الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبوءة سياسية

جواد كاظم الدايني

2014 / 1 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


نبوءة سياسية
جواد كاظم الدايني

كنت واحدا من الذين صدمتهم نتائج اول انتخابات ديمقراطية لمصر بعد ثورة 25 يناير 2011, فالصعود الاخواني والسلفي, الى سدة الحكم فيها, كان " خيبة امل ", ما كان لي معها, الا ان انعى الثورة المصرية الرائعة بهذا " المصاب الجلل " الذي الم بها, كتبت حينها مقالا كان بعنوان " ربيع آخر " منشوراً في جريدة " العالم " العراقية, ومنشور كذلك في بعض المواقع الالكترونية, معتبرا ان ما حدث كان جزءاً, مما حاولت الثورة ان تتخلص منه.
شككت بجدوى صناديق الاقتراع, التي لم تفشل بأخذنا خطوة الى الامام, فحسب, بل اعادتنا خطوات الى الوراء., ان نشوة اصحاب الثورة, بسقوط نظام مبارك, لم تكن لتعني شيئأ, مقارنة ببلورة ذهنية وفكرة التغيير, للقيام بما يجب القيام به. " نعم اننا بحاجة الى ربيع اخر " هذا ما ختمت به مقالي, ربما كانت نبوءتي السياسية الاولى, التي احتاجت لاكثر من سنة بقليل كي تتحق, ففي الثلاثين من يناير من العام التالي للثورة, يخرج المصريون مرة ثانية ليزيحوا الاخوان عن الحكم في مصر. كان الفرق بين الثورتين, ان الاولى كانت ضد الظلم والاستبداد السياسي والاستخفاف بمصائر الناس, والثانية كانت ضد الامية والجهل, لانهما كانا العامل الحاسم, في فوز الاخوان بالحكم, فكما معروف, فان غالبية المصريين, هم اناس بسطاء , يفتك بهم الفقر الجهل والامية وانعدام اهلية الكثييرن, وهم وليمة سائغة, لتأثير دعاة وزبانية, الاسلام هو الحل. ما استشعرته من خطر الاخوان على مستقبل مصر بسبب حماقاتهم السياسية, لا يعني شيئ بما ادركه اهل مصر وعسكرها فهم ادرى بشعاب بلدهم كما يقال. لا اخفي ان الثورة المصرية ملهمة, لدرجة الاحساس بانتمائي لها, فبالرغم من ان شرارتها الاولى كانت في تونس, الا انها اصبحت أنموذج رائع للدراسة والتحليل, ربما بسبب مكانة مصر, ورصيدها البشري وعمقها التاريخي, وما تشكله من ثقل, في بلورة الافكار الحداثوية, وسابقتها في النهضة الفكرية, ودعهما الرصيد الثقافي العروبي المتجدد بالكثير من, الادباء والمفكريين والكتاب, وغير ذلك اني اقرأ فيها بؤسنا نحن " العراقيون " حين يفوت الجهل والانقسام الديني فرصة الاتيان بثورة عظيمة كالثورة المصرية, او حتى ان يسمح لنا بمقف نتوحد فيه على كلمة سواء بيننا . الثورة المصرية انقذتنا, بعد طول تدجين لمشاكلنا التنموية والبشرية , كوننا عربا ومسلميين, من تهمة فقداننا لاهلية التطور, بأعتبارها جينا غريبا على موروثاتنا الحياتية والثقافية, ومثلما يكتنف كل الثورات, من اخطاء, الا انها على الاقل كانت خطوة بالاتجاه الصحيح .
ما زال الاخوان ومناصريهم "ينبزون" العسكر والليبراليين والعلمانيين, بالانقلاب على الشرعية, وخيانة مبادئ الديمقراطية, التي يدعون اليها, المفروض ان يلجم ذلك لسانهم, وابسط المتحذلقين يمكن ان يضع, اي رد من قبلهم على انها تبريرات وموقف ايدولوجي – اصولي من الاسلاميين, ووجدت نفسي محرجا بالوقوف مع اسقاط حكم الاخوان, وكنت مع امهالهم الفرصة, فالنموذج الاردوغاني الاخواني شاهدا على نجاح الاسلاميين, وهذا ما لايمكن نكرانه, لكن لتركيا وضعها الخاص وظروفها الموضوعية, ونجاح حزب العدالة والتنمية التركي كان مرهونا بمئة عام من المبادئ الاتاتوركية الشديدة. اما اخوان مصر فقد ظهروا فجأة, حتى انهم لم يتصورا ان الديمقراطية قد تنقلهم الى الحكم , لذلك تصرفوا على اساس انقلابي او تفويض الهي, وهي الطريقتان التي دفعت بالسلوك الاخواني, الى منطقة التخبط, والهياج الاسلامي, وبدت شرعية حكم الاخوان رغم ديمقراطيتها قد سخرت من العقل المصري بنتائجها. ان التفويض الديمقراطي بالحكم لا يعني ان يفعل الحاكم ما يشاء, فهذه ديمقراطية رخيصة تلك التي تدفع بلا ديمقراطيين الى الحكم, و المضحك ان الاسلامين والاخوان صدقوها, باعتبارها نصر من الله, وربما لم يكن ليحلموا بهكذا "ديمقراطية" قنن اصحابها الاوربيين بادءا ممارستها, مراعين عدم نضوج الوعي الديمقراطي, ففي فرنسا لم يحق للنساء التصويت الا بعد الحرب العالمية الثانية, وبريطانيا لم تسمح الا لعلية القوم والنخبة ونسبة ضئيلة من الشعب الانكليزي, للتصويت والان الدولتان من اعرق الديمقراطيات في العالم, لانهم حاولوا ان يفهموا ويِفهموا الديمقراطية, لا يأخذون الناس على عمى قلوبهم, فهذا العمى هو الرصيد الانتخابي لانتصار الاسلاميين العرب. لم يفرق مرسي بين رؤية الدولة المدنية للحكم وبين الرؤية الحاكمية الاسلامية التي روج لها الفكر الاخواني عبر تاريخه والتي راح ضحيتها اخيرا. حتى النجاح الاخواني الاردوغاني, وانفتاحه على الحداثة, الذي خفف كثيرا من اصوليته, كان مجيرا لقوة الجيش التركي, الحامي للقيم العلمانية, وربما كان انخراطهم الطويل في العمل السياسي وتفاعلهم مع الديمقراطية, ساعدهم على الانفتاح في مجال تطبيق الشريعة الاسلامية, لكن يبقى المسكوت عنه داخل الايمان السياسي الاخواني التركي رهين الظروف , فقد تفاعلوا, بشكل سلبي ومخيف مع السعار المذهبي الذي يعصف بمنطقة الشرق الاوسط.
لا يمكن ان تكون تلك صدفة, فأوربا مشت بأحذية الثورة الفرنسية على الفكر الديني الغنوصي للكنيسة, والجزائر تنقذ نفسها في اللحظة الاخيرة, من الجبهة الاسلامية للانقاذ, عندما سحقت مدرعات الجيش الجزائري, صناديق الاقتراع, التي رفعت الجبهة الى السلطة في العام 1991. وقبل عام يطيح الجيش والكثير من المصريين, بحكم الاخوان. فهل الطريق الى الحرية والعدالة الاجتماعية, مشروطا بتلقين اصحاب الدين السياسي والكهنوت, دروسا في احترام الانسانية, واحترام قيم المساواة بين الناس مهما كانت تبعيتهم الدينية والقومية. احتكرت الرؤية الدينية تفسير التاريخ والعالم,وهي رؤية موصولة الى السماء, ويروج المستفيدين من تلك الرؤية, على انها تمثل الارادة الالهية, التي يجب ان تنصاع اليها البشرية, متجاهلين حتمية التطور العقلي الانساني, الذي ظل يشاكس تلك الرؤية, على يد الفلاسفة والزنادقة والملحدين واصحاب النزعة الصوفية, ثم جاءت الضربة القاضية على يد علماء ومفكري عصر النهضة الفكرية في اوربا. حيث كانت الظروف مواتية لستراتيجية " مسك الواقع" حيث يد الانسان من تتحكم بمصيره, لا يد الله التي فوضها لزمرة من المخادعين.



‏الإثنين‏، 27‏ كانون الثاني‏، 2014


[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - متابعة
ali ( 2014 / 2 / 9 - 09:40 )
الموضوع للاختبار


2 - متابعة
ali ( 2014 / 2 / 9 - 09:44 )
الموضوع للاختبار

اخر الافلام

.. في يوم العمال..توتر واشتباكات بين متظاهرين والشرطة التركية


.. اشتباكات بين الشرطة التركية ومتظاهرين احتجاجا على إغلاق ميدا




.. اشتباكات في حرم جامعة كاليفورنيا بين مؤيدين لإسرائيل ومتظاهر


.. اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين لإسرائيل وآخرين مؤيدين لفلسطين




.. أنصار إسرائيل يعتدون على متظاهرين مؤيدين لغزة بجامعة كاليفور