الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخيم اليرموك ... وجع الذاكرة و المكان

محمد إبراهيم حجازي

2014 / 1 / 26
القضية الفلسطينية


شكل مخيم اليرموك قمة الوجع و اليأس الفلسطيني , ذلك المخيم الذي إحتضن الفلسطينيين و السوريين الهاربين من بطش النظام , و الفلسطينيين الذين تقطعت بهم سبل العيش في المنافي ودول اللجوء , إستقبل الفلسطينيين المهجرين بفعل حروب العرب الطائفية و المذهبية في لبنان و العراق , واستقبل الفلسطيني القادم من الكويت , إحتضن الثورة الفلسطينية في الزمن الصعب , أحب ياسر عرفات وتحدى فيه النظام الطائفي , و عشق أيقونة الثورة جوج حبش , وجعل من أبنائه وقودا لمعارك الدفاع عن الثورة و القرار الفلسطيني المستقل , و معارك الصمود و القتال الباسل في مواجهة عدونا الوطني و القومي الذي توحد لمواجهته الفلسطينيون . عجت مقبرة الشهداء بأبنائه و كان لكل قبر حكاية و مأثرة , كان عنيدا و دائما البحث عن حلول للفشل , كان دائم الحضور في كل المراحل .
كان زمنا جميلا إحتضن التاريخ الفلسطيني السياسي و الثقافي , تعلم فيه أطفاله الحق الذي لايموت لغسان كنفاني و أدب المقاومة درويش و راشد حسن , تاريخ جميل فيه أبو سلمى و جبرا و آل طوقان وسحر خليفة و الأميلين , تاريخ جميل فيه القسام و عبدالقادر الحسيني يتحصن في جبال فلسطين , و أبطال معلولا و سيفوي و مطار اللد , و الطائرة الشراعية , و ميونخ ودلال المغربي تاريخ جميل فيه يوسف سامي اليوسف الذي رحل في الحصار, لم يحتمل الفشل و اليأس الفلسطيني , تاريخ جميل ولكنه غير معاق .
فتحت مآساة الفلسطيني في مخيم اليرموك و مخيمات الشتات الباب واسعا لإعادة تقيم الوجود الفلسطينيي و أمنه في الشتات , الذي هجر من وطنه و مورس بحقه أبشع تطهير عرقي , صودرت أملاكه و ارضه بفعل الهجمه الإستعمارية الإستيطانية التي مارستها العصابات الصهيونية , فبعد أكثر من ستين عاما على هجرة الفلسطينيين في دول اللجوء إصتدم الفلسطيني وطورد من قبل العديد من الأنظمة العربية , التي لم تعد تحتمل الوجود السياسي للفلسطينيين واعتبرته فائضا عن الحاجة , فلم تحتمل العلاقة التي نشأة بين الفلسطينيين و مواطنيها , الذين وجودوا في القضية الفلسطينية متنفسا لهم أولا في التعبير عن حالة القهر و الإضطهاد الذي تمارسه أنظمتهم و ثانيا و الأهم في تعاطف الفلسطينيين مع الشعوب العربية في نضالهم ضد أنظمة الإستبداد و التخلف , إعتبر الفلسطيني أن هذه الأنظمة تشكل قيدا عليه و على نضاله و تكبيلا للطاقات العربية الساعية للتحرر و التصدي للمشروع الصهيوني في المنطقة العربية , وكان الفلسطيني و مازال ينتظر أن تتحويل الدول العربية و خاصة دول الجوار إلى قاعدة متقدمة للنضال الوطني التحرري , الأمر الذي حاربته الأنظمه و زجت عشرات الآلاف من المناضلين العرب و الفلسطينيين في غايهب المعتقلات و السجون العربية , ومن هنا نشأة العلاقة بين المكونات السياسية للشعب الفلسطيني من جهة و بين الأحزاب و الحركات العربية التي كانت تناضل من أجل إسقاط نظمها و حكامها الفاسدين الذين رهنوا دولهم لمشيئة دول الجوار للإقليم العربي و لسياسة الإدارة الأمريكية و لإسرائيل .
جاء الربيع العربي ليشهد تعاطفا فلسطينيا هائلا على المستوى الشعبي , وهذا أمر طبيعي فلم يعد شعار عدم التدخل في الشأن العربي واردا , و إن كان ما يبرره لتجنيب المخيمات الفلسطينية و يلات الحروب الطائفية و المذهبية التي إفتعلتها و غذتها الأنظمه العربية , و صاغها و أعطاها بعدا سياسيا أيدولوجيا و مذهبيا و طائفيا أحزاب الإسلام السياسي و خاصة حركة الأخوان المسلمين , و الفصائل التكفيرية التي تدعمها , لم يحم شعار عدم التدخل في الشأن العربي و الموقف الحيادي الفلسطيني مخيمات سوريا و خاصة مخيم اليرموك من الدمار و الحصار, وهذا أمر يبدو أنه لم يكن من الممكن الإنفلات منه , فالتجمعات الفلسطينية في تلك الدول و لمدة أكثر من ستين عاما , أصبحت جزءا من شعوب المنطقة , و لأنهم لاجئين و يعيشون في مرحلة تحرر وطني فإن إنشغالهم في السياسة أمر حياتي و يومي . ومن هنا جاء إرتباك منظمة التحرير الفلسطينية و السلطة الفلسطينية و الفصائل الفلسطينية في المشهد السياسي السوري , رغم صوابية الموقف الفلسطيني من تحييد المخيمات وتوفير الحماية السياسية لها , إلا أن تعاطف الفلسطينيين مع الثورة السورية و مع التحول الديمقراطي في سوريا سبق المواقف الفلسطينية و عزز من الإرتباك الحاصل . بالرغم من الإنحرافات التي حدثت في المشهد السياسي السوري , بتحويل الصراع من صراع ديمقراطي داخلي , إلى صراع مذهبي و طائفي , و الذي يتحمل المسؤولية في ذلك النظام أكثر من غيره لأنه سعى إلى ذلك وشجع فصائل الإسلام السياسي و على رأسهم التكفيريين في العبث في الثورة السورية وهذا تم بتمويل عربي سخي , كما أن النظام أراد من حصاره لمخيم اليرموك و تفاقم الحالة الإنسانية فيه إلى توظيف ذلك في خدمة معركة بقاءه , وبهذا أصبح المخيم رهين المحبسين حصار النظام له ووجود المسلحين الدخلاء ومعظمهم من الجماعات المسلحة الإسلامية , و لكن رغم هذه الإنحرافات الخطيرة في مسار الثورة السورية إلا أنها في جوهرها تبقى تعيش في مرحلة التحول الديمقراطي .
وحدت مأساة اليرموك الفلسطينيين في الضفة و القطاع وفي مخيمات اللجوء و في الشتات و المهجر , و أعادت الإعتبار إلى هوية و شخصية الجماعه السياسية الواحدة , شهدت كل التجمعات نشاطات تضامنية مع شعبهم المحاصر الذي أنهكه الجوع و الموت البطيئ , و نشأة هذه التحركات بفعل مبادرات شبابية لتأمين الدعم بمختلف أشكاله , ففي مخيمات سوريا تشكلت جمعيات و مؤسسات إغاثية نشطت في كل الميادين الصحية و التعليمية و الإعلامية ....... الخ , وهي الآن منوط بها تأمين صمود الفلسطينيين , وأسست عشرات المواقع الألكترونية و على مواقع التواصل الإجتماعي إنضم عشرات الآلاف من الشباب إلى حملات دعم المخيمات , بتنا أمام جيل واع بدأ يطرح أفكارا جديدة , ويقدم رؤية جديدة للقضية الفلسطينية , حق العودة نال القضية المحورية وبمضامين جديدة حملوا الإحتلال الإسرائيلي مسؤولية ما حدث للاجئين في سوريا بإعتبارهم طردوا من أراضيهم و صودرت أملاكهم التي إنتفع منها الإقتصاد الإسرائيلي لأكثر من ستون عاما , إسرائيل هي الدولة التي يجب أن تتحمل التكلفه الباهضه لتهجير الفلسطينيين من مخيمات سوريا و بالتالي الشتات هي من إستغلت أراضيهم طيلة عمر النكبة وبنت إقتصادها , وعلى أساس هذا طرح الشباب ضرورة تفعيل الحق الشخصي و الإجتماعي لعودة اللاجئين إلى جانب الحق السياسي و الوطني , و حملوا بريطانيا المسؤولية الاخلاقية و السياسية لإعطائها وعد بلفور المشؤوم , وشكلت لجان شبابية لمقاضاتها و مسؤوليتها في تهجير الشعب الفلسطيني , وحملت المجتمع الدولي عبء الحاله التي وصلها اللاجئ الفلسطينيي في سوريا
و في هذا المجال يشار إلى أن هناك الآلاف من المعتقلين الشباب الفلسطينيين في سجون النظام في سوريا جزء منهم قتل تحت التعذيب و جزء آخر ينتظر موته البطيئ , هؤلاء الشباب في أغلبهم من المجموعات التي تشكلت , وعلى رأس هؤلاء المعتقلين الكاتب و المثقف الفلسطيني علي السعيد " شهابي " الذي أعادت إعتقاله أجهزة الأمن السوري بعد أن قضى في سجونها أكثر من عشرين سنه , فقط لأنه لاجئ فلسطيني لم تعجبه الحالة السياسية الفلسطينية و السورية , كان يرى في النظام السوري الحالي عقبة أمام توظيف إمكانيات سوريا و شعبها في دعم و مناصرة القضية الفلسطينية , ومن خلال هذا المقال أدعوا الشباب الفلسطيني في كل مكان لتشكيل لجان للإفرج عن هؤلاء المعتقلين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة