الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشكيل بين ذاتية الهوّية وهوّية الذات

سهام بننصر

2014 / 1 / 25
الادب والفن


التّشكيل بين ذاتية الهويّة وهويّة الذّات:

إلى أيّ مدى يمكننا الحديث عن الهوّية التشكيلية؟ وهل الهوّية التشكيلية مرتبطة بالهوّية الذاتية؟ وهل أنّ الفنّان التشكيلي هنا بصدد البحث عن هويّة فنّه التشكيلي أم هويّته الذاتية أم أن ّ الهوّية التشكيلية هي انعكاس لهوية الذاتية؟ و لماذا دائما مسألة الهويّة مرتبطة بالماضي و القدم؟

من خلال أعمالي التشكيلية المتواضعة، أردت الخوض في مسألة الهوّية، فحملتني فرشاتي وأفكاري وآلتي الفوتوغرافية إلى تصوير الموروث في عمل تشكيلي يتراوح بين المعاصرة والتراث ، بين حضور اللّون وغيابه، بين الصورة الفوتوغرافية القديمة الذي يتراوح لونها وشكلها بين الأبيض والأسود متجاوزة بذلك هذا الشكل ليحضر اللون مسلطا الضوء على الموضوع الأساسي عبر معادلة صعبة لم يستطع تجمع التضاد في الألوان من أجل خلق عمل فني ذو طابع متميز لإكتساب هذا الإحساس بضرورة التواصل مع الثقافة التقليدية مع ربط علاقة مستحدثة مع الواقع من خلال رؤى متتالية للهوية. خاصة وأنّ الهويّة التشكيلية تولد من ثقافتنا، من تراثنا، من بيئتنا، من مجتمعنا، من عاداتنا وتقاليدنا، من تاريخنا، من الجسد، ومن رؤيتنا الذاتية لأجسادنا، من حضارتنا المنفتحة على الأخر وعلى الثقافات الأخرى باعتبار أنّ تونس مركز تلاقح حضارات، تعدّدت فيها اللّغات والأجناس المختلفة. فالهوية حسب "محمود درويش" هي ما نورث لا ما نرث، ما نخترع لا ما نتذكر " فالهويّة هي النظام الفلسفي الموّحدة للعالم، وهي البنية المنطقية للميتافيزيقا التّي يقدمها هيجل حول هويّة الواقعي مع العقلي...ولكنّها تأسيس فلسفي لرفض الإيديولوجيا التي تفترض وجود تماثل و هويّة الذات والموضوع"


فرأيت أنّ الجسد الدال ليس الوحيد وإنّما الأكثر تعبيرا في الخطاب الثقافي، الذي يحمل العديد من الدلالات والمعاني الهامة التي تتعلق بالهويّة * والكينونة والمحرم والمقدس والأنتربولوجي، باعتبارأنّ الجسد خزان للدلالات، فهو يدل من خلال حركته ويدل من خلال سكونه. إن سكون الجسد ليس سكونا ماديا. إن السكون وضع أصلي في الجسد. إنه الكوة التي تطل منها الذات الفاعلة في السكون على ما سيصدر عنها ( الذات المنتجة للأفعال انطلاقا من حالة السكون). فالسكون هو أصل الدلالات المتولدة عن الإيماءات. " وهكذا قمت بتصوير المرأة القرقنية وسلطت الضوء على لباسها وحليها من خلال التركيز على أجزاء معينة عند القيام بالتصوير الفوتوغرافي ثم أدخلت على هذه الصور تقنية البرمجيات الحديثة (كالفوتوشوب والإليستراتور) حتى تكتسب الصورة طابع معاصر وجديد يجمع تضاد الألوان، بمعنى بين حضور اللون وغيابه من الناحية الفوتوغرافية، متجاوزة بذلك دلالة الحامل والمحمول، إلى دلالة جديدة، بموجبها يدلّ اللّون على الموضوع الأساسي وهو تركيز عين المشاهد على عنصر من عناصر الموروث الثقافي. ولذلك" فإن الإبداع العربي في تركيزه على الجسم كان ردّ فعل من أجل إثبات الهويّة، هويّة الإنسان العربي التّي تتمزق بين الوعي والجسم" . وحسب وجهة نظري تتفرّع الهويّة إلى ثلاثة مفاهيم:
المفهوم الأول: الهويّة التراثية، وهي كل ما يتعلق بالمخزون الثقافي و الإرث الحضاري للمجتمع ككلّ و للفنان بصفة خاصة ممثلا جذوره التي ينتمي إليها من عادات و تقاليد في عمله التشكيلي.
المفهوم الثاني : الهويّة الذّاتية، بمعنى الرؤية الذاتية للفنان التشكيلي للهويّة خاصّة وهوية المرأة التونسية و العربية عامة و التي تمثّل الهويّة الآنية التي ترتبط بالواقع المعاصر للمجتمع، خاصة و أنها تعيش يبن ثقافتين مزدوجتين، كما أنها تعيش وسط أحداث سياسية اجتماعية اقتصادية مختلفة، تصل أحيانا لدرجة التناقض بين الثقافتين و حتى الأشياء اليومية. فالفنان إنسان يتأثر ويؤثر، يعيش في بيئة ومجتمع ﻻ-;---;-- يستطيع اﻻ-;---;--نسلاخ منه أو عن قضايا مجتمعه السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فكيف الفنّان ﻻ-;---;-- يتأثر بأحداث عاشها وكيف ﻻ-;---;-- يختزن مفردات بيئته ويعيد صياغتها حسب خبرته وتجربته الفنية وظروف نشأته لتخرج بشكل تلقائي طبيعي في أعماله اﻹ-;---;--بداعية. لتنقسم بدورها إلى ثلاث عناصر:
- هوية و جود للجسد: يتم إثبات الجسد من خلال الهويّة الذاتية التي تتصل بالأخر والمجتمع وبالبيئة التي يعيش فيها الجسد فيؤثر و يتأثر، يتفاعل من خلال وجوده و مشاركته مع الأخر
- هوية امتهان للجسد: يمتهن و ينتهك الجسد تحت ضغوط سياسية اجتماعية ثقافية كالعنف والقمع وانتهاك وقد يأخذ منحى جماعي أو فردي و يتمظهر في بعض من الأحيان في الحرب
- هوية إلغاء للجسد: يتم إلغاء الجسد كأنه غير موجود و فيها نوع من الاحتقار والنّفي للجسد عندما يكون قبيح أو غير جميل مثل الأعمال التشكيلية للفنانة "لأورلان" على جسدها ناقدة نظرة المجتمع للقبح و الجمال في المجتمع.

المفهوم الثالث، الهوّية المعاصرة أو مفهوم الهويّة بالمعنى المعاصر أي الهويّة الذاتية من خلال الفنان المعاصر، الهوية الذاتية، وهي التي تسعى لتحرير الفنان من المفهومين السابقين بحيث تنتج العملية اﻹ-;---;--بداعية بعد التوغل بحرية تامة داخل ذاته المتفردة، ليتشكل إبداع مستقل عن أية تراكمات مختزنة أو خبرات مسبقة.


وبالتالي، فالمفهومين اﻷ-;---;--ول والثاني هما حالة من اﻹ-;---;--بداع تتم من الخارج إلى الدّاخل، أما المفهوم الثالث أي الهويّة الذاتية فهو حالة من اﻹ-;---;--بداع تتم من الداخل إلى الخارج. فالهويّة يجب أن تحوي الثلاث مفاهيم وتتشكل منهم. في حين أنّ "رني باسرون" (René Passeron) قد قسّمها كذلك إلى ثلاث وضعيات:
1 الحالة الذاتية/ الشخصية: التي لا نتشاركها و لا نتقاسمها مع أحد، على سبيل المثال كما هو مبين في العلامات المميزة الموجودة على بطاقة الهوية (التعريف) و ينفرد الشخص أكثر عبر جسده و الجينات الخاصة به.
2 الوضعية التاريخية: التي نتشاركها و نتقاسمها مع بعض الأفراد كالوطنية و الأحداث التاريخية للوطن...
3 الوضعية الأساسية: التي نشترك فيها مع جميع الناس و البشرية جمعاء كالحياة و الموت والتكاثر و ما إلى ذلك من الوضع التاريخي و الوضع الأساسي في هذا الموضوع، باعتباره حالة شخصية. فما يريد توضيحه "رنا باسرون" أنّ الفن الخلاّق هو دائما فن حقيقي ينبع من ذات الشخص. فالاستطيقي ذاتي محض من أجل أنّه ليس له من أساس سوى الشعور باللذة والألم. هنا ينبغي أن معرفة مفهوم الشعور(sentiment) ووجه تمييزه عن "الإحساس" (sensation): فالشعور إحساس مخصوص يختلف عن معنى الإحساس، ففي معنى "تمثّل شيء" أو موضوع ما، أي في نطاق مسألة المعرفة حيث تؤدّي الحواس دور تقبّل الحدوس الحسية؛ إنّ الشعور هو إحساس لكنّه لا يتعلّق بالموضوع مثل الإحساس في نطاق مسألة المعرفة، بل هو يتعلّق بالذات وحدها. وبالتّالي يوجد مدلولين للهويّة: "الهويّة كعينة (mêmeté) والهوية كذات (soi)، فالهوية بهذا المعنى هي الواحدية باعتبارها المقابل الدلالي للتعدد. وإذا ما نحن أخذنا الهوية في مفهومها السردي، فإنها تعني هوية الشخصية (لا هوية المؤلف). تتكون الهوية السردية بالعلاقة مع الحبكة، لكنها لا تنتمي ببساطة إلى مقولة الحدث، فالخطوة الأساسية باتجاه تصور فعلي سردي للهوية الشخصية تتم حين ننتقل من الفعل (الذي اهتم به بشكل ملفت للنظر التصور البنائي والسيمائي لفلادمير".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين