الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي الشخصي في موضوعة العمل السياسي

جواد البياتي

2014 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



مهما قيل في موضوعة العمل السياسي في منظومتنا العربية والاسلامية فهو عمل بائس بأمتياز لايعدو ان يكون حرفة او مهنة سيئة السمعة يقتات منها البعض رزقه على حساب معاناة واحزان البؤساء من البشر المخدوعين بزخرفة الشعارات وحلو الخطاب وبعض الدعوات والهدايا الرخيصة التي يضحي بها السياسيون في بداية مشوارهم ( الوظيفي ) كعربون تعارف بينهم وبين الناخبين .. وفي اللحظة التي تغلق فيها صناديق الاقتراع تغلق معها الاحاديث في اية علاقة بين الاسماء المكتوبة في الصناديق وبين من كتبها خارج الصناديق .
هذا بأختصار مقدمة سيناريو العملية السياسية الرهيبة ، اما المتن والخاتمة فليس من صلاحية انسان ان يتدخل في صياغتها لأنها تتعلق حصريا بالسياسي اذ يبدأ بأعداد نفسه وتأهيلها اجتماعيا وماديا لبناء مستقبله ومستقبل ابنائه خلال موسم الجني في السنوات الاربعة التي ستمضي بلمح البصر .
ان المرارة في هذا القول هي نتيجة الأحباط الشديد الذي عشناه ميدانيا منذ يوم الاستفتاء على دستور / 2005 ولحد اليوم . ومع ان التعميم غير محمود في هذا الجانب من الموضوعات السياسية ، الاّ ان العموميات لاتدع للجوانب الاستثنائية الطيبة اي مجال للظهور ، لذلك تبدو هذه الاستثناءات قطرة مياه عذبة في محيط من المياه الآسنة . ومن هنا يتضح ان النظرة للعمل السياسي لاتحمل الطابع الوطني والانساني الحقيقي الذي يمكن من خلاله الوفاء بالعهد والوعد الذي يقطعه على انفسهم العاملين في السياسة وهو الدفاع عن حقوق ناخبيه ، والالتقاء بهم في المناسبات او في زيارة مناطقهم التي حققت لهم الفوز في الانتخابات وحل مايمكن حله من مشاكلها بشكل مناسب واصلاح ما يمكن اصلاحه استنادا الى الصلاحيات المخولة له .
ان التجرد او التنصل من الهدف الوطني والانساني في موضوعة العمل السياسي تعكس الانخفاض الشديد في مستوى الوعي الوطني ( اصلاً ) ثم غياب الوعي السياسي كمفهوم معروف عن العاملين الجدد في الحقل السياسي ، وفي تقديرنا ان هذا الصنف من السياسيين لايختلفون عن العاملون في قطّاع البسطيات وهم بلا شك ساهموا بشكل فعّال على نقل نظرية العمل البسطاوي من الارصفة الى قبة البرلمان . وهذا ماتعكسه الفوضى الضاربة في قاعات العمل داخل البرلمان والتي تشهد انفلاتا في الأداء وعدم الانضباط .
ان المراقب لما يجري في قاعة هذا الصرح التشريعي والسياسي الخطير لا يتردد في وصفه بحلبة رومانية يجري فيها الصراع الى حد الموت ولأسباب كثيرة اولها الدوافع والاهداف الطائفية ثم العرقية فالمادية ثم السياسية اخيرا ، وهنا تختفي موضوعة الوطن والمواطن من تفكير بسطيات البرلمان والتي كانت قد رفعها اصحابها مزخرفة ايام الماراثونات الانتخابية وهنا يتضح ان المقاعد الوثيرة للبرلمان ، تلغي من ادمغة النواب فكرة الوطن والمواطن وجعلها خارج دائرة الضوء والاهتمام واعتبارها من الامور ذات الاهمية الثانوية التي يمكن تأجيلها الى مابعد انتهاء صراع المصالح والامتيازات داخل البرلمان ورفع راية الانتصار للدين والمذهب والعشيرة والحزب !
لقد ولّد هذا القصور الواضح في الوعي السياسي مشاكل لاتعد ولا تحصى ومختلفة الحجم والصدى وفسحت المجال للتدخلات الخارجية وبناء التكتلات على اسس وضيعة حتى ان الخيانة اصبحت اقلّها وضاعة فقد اصبح مصير العراق على كف عفريت يتأرجح بين التقسيم والتخريب او الضياع التام انطلاقاً من متن ابو القاسم الشابي ( اذا متّ ظمآناً فلا نزل القطر ) . وهاهم سياسيو الغفلة بتفككهم وصراعاتهم فتحوا الابواب مشرعة لدخول انواع غريبة من الجراثيم الى جسم الوطن ، وها هي تفتك به كالكانكرينا التي تبدأ ببتر الاصابع فالاطراف حتى تنتهي بجعل ارضه جسراً لمرور الغزاة كما كان عبر التاريخ . ولا حاجة لنا بالتذكير بأن نظرية (القبضاي ) قد جربت لقيادة هذا الوطن وانهارت ، وسوقت بعدها نظرية العشيرة وانتهت ثم الايمانية الكاذبة وها نحن الآن نعيش عصر الكتلوية والطائفية والنظريات الكهوفية . ونحن الآن ننتظر ما سيسفر عنها ، مالم يقف في وجهها من لازالت لديه بعض الوطنية وحب العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -