر،حتى يركبنا مستعمر آخر أكثر شراسة.ولا يغيب الموت مستبدا وحاكما حتى يجثم على صدورنا مستبد آخر ألعن وأدق رقبة من سابقه!.
أما نحن،بعض المخلصين!،فلن نكف عن نقدنا لشعبنا،وخدش(حيائه!)،والنبش في(خصوصياته!)،مادام يقبل بالظلم والذل والمهانة،سواء كان بسبب الخوف،أو بغيره.
ولن نقول عنه إنه شعب عظيم،حتى يخرج إلى الشوارع هادراً،ومطالباً بخبزه وحريته وكرامته.
وحتى ذلك اليوم،الذي قد يكون وقد لايكون،فإنه لايسعنا إلا أن نردد مع الشاعر:
إذا الشعب يوما أراد الحياة...........فلا بد أن يستجيب القدر.
.......
المهم أن يريد الحياة!!.



































التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة