الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضمير الاتحادي

محمد التهامي بنيس

2014 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بمناسبة ذكرى ميلاد الاتحاد الاشتراكي المغربي 25 يناير
الضمير الاتحادي
مشوار طويل قطعته أجيالي ترضع من ثديي النضال في مسيرة الصبر والكفاح, تعرضت خلاله إلى الاعتقالات والتشريد والتمزيق وإغلاق البيوت وبهدلة محاولات التفتيت , عشت صفحات سود مع مسلسل العثرات والويلات والمصائب والنكبات المؤلمة كلما زج بأبنائي في شتى أنواع العذاب والمضايقات ,ولم يتوانوا عن الاستماتة بل ظلوا يقبلون على العطاء بالمزيد من التضحيات من أجل وطنهم , وطني العزيز, فكنت أفتخر بهم وأزداد رسوخا ولم أصب قط بمثل هذا الذي ينخر كياني اليوم
هل انتهى صخبي وتوقف تغريد عصافيري فلم يعد لي ذلك البريق الذي يفتح أبواب الأمل ؟. ألم يعد وطني في حاجة إلى مبادراتي الهادفة لإخراجه من الأزمات متى أطلت أو هيمنت على الساحة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ؟. ما لي أرى المثرثرين في كل واد ينطقون وصوتي أخرس غائب . وكل أطياري كفت عن الدوران . وكل أنجمي تخبو متتالية . وكل ورداتي تذبل فاقدة أريجها الفواح ؟. كيف انقلبت المفاهيم فأصبحت وحدة أبنائي أن يشعر كل منهم بنفسه ويعيش الوحدة؟ وأصبح العمل الثوري عندهم مجرد مذكر للبقر . آه ثم آه . أين الذين أطروا مدرستي وعلموا أبنائي النضال والأخلاق وخطاب الحكمة والصراحة وحفزوا على المشاركة بكل جرأة وبدون مهاودة أو تقاعس ؟
هل أصبحت تاريخا وأنا لا أدري . أو تراني أتصنع اللامبالاة ؟. هذا مجد تاريخي يتوارى باكيا بين النطوح التي لا قرن لها , والخصيان المتربعين على الكراسي , المتسابقين نحو الخنوع والاستسلام . وهذه أوجه نضالي اختفت وسافرت في دجى النسيان . ماذا بقي مني ؟ لقد خانوا عهودي وميعوا مصطلحات قاموسي النضالي . وباعوا أسرار توحدي والتحام صفوفي بأبخس الأثمان . فآلمني اليوم أن بعض من تربى في أحضاني ورضع النضال من ثديي , صار يتبادل التعازي في حقي , حتى بلغ الأمر بأحدهم – في سبيل تملقه – أن قدم تعازيه لأسياده متنكرا لمجد نضالي عبر التاريخ , ولوجودي حيا وبناة كياني لازالوا يكونون البديل المنتظر . رغم أن بيوتي صارت مهجورة بعد أن كانت عامرة , في كل ركن منها خلية نشاط وتعبئة وتواصل وتفاهم ونقاش حاد بين وجوه بشوشة لا يفسد الخلاف بينها للود قضية . هل امتلأت الدار وفرغت وغاب عنها الأبناء والبنات لينتهي الأمر بها لما هي عليه الآن . وكأن القيادة الحكيمة أصبحت فصيلة نادرة مهددة بالانقراض ؟ إني أرى بيوتي أصبحت مرتعا لتعارك بعض القطط . أو تجتاحها أسراب جراد لتلتهم كل ما كان جميلا فيها . تعبد غباءها وتظن أنه ذكاء – حتى الذاكرة تمسخها – لتستمر في الخطأ رغم أن الأخطاء ساهمت في صنع المأساة والاستنكاف عن الاعتراف بها زاد في تعميقها . لقد صار بعض أبنائي يعيش جحيم الوجود ويتحدث عن جحيم الحياة في بيتي ويأمل في نعيم الهروب والانزواء . فهذا القائد يعتزل وهذا يتنحى وهذا ينشغل بما يراه أهم لذاته , وصار قادة محليون يتخلون عن المسئولية أو وقفوا موقف المتأمل حتى لا أقول المتفرج في عمليات التطبيب وتضميد الجراح , وهي أفرزت لحد الآن غرقا في المأساة . قرأت كثيرا من تقارير التصحيح والإنقاذ والتوافق , سواء أكانت تشخيصية أو تركيبية . فلم أجد سوى أن الغموض لا زال يبتلع بداخله المئات من أبنائي المبعدين والمجمدين لعضويتهم والغائبين بإرادتهم الفارين من العبث وتكلف الوفاء وإعطاء الظهر للمبادئ والتاريخ . وهذا كله لم يكن يوما من شيم أبنائي . ولم يستطع أحد حتى الآن كشف السر وراء ما حدث ويحدث , وكأن النضال مستحيل , وكأن التحاور مستحيل , وكأن الماضي كله مجرد فرحة عابرة استرقناها من حالات الموت وحالات العبث . فبأي نضال وبأي حلم يستعيد أبنائي براءة الإخلاص ؟ أنا الاتحاد الاشتراكي المغربي ,ذاكرتي لا زالت يقظة والضمير لا زال حيا , وعلى نبراسهما تتحول هذه النهايات إلى بدايات جديدة . إذ مع كل عثرة باستطاعة كل ابن من أبنائي أن يلملم نفسه وينفض الغبار عنه فيحول كل المعيقات إلى طريق للوصول وفي إطار تعاقب الأجيال فهذا الزمان زمان أبنائي من أجيال اليوم الأوفياء لزمان رموزهم , شريطة أن لا يعيبوا زمانهم فيلتصق العيب فيهم وأن لا يلغوا نضال الأجيال السابقة التي كانت تعتبر كل عاصفة تتطلب مواجهة نضالية بسلاح الإيمان بالقضية والإيمان بالتغيير للأحسن عن طريق الديمقراطية والحداثة وفرض دولة الحق والقانون والمساواة , وستمر كل العواصف مثل سابقاتها لأن درب النضال طويل , ولأن الأجيال السابقة لم تمارس التفجير الذاتي أبدا . ولم تختر الهجوم السلبي المجرد أبدا. ولم تكن أبدا غير مخلصة وغير وفية لدماء الشهداء وخير الوطن والأمة والجماهير الشعبية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة